يُجمع اقتصاديون ورجال أعمال وخبراء اجتماع وأصحاب مصالح عراقيون على الزيادة المفرطة في عدد العطل والإجازات، ما يضّر بالاقتصاد ويثير استياء المواطنين الذين يسعون إلى إكمال معاملاتهم الرسمية في ظل نظام إداري تقليدي متخلف.
وسيم باسم من بغداد: يخمّن الخبير الاقتصادي كريم لفتة خسارة العراق من العطل بنحو 25 مليون دولار في الاسبوع الواحد، بسبب انخفاض الانتاجية وارتفاع نسبة الارتباك في سوق العمل، وتأخر برامج الدوائر والمؤسسات الرسمية، ولا سيما أن نظام العمل العراقي في الوقت الحاضر يتميز بقلة عدد ساعات العمل الفعلية، مقارنة بمعدل ساعات العمل المتعارف عليه في دول العالم.
يضيف: "في الكثير من مرافق العمل، ينتهي الدوام الرسمي في الساعة الثالثة، ما يضعف الانتاجية والقدرة على المنافسة".
تنظيم الوقت
يشير توفيق سهيل، الخبير في شؤون العمل والإنتاج، إلى معادلة يعرفها الجميع، "وهي العلاقة العكسية بين الانتاجية والعطل، وان ضرر الإجازات على الاقتصاد كبير جدًا، ناهيك عمّا يتخلل اوقات العمل في الاصل من ساعات بطالة مقنّعة".
ويقترح سهيل، الذي زار دولا اوروبية عدة واطلع على برامجها في تنظيم الوقت، إعادة النظر في أعداد العطل في العراق، موصيًا بالاعتدال في الاجازات، ولا سيما أن العراق يتحضر للدخول في منافسة عالمية شرسة حول نوعية وكمية الانتاج.
يتابع: "الانتقال إلى اقتصاد السوق يتطلب تأهيل الكادر العراقي على العمل النوعي، لتعزيز القدرة التنافسية وزيادة الانتاج، وفي الحالات التي يتوجب فيها منح إجازة كما هو الحال في المناسبات الدينية، فان على المتمتع بالإجازة تعويضها، منعا للتسيب وزيادة في الانضباط في العمل والإنتاج".
تعويض ساعات العمل
اعلن البنك المركزي العراقي أخيرًا أن البلاد بحاجة إلى تشريع لتعويض ساعات العمل المفقودة بسبب العطل الرسمية، في وقت بلغت فيه نسبة البطالة التي أعلنتها وزارة التخطيط 11 بالمئة.
وكان مشروع قانون العطلات الرسمية في العراق، الصادر في العام 2008، ألغى ثلاث عطل رسمية كانت موجودة قبل عام 2003، وحدّد يوم 3 تشرين الاول ليكون العيد الوطني للعراق، وتم إقرار يوم 15 شعبان عطلة رسمية، اضافة إلى تثبيت عطل ايام الاعياد والمناسبات الدينية.
وترى الباحثة الاجتماعية لميعة عامر أن قانون العطل الرسمية منح العراقيين 150 يومًا من العطل الرسمية، وهو معدل مرتفع اذا ما أضيفت اليه العطل الدينية الكثيرة والطويلة.
وترى لميعة أن الاجازات والعطل الكثيرة في العراق تحوّل العراقي إلى فرد كسول، ما يتطلب تحقيق التوازن بين المتطلبات على اختلافها. وتتابع: "حتى الطلاب والتلاميذ ينتابهم السأم والضجر بسبب كثر العطل".
سبعة أيام
الأمر لا يقتصر على القطاع الحكومي فحسب، كما يقول امير خلف، مالك معمل عصائر: "في العطل الطويلة، نضطر إلى تعطيل عملنا بالتزامن مع غلق الكثير من المرافق الاهلية والحكومية لتصبح العطلة أمرًا مفروضا".
ويعترف خلف انه في الشهر الماضي اضطر إلى إغلاق معمله شهرًا بسبب الاحتفالات الدينية في ذكرى مناسبتي عاشوراء وأربعينية الامام الحسين.
ويتابع: "اضافة إلى عطلة الاربعينية، كان هناك عطلة اضافية بسبب الامطار التي أغرقت بغداد والمدن الاخرى، كما صادف ايضا ذكرى تأسيس الجيش العراقي ما اضطر اغلب الدوائر الحكومية والأهلية الى التوقف لنحو شهر.
وفي عيد الاضحى في العام 2012، طالت الاجازة سبعة ايام. يقول سهيل: "لم يحدث ذلك،حسب علمي، في أي بلد من العالم. "
جوانب ايجابية
على الرغم من أن الباحثة الاجتماعية سهير الدجيلي ترى أن للإجازات جوانب ايجابية تتمثل في حاجة الاسر إلى التنزه والتجمع العائلي ولمّ الشمل وأخذ قسط من الراحة بعد اسبوع عمل طويل، الا أن الاجازات الطويلة تؤثر بالتأكيد في الاقتصاد، وتعد علامة سلبية تتوجب معالجتها.
الجدير بالذكر أن معاناة المدارس والمؤسسات المختلفة اضافة إلى المواطن من كثرة العطل وطولها، تكون أكبر في المدن التي تضم العتبات المقدسة حيث غالبا ما تتمتع هذه المناطق بعطل (دينية) اخرى اضافة إلى العطل الرسمية.
وفي هذا الصدد يقول خالد مرعي، نقيب المعلمين في كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد) إن كثرة العطل المدرسية نتيجة الزيارات المليونية التي تشهدها المحافظة تؤثر بشكل كبير في العملية التربوية.
ومنذ تأسيس الدولة العراقية، اعتاد العراقيون التمتع بيوم واحد في الاسبوع كعطلة وهي الجمعة حتى العام 2003، حيث اضيف اليها السبت ايضا، لتصبح العطلة يومين في الاسبوع.
واعتاد العراقيون التمتع بعطل تقليدية، شأنهم في ذلك شأن الكثير من الدول العربية والإسلامية مثل عطلة عيدي الفطر والأضحى، والعاشر من محرم، يضاف إلى ذلك عطل في مناسبات وطنية مثل عيد الجيش وعيد العمال، كما اضيفت عبر العهود المختلفة عطل تتبدل بتغير النظام السياسي.
700 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع