العراقيون قلقون من الجيوش غير الشرعية... بينما جيش البطالة يتزايد

  

العراقيون مستاؤون من تفريخ الجيوش غير الشرعية، أخرها جيش المختار، ويشكون غياب الخدمات العامة وتراجع هيبة الدولة، وارتفاع عديد جيش العاطلين عن العمل.

إيلاف/بغداد/ عبدالجبار العتابي: أبدى العديد من العراقيين استياءهم البالغ مما يسمعونه عن تشكيل الاحزاب المتناحرة في العراق جيوشًا جديدة، مؤكدين أن البلد لا يحتاج إلى جيوش بقدر ما يحتاج إلى خدمات ومصانع لتشغيل جيوش العاطلين والفقراء، مستغربين أن ينخرط الشباب في هذه الجيوش بعد أن ذاق العراقيون المرارات كلها من الحروب العبثية على مدى أكثر من 20 عامًا.
وأكد عراقيون انهم باتوا يشعرون باليأس مما يجري في البلاد، بعد أن اصبحت الاحزاب والتيارات تؤسس الجيوش لقتال بعضها بعضًا، فيما الخدمات مهملة وشؤون الناس بعيدة كل البعد عن انظار القائمين، مذكرين بالفقر الذي يعاني منه الكثير من العراقيين والبطالة التي ما زالت بلا حدود، فضلًا عن جيوش الارامل والايتام والمشاكل التي لا تعد ولا تحصى، فيما اشار اخرون إلى أن كثرة المشاكل في البلاد هي التي تدفع الشباب بالقبول بآخر الحلول وأمرّها، وهو الالتحاق بالميليشيات والعصابات.
وتجيء هذه التفاعلات بعد ايام من الاعلان عن تأسيس جيش المختار، الذين سيكون ضمن جيوش أخرى تحفل بها الساحة العراقية وتستقطب اليها الشباب العراقي.
 
إلى أين؟
أعرب الاستاذ الجامعي الدكتور محمد الشمري عن قلقه مما يجري على الساحة العراقية من تجييش للجيوش واهمال لمصالح الناس.
وتساءل: "إلى أين نحن ذاهبون ؟ فبعد جيش محمد وجيش عمر وجيش المهدي وجيش العراق الحر، يولد جيش المختار، وهكذا نحن مستمرون في الثرد بجانب الصحن، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا مجاري للصرف الصحي، وما زال الفقراء يتضورون جوعًا، ويصلون ليل نهار صلاة الاستجفاف، بعدما صارت الغيمة تخيفهم أكثر من الصاروخ، ومع ذلك نحن مستمرون بالتعبئة وتشكيل الجيوش... إلى أين؟".
 
توجه خطير
اما الكاتب والصحافي محمد محجوب فقد اكد أن تأسيس الجيوش توجه خطير لا يحقق المصلحة لأحد، مشيرًا إلى الشعور بالقلق الذي صار يشعر به العراقيون منها.
قال: "لا توصيف قانوني للجيوش غير الشرعية في الدستور والقوانين النافذة، لا في العراق ولا في اي بلد آخر، ولهذا تعد ميليشيات خارجة على القانون، تظهر في أوقات ضعف الحكومات، وعندما تكون الدولة هشة ورخوة وغير قادرة على حماية أرواح وممتلكات مواطنيها، لكن علينا أن ننتبه إلى قضية في غاية الأهمية، وهي لماذا ظهرت الدعوة إلى تشكيل جيش المختار في هذا التوقيت بالتحديد؟"
أضاف: "هناك شعور بالقلق لدى قطاع واسع من العراقيين من عودة الحرب الأهلية، وهي بالتالي محاولة للتلويح بأمكانية تحقيق توازن رعب في مثل هذا النوع من الصراعات الأهلية، والصحيح هو دعم الأجهزة الأمنية والعسكرية في مواجهة الجماعات الأرهابية التي تنتعش آمالها من جديد على أيقاع التظاهرات التي تشهدها مدن شمال وغرب العراق".
 
توازن الرعب
وتابع محجوب قائلًا: "في سنوات الفتنة الطائفية، صرنا نسمع عن جيوش كثيرة للجماعات الأرهابية، وفي ظل ضعف الحكومة حينذاك، راحت تفتك بالمدنيين الأبرياء، وكنت حينها أتساءل لماذا لا تظهر جيوش مقابلة؟ فهذا هو القانون الطبيعي في مثل هذا النوع من الأحداث الذي قرأنا عنه في كثير من الصراعات الأهلية؟".
وقال: "ظهر جيش المهدي، الذي أستطاع بالرغم من الأخطاء الكثيرة التي أرتكبها أن يحقق عامل توازن الرعب على الأقل في العاصمة بغداد، من هنا لا بد أن ننظر إلى الدعوة إلى تأسيس ما يسمى بجيش المختار، وعندما تتصرف الحكومة بقوة وأقتدار مع الأرهاب، اي عندما يشعر المواطن بالثقة بقدرات الأجهزة الأمنية، فلن يبحث بعد ذلك عن تأسيس جيوش غير شرعية".

لكل عشيرة جيشها
عبّر المواطن حميد ناصر، الموظف في وزارة النقل، عن تخوفه من تكاثر الجيوش في نوع من ردود الفعل على تأسيس جيوش اخرى.
وقال: "ما يحدث في العراق هو فعل ورد فعل، وبحسب ما أكد مؤسسو جيش المختار أن تشكيله جاء للوقوف بوجه الجيش الحر، وبالتأكيد هذا الاجراء سيلحقه اجراء آخر من أخرين، فيكون لكل عشيرة جيشها، ولكل محافظة ولكل مجموعة جيشها، ويتحول العراق إلى مجموعة جيوش تتقاتل في ما بينها، تلغي هيبة الدولة وتمضي بنا إلى التقسيم".
 
جيش العاطلين
اما المحامي شكري فاضل، فقد أعلن صراحة شعوره بالرعب، موضحًا أن جيش العاطلين قد تحول إلى جيش مسلح، مهمته القتال بعدما كان من المفروض أن تكون مهمته البناء والاعمار.
قال: "اشعر بالرعب كلما اسمع كلمة جيش في العراق، بعد أن ذقت الويل من الجيش العراقي السابق، وعشنا عذابات الحروب العبثية، وكنا نتمنى أن نخلص من الملابس العسكرية ونندمج في الحياة المدنية التي نطمح اليها بعد تخرجنا من الجامعات، لكن يبدو أن قدرنا سيء، وها نحن نعيش عسكرة المجتمع العراقي ثانية، وصرنا نخشى على ابنائنا أن يضطروا إلى الانتماء إلى هذه الجيوش بحجة معينة.
أضاف: "اعتقد أن لا احد يحب أن يعيش حياته عسكريًا، لكن الظروف هي التي قد تجبرهم، فهناك جيش من العاطلين عن العمل يعيشون في ضياع، وحين لا يجد واحدهم فرصة للعمل الشريف يكون أداة بيد المتطرفين والميليشيات، فهو يريد أن يعيش ويعيل عائلته".
 
خراب البلد
اما المواطنة سمراء عبد المعين، وهي موظفة حكومية، فقد لعنت الجيوش التي لا لا تدافع عن حدود الوطن وسيادته، مشيرة إلى أن اكثر ما يخرب البلد هو الميليشيات، فقالت: "استغرب أن ينتسب شبابنا إلى الميليشيات، وهم الذين يرفضون الخدمة الالزامية في الجيش النظامي، شيء عجيب والله، أي حلاوة في جيش غير شرعي أو طائفي، إلا لعنة الله على كل جيش لا يدافع عن الوطن وحدوده وسيادته، فهذه الميليشيات هي سبب خراب البلد".
اضافت: "بدل أن تنفق هذه المبالغ على الاسلحة، الأجدى إنفاقها من أجل الناس، حتى لو تصدقوا بها على الفقراء والمحتاجين، وما شاء الله نحن لدينا الفقر في مستوى عالي جدًا".

مشروع للقتل
اكد الطالب الجامعي جمال ايشو أن الجهل الذي يسود البلد هو الباب الذي تدخل منه الطائفية إلى قلوب الشباب، "فيتبنون أفكارًا من دون دراسة وتمحيص، ولا توقف عند نتائجها".
وقال: "ليس اسوأ  من عسكرة المجتمع، وانتهاك قوانين الدولة، وعدم تطبيق القانون، والبلد الذي تكثر فيه المليشيات والجيوش غير الشرعية لا حاضر له ولا مستقبل، وحين يسود الجهل في البلد يكون بابًا للاحتراب الطائفي والقومي، وانا أأسف لأن شبابنا لم يتعظ من دروس الماضي".
أضاف: "لما اسمع عن ظهور جيش أو ميليشا اضع يدي على قلبي، لأنني اعرف أن القتل هو الذي يراهن عليه المنتمين إلى هذه الجيوش، بينما تقديم الخدمات للناس والنظر إلى شؤونهم ومصالحهم صار ابعد ما يكون، يا اخي... بدل أن تؤسس جيشًا تقتل به ابناء شعبك، افتح مصنعًا لكي يشتغل فيه العاطلون على العمل".

أضغاث أحلام
من جانبه، رأى المواطن قاسم جبر أن هذه نتيجة طبيعية لما يحدث، "فالفوضى تضرب اطنابها في ارجاء البلد، وهيبة دولة المؤسسات غير موجودة، ولا صوت يعلو فوق صوت الميليشيات والعصابات والعشائر".
يقول: "هذا نتاج تركيبة السلطة ونظام المحاصصة، الذي همه الوحيد الكرسي والثروة، اما سيادة القانون والتنمية البشرية والارتقاء بالوعي الاجتماعي فهي اضغاث احلام لا أكثر"..

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

543 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع