اقتحام الجيش لساحة الاعتصام في الحويجة
يتخوف العراقيون من تداعيات الهجوم على المتظاهرين المناهضين للحكومة في الحويجة والرمادي، وعبر العديد منهم عن قلقه من الدخول في مواجهات طائفية تقود إلى تقسيم البلاد.
إيلاف/ وسيم باسم/بغداد: أثارت الهجمات التي شنتها القوات الأمنية على المتظاهرين المناهضين للحكومة في الحويجة والرمادي قلق العديد من العراقيين الذين عبّروا عن تخوفهم من أن تتحول هذه المواجهات إلى اقتتال شرس يذكّر بالأحداث الطائفية التي شهدها العراق بين 2006 و 2008 لا سيما في بغداد.
مواقع التواصل ساحة للفتن
وينتقد المواطن ليث السلطاني (مدرس) من المحمودية، عمليات الشحن الطائفي على مستوى الشارع، وفي وسائل الاعلام. و يضيف: أتابع مواقع التواصل الاجتماعي وأجد أنها اصبحت ساحة لتأجيج الفتنة الطائفية بين العراقيين.
وتابع: "في موقع يوتيوب تم نشر عشرات مقاطع الفيديو حول احداث الحويجة وتظاهرات الرمادي، والتعليقات عليها تدل على أن الفتنة الطائفية أصبحت واقع حال في العراق.
ويقول السلطاني "لا يمكن أن ندفن رأسنا في الرمال، فقد عمّق الهجوم على المتظاهرين في الحويجة الخطاب الطائفي ونحن نسمعه في كل لحظة". ومن وجهة نظر السلطاني فإن القوات الأمنية أوغلت في استخدام القوة ضد المتظاهرين لكنه يستطرد قائلاً "اعتقد ان بعض المتظاهرين استفزوا القوات الأمنية".
نحو التقسيم!
ولا يستبعد حميد حسين (مدرس) من النجف بعد تصاعد هوة الخلاف بين المتظاهرين في الرمادي والموصل والحويجة من أن يؤدي ذلك إلى نقطة فاصلة باتجاه التقسيم يصعب عندها الرجوع إلى الخلف. لكن حسين يرجح ألا يصل الامر إلى هذا الحد، لأنه سمع من رجال دين ونخب تقود التظاهرات أن الغرض من الاحتجاجات تلبية المطالب وليس الانفصال.
ومنذ الثلاثاء الماضي تصاعدت المناوشات بين القوات الأمنية في المحافظات التي تسكنها غالبية سنية، بعدما اقتحمت قوات حكومية ساحة اعتصام في الحويجة.
وجهة نظر عسكرية
ضابط الشرطة العقيد احسان علي من المحمودية، يرى أن تمكّن مجموعة من المسلحين من السيطرة على ناحية سليمان بيك (150 كلم شمال بغداد) في محافظة صلاح الدين يعتبر انتكاسة أمنية وعسكرية بغض النظر عن التفاصيل.
ومن وجهة نظر عسكرية بحتة، يرى علي أن "هذا ما كان يجب أن يحدث لأنه يمثل خللاً أمنياً واضحاً ودلالة على قدرة المسلحين على بسط نفوذهم على الارض، بينما كانت بيانات الدفاع والداخلية في العراق تؤكد دائمًا أن الجماعات المسلحة فقدت زمام المبادرة نهائياً".
الدين لحل الأزمة
رجل الدين علي الحسيني من بابل لا يود الخوض في تفاصيل ما جرى وأسبابه، قائلاً إن الامر قد وقع، ويتوجب في هذا الظرف مساعدة الدولة على تجاوز الأزمة عبر تبني خطاب عقلاني يكبح تصاعد العنف، للحيلولة دون امتداد لهيب الفتنة الطائفية.
من جانبه، يقول كريم عبد الله ويعمل معلماً في مدرسة ابتدائية في النجف ، إنه يعتقد أن الحكومة نفذت الكثير من مطالب المتظاهرين، لكن ذلك لم يحرز نتيجة واستمر المعتصمون في رفع سقف مطالبهم. ويتابع: "هناك حقوق مشروعة لكنها استُغِلّت من قبل، من قبل نخب سياسية وتنظيمات مسلحة".
وبحسب كريم، فإن الحل الامثل لتجاوز الأزمة هو تدخل المرجعيات الدينية الشيعية والسنية، كحكماء يضعون بنود انهاء الازمة بالكامل.
ويشهد العراق، منذ كانون الاول (ديسمبر) الماضي تظاهرات مناهضة للحكومة، تطالب بإلغاء قانون مكافحة الارهاب واطلاق سراح السجناء، والغاء قانون اجتثاث البعث، كما رفع بعض المتظاهرين سقف مطالبهم إلى حد مطالبة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالاستقالة.
ويثمّن علاء القاضي (كاتب) من كربلاء مبادرة الوقف السني والشيعي في طاولة حوار، لوضع حد للتدهور السياسي والأمني عقب أحداث الحويجة، حيث يعتبرها "رصاصة في صدور أصحاب الفتنة والأجندات الخارجية". ويقول: "السياسيون فشلوا كعادتهم في الاجتماع لحل الازمة والأمل أن ينجح رجال الدين في ذلك".
"جريمة" الحويجة
الباحث الاكاديمي في العلوم السياسية عبطان العلواني يصف حادثة الحويجة بـ"الجريمة"، ويرى أنها ما كانت لتحدث لو أن الحكومة العراقية أبدت تفهمًا أكثر لمطالب المتظاهرين في الأنبار وصلاح الدين. ويتابع: "السياسيون لن يحلوا المشكلة لأن اغلبهم يهادنون الحكومة والحل بيد شيوخ العشائر والوجهاء ورجال الدين".
ويرى العلواني أن القوات الحكومية اخطأت حين حوّلت مكان اعتصام سلمي إلى ساحة حرب.
واعتبر الكاتب والإعلامي فلاح المشعل في تدوينة له على فايسبوك أن أحداث الحويجة وتداعياتها وتطوراتها تترك جرحًا نفسيًا في ضمير كل عراقي يتطلع للسلم والمصالحة والتآخي الوطني من أجل اخراج البلاد من أزماتها المتفاقمة.
ودوّن المشعل ايضًا "احداث الحويجة افرغت العملية السياسية من ادعاءات الديمقراطية وهي ترى الحكومة تنتهك حقوق الشعب وتعمد لقتل ابنائه بدم بارد. شعور الكراهية والتحدي هو الذي دفع صاحب القرار إلى هذا التصرف الأحمق الذي احدث شرخًا مضافًا في جسد الخلافات والصراعات والثارات، كما ورط الجيش العراقي في الخوض بأمور ليست من اختصاصه، كما يؤكد على ذلك الدستور.
وكانت للإعلامي إياد الزاملي ردة فعل على الأحداث، فكتب في صفحته على فايسبوك: "المالكي لم يعِ التداعيات المستقبلية التي قد تحصل عندما امر باقتحام ساحة اعتصام الحويجة وراح يشيع، أن استعادة هيبة الضابط والجندي هي من اولوياته ونسي أن استعادة هذه الهيبة لا تأتي بإراقة الدماء بل بالاحترام الذي سيفوز به من الشعب".
ويضيف: "ها هي اليوم الأنباء تتحدث عن سقوط قضاء سليمان بيك وسيدفع الأهالي هناك ثمن حماقة ورعونة اقتحام ساحة اعتصام الحويجة دون الالتفات لما سيحصل بعدها... وليس غريبًا أو مفاجئًا إن سمعنا بعدها سقوط منطقة الدورة بيد المسلحين أو الرضوانية أو ابو غريب لأن فعلة المالكي الأخيرة جعلت كل الاحتمالات مفتوحة".
727 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع