حصار إيران وحرب سوريا عززا سوق العملات المزورة في العراق

  

الدينار أكثر تزويرًا من اليورو والدولار، وهذا ما أفقد الثقة به، والسبب حصار إيران وحرب سوريا وتدفق العملات المزورة عبر الحدود. أما الحل فبتعزيز القدرات الرقابية وتحصين العملة المحلية بطبعات يستحيل تزويرها.


إيلاف/ وسيم باسم/بغداد: تنتشر العملات المزورة في العراق على نطاق واسع، فيجد المواطن العراقي نفسه مضطرًا إلى الحذر في تعاملاته المالية، في ظل عجز الجهات الرقابية عن سد منافذ تهريب العملة المزورة أو تصنيعها.
 
ولا يشك الباحث الاقتصادي امين الحسني أن يكون وراء التعامل بهذه العملة جهات نافذة، تعمل مع شبكات تهريب تتجاوز البعد المحلي إلى دول الجوار. وتتمثل هذه الجهات النافذة في عصابات ترتبط بأحزاب ومسؤولين، تعمل بسرية كجزء من عمليات الفساد التي تكتشف كل يوم.
يضيف: "يحرص المفسدون على عدم الكشف عن عملياتهم ثم نسمع بفرارهم المفاجئ من العراق".
 
ويعتقد الحسني، من دون أن يسمي اسماء معينة، أن دول الجوار تغض النظر عن عمليات التهريب، إن لم تكن مشتركة فيها. ويرى أن ما يقلق في الظاهرة هو اتساعها بمرور الوقت، مع ظهور علامات بحبوحة اقتصادية وسيولة نقدية نسبية في جيب المواطن.
 
تزوير بإمكانات كبيرة
في غياب تقنيات اكتشاف التزوير، يصبح الحد من انتشارها امرًا صعبًا. ففي الشهر الماضي، انتشرت بشكل مثير للانتباه عملة محلية مزورة من فئة عشرة آلاف دينار عراقي. ونسبة التزوير في الدينار العراقي اوسع بكثير من تزوير العملات الاجنبية كالدولار واليورو.
بعد الغزو الأميركي للعراق في العام 2003، اصدرت سلطة الائتلاف المؤقتة  دينارًا عراقيًا جديدًا  طُبِع في مطابع ديلارو في بريطانيا، وكانت طباعتها ذات مواصفات جيدة يصعب تزويرها.
 
يقول الحسني: "في الكثير من الاحيان، يعتمد المواطن على التجربة في اكتشاف التزوير، لكن نزول طبْعات مزورة بتقنية متقدمة يدل على أن المزورين يطوّرون عملياتهم، ولابد أن تقف وراءهم دول او عصابات بإمكانيات جيدة".
 
وفي الشهر الماضي، قبضت الاجهزة الامنية على عصابة مختصة في تزوير العملة، في محافظة صلاح الدين، وبحوزتها 130 ألف دولار مزورة، بحسب مصادر الداخلية العراقية.
 
وفي آذار (مارس) 2013، ضبطت  القوات الامنية مطبعة لتزوير العملة وسط مدينة الناصرية .
 
ضعف رقابي
يؤكد عماد النجار، الموظف في مكتب الصيرفة العالمي ويسترن يونين في بابل، أن التزوير لا يشمل العملة المحلية فحسب، ليتعداه إلى تزوير العملات الصعبة مثل اليورو والدولار، العملتان اللتيان يتم تداولهما كعملة محلية.
يضيف: "تزوير هذه العملات يحتاج إلى جهد تقني وإداري متقدم، وبإمكانيات عالية، وهذا يطرح السؤال عن الجهات التي تقف وراء التزوير".
 
ضابط الشرطة احمد فاضل يرى أن عمليات التزوير تتجاوز اهداف الاثراء غير المشروع إلى اغراض اخرى تتجسد في تخريب اقتصاد البلاد.
 
يقول: "القبض على افراد عصابات التزوير لا يتناسب مع حجم انتشار الظاهرة، وهذا يدل على عجز رقابي وفني في القاء القبض على هذه المجموعات في الوقت المناسب، اضافة إلى العمليات المتقدمة والمتطورة لهذه الجماعات".
 
وبحسب فاضل، ما يزيد من تعاظم المشكلة غياب الوعي الامني، "فحين تقع بين يدي المواطن عملة مزورة لا يبلّغ عنها للشرطة، والابلاغ عنها فورًا لا يتبعه أي اجراء بسبب صعوبة التحري، لتصبح عملية القبض على المزورين ضربًا من المُحال في الكثير من الحالات، وتشمل فقط بعض الجماعات العابرة للحدود وبعض المهربين عند نقاط التفتيش او عند مداهمة اوكار التزوير".
 
العبرة في الخبرة
يعترف التاجر مظفر سعيد أنه وقع ضحية التزوير بما مجموعه نحو ثلاثة آلاف دولار خلال سنة، وقعت بين يديه من تعاملاته اليومية في البيع.
 
يضيف: "لم استطع وقتها اكتشاف التزوير، فقد كان على درجة عالية من الجودة".
 
وفي ذات الوقت، يؤكد النجار أن ما مجموعه عشرين الف دولار تُكتشف سنويًا في التعاملات اليومية للمكتب.
 
وفي الكثير من الاحيان، تجد عصابات التزوير في البنوك ومكاتب الصيرفة البعيدة عن العاصمة فرصة لتبييض اموالها المزورة، حيث تقل الخبرة في اكتشاف التزوير، اضافة إلى أن التقنيات ليست كالموجودة في العاصمة.
 
وفي الوقت الذي اكتشف فيه رعد هادي، صاحب مكتب صيرفة في الكاظمية في بغداد، بأنه كان ضحية تزوير لنحو الفي دولار، سارع لاقتناء جهاز كشف  العملات.
 
يقول: "لا اعرف كيف فاتني اكتشاف التزوير، فأنا خبير في هذا المجال، وغالبا ما يعتمد البعض على خبرتي، لكن نوعًا جديدًا من العملة المزورة بتقنيات عالية دخل إلى السوق ويصعب اكتشافه".
 
إيران وسوريا
يؤكد الخبير المالي فاضل فليح، الذي يتمتع بخبرة ثلاثين سنة في المصارف العراقية، أن المواطن العراقي اعتاد تصريف العملات النقدية في أماكن غير مرخصة من البنك المركزي، ما يساعد على انتشار التزوير بسرعة أكبر.
 
واحد الاسباب التي يُرجِعها فليح في انتشار تزوير العملات الصعبة، الحصار الاقتصادي في ايران والحرب في سوريا، إذ اتاحا انتشار التزوير العابر للحدود بين هذه الدول مما يلقي بظلاله على الاقتصاد الوطني.
 
ويؤكد فليح أن التزوير في العملة العراقية اوسع انتشارًا من تزوير الدولار او اليورو، ما يشوه سمعة الدينار، وهذا احد اسباب ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار خلال الفترة الماضية، بسبب زيادة الطلب على شرائه.
 
ويرى فليح أن الحل بأيدي الجهات الامنية والرقابية التي يتوجّب عليها مكافحة عصابات التزوير، كما أن الامر يتعلق بالجهات الفنية التي يقع على عاتقها توفير فئات نقدية عراقية بتقنيات متقدمة يصعب تزويرها.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

750 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع