حمام في الهواء الطلق ببغداد، يقف تحت مرشته الباردة كل من نال منه الحر والتعب والعطش ليرتاح، لكن الأطباء يحذرون من ضربة الشمس القوية التي تصيب الرؤوس المبللة.
إيلاف/ عبدالجبار العتابي/بغداد: مع تصاعد درجات الحرارة في العراق هذا الصيف اللاهب الذي تزامن مع شهر الصوم، فإن الحاجة دفعت إلى اختراع ظريف للتخفيف من شدة الحرارة التي تجاوزت خمسين درجة مئوية، تمثل في نصب حمامات مفتوحة في الشوارع.
ولم يجد مواطنو بغداد إلا أن يعلنوا عن دهشتهم بالابتكار الجديد للتخفيف من وطأة الحرارة، متفاعلين معه بشكل مثير. ففي العديد من المناطق العامة في العاصمة العراقية يوجد (دوش) نصبه اصحاب المحال التجارية، في مواقف كوميدية تناهض الوضع التراجيدي الذي يعيشه الناس، اكثر من أن يمنح الناس شيئًا من العطف أو تخفيف شدة الحر.
اغلب المارين يتوقفون قريبًا من هذا (الدوش)، ومن ثم ينسلون تحته لبعض الوقت وسط ضحكات وابتسامات المارة أو اصحاب المحلات القريبة. فهم يتصرفون بشكل عفوي ويأتون اليه لمجرد أن يتطاير رذاذ الماء على وجوههم، ما يخلق تنافسًا بين العابرين، أفرادًا أو جماعات، للمزاح والسخرية من واقع الحال، إذ يصوم الناس مع ارتفاع درجات الحرارة إلى حد يعتبرونه غير معقول، فضلاً عن تواصلهم في اعمالهم اليومية، وكسب أرزاقهم، فيما يحذر الاطباء من هذه الحمامات المفتوحة التي يمكن أن تصيب الانسان ببعض الامراض.
يستحق الشكر والثواب
يرى المواطن كريم عبد الحسين أن هذا الابتكار لطيف ويساعد على تخفيف الحرارة وقال: "على مسافة قريبة من هذا (الدوش) اعمل في السوق، ولانني صائم والجو حار جدًا فأنا احتاج إلى أن أبلل جسمي ورأسي الذي اشعر به يغلي من الحر".
وأضاف: "بصراحة الفكرة حلوة، فهي ليست لتخفيف حدة الحرارة فقط بل لأنها تخلق جوًا من المرح بين الناس، فحين أقف تحت الدوش يتطلع الكثيرون إليّ باستغراب وهم يضحكون أو يعلقون بعبارات طريفة".
اما المواطن علي عباس، الذي يعمل في محل لبيع المعجنات، فقد شكر الذي وضع الدوش معتبره ثوابًا، وقال: "اعتبر أن من وضع الدوش يستحق الشكر، وله اجره عند رب العالمين، فالجو الحار والناس صيام وكل من يمر لا بد أن يبلل يديه ويغسل وجهه، ولكن الرجال يقفزون تحته حتى تتبلل ملابسهم، وانا لا آتي اليه في الظهيرة بعد أن اشعر بالتعب والعطش، فأرتاح قليلًا".
وأضاف: "العراقيون يستهزئون بأنفسهم بطبيعة الحال، وهذا واحد من الوسائل، فالجو حار جدًا والكهرباء غير موجودة فيجدون أنفسهم يضحكون من أنفسهم، وهكذا ينتهي الوقت وتمر الايام بعد أن تعودنا على القهر والاحزان والتعب، ونحمد الله ونشكره".
تحذير طبي
اما احمد عبد الكريم، الموظف في وزارة الثقافة، فقد اعتبر حمامات الهواء الطلق طريقة ظريفة للتخفيف من حدة الضغط النفسي على العراقيين، وسط الاجواء السيئة لاحوالهم، وقال: "جميل فعلًا هذا الدوش، الذي شاهدته منذ أيام في طريقي إلى البيت من الوزارة، ووجدت أن العديد من الناس يقفون تحته ويبللون رؤوسهم واجسادهم، وكنت بصراحة استمتع بالمشهد، لأنه ينم عن روح السخرية عند البغداديين، وانا اعتقد أن هذا تعبير لطيف لإضفاء مسحة من المرح على واقعنا المزري، فالبغداديون يحتاجون إلى مثل هذه الاجواء التي تريح النفس خاصة في الاجواء المشحونة بالقلق والحرارة المرتفعة وصيام رمضان الذي ربما يعكر المزاج شيئًا ما".
إلى ذلك، حذر الطبيب جلال امير من هذه الحمامات الصيفية المفتوحة في هذا الجو الحار، فقال: "لا شك في أن الفكرة ظريفة وربما تساعد الناس بشكل معنوي اولًا على التأقلم مع الاجواء الحارة والصيام، وصحيح أنه يمنح بعض الصبر والانتعاش لوقت قصير، لكنّ هناك خطراً على الصحة، فالذي يبلل رأسه أو جسمه ومن ثم يتعرض لاشعة الشمس ربما يصاب ببعض الامراض ومنها التيفوئيد أو ضربة الشمس، وعلى الشخص الذي يبلل رأسه بماء الدوش أن لا يقف تحت أشعة الشمس".
1013 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع