إنتشرت في بغداد وعدد من المحافظات ظاهرة تعليق صور الزعيم الإيراني الراحل الخميني وعلى خامنئي، وأثارت هذه الظاهرة ضجة وسخطا كبيرين في عموم الأوساط العراقية، مستنكرين هذه الحالة التي لاتمت للوطنية بشئ وتثبت أن إيران باتت اللاعب الوحيد في الساحة العراقية.
وقد نشرت جريدة ((العالم)) التقرير التالي حول الموضوع:
بغداد - مصطفى ناصر:نفت كل من امانة بغداد ومكتب رئيس الوزراء صدور توجيه من دولة رئيس الوزراء نوري المالكي برفع صور الزعيم الروحي لايران الخوميني وخليفته خامنئي، بعد انتشارهما منذ اواخر أيام شهر رمضان في عموم شوارع بغداد.
كتلة العراقية والتحالف الكردستاني اعربتا عن استيائهما لعدم قيام الحكومة بواجباتها ازاء انتشار ظاهرة نصب صور رموز دينية غير عراقية في معظم شوارع بغداد، معتبرين ذلك منافيا لمبدأ العراق التعددي.
وفي حين اعتبر ائتلاف دولة القانون منع تعليق صور لشخصيات يُقدرها البعض من العراقيين، في بلد ديمقراطي، أمراً صعباً ومنافياً للحرية، حيث كشفت لجنة الثقافة والاعلام البرلمانية عن انتهاء اللجنة الحكومية الخاصة بتحديد الرموز الوطنية من اعمالها، مبينة انها ستضع تعليمات تحد من وضع الصور الارتجالية وتشويه الشارع العراقي.
وقال مدير المتحدث الاعلامي باسم أمانة بغداد صباح سامي، في حديثه مع "العالم" امس الاربعاء، "لم يصلنا اي توجيه من رئيس الوزراء، فالمعروف ان التوجيه في حال وصل مكتب الامين، سيتم توجيه دوائر البلدية بجميع القواطع ليتم تنفيذه"، مؤكدا ان "اي توجيه من قبل رئيس الوزراء سيكون قابلا للتنفيذ".
واقر سامي بوجود العديد من الصور المتجاوزة على الضوابط المعتمدة من قبل امانة بغداد، اذ بين ان "للامانة شروطا خاصة في نصب اللوحات الاعلانية لقاء اجور تحددها الدولة، وبخلافه يُعد عبثاً وتجاوزاً على شوارع بغداد"، مبينا ان "بعضها يحجب الرؤية عن السيارات ويسبب عرقلة حركة السير ويضر بالجزرات الوسطية".
وزاد "الامانة رفعت في وقت سابق العديد من اللوحات الاعلانية المتجاوزة على الضوابط والتعليمات" داعيا المواطنين الى اعتماد الذوق العام وعدم وضع قطع الاموات والصور في طرقات بغداد". وعدَّ سامي جميع الصور في مختلف مناطق العاصمة "تجاوزا حقيقيا على الامانة والشارع العام".
المستشار القانوني لرئيس الوزراء فاضل محمد، أكد "عدم وجود توجيه لرئيس الوزراء بهذا الخصوص".
وذكر في مقابلة مع "العالم"، أن "حديثا ربما يكون قد دار بين رئيس الوزراء وبين امين بغداد ليس الا"، مضيفا ان "التوجيه الرسمي يتم بشكل تنسيب تحريري وكتاب يصدر من مكتب رئيس الوزراء او الامانة العامة لمجلس الوزراء موجه الى امانة بغداد او اية جهة معنية اخرى".
واكد فاضل ان "وضع صور شخوص غير وطنيين يخالف السياسة العراقية، ونحن في غنى عن هذا الموضوع"، معربا عن امله ان "يتفهم الجميع العراق الديمقراطي التعددي وعدم لصق الصور كيفما اتفق".
وكانت بعض وسائل الاعلام اوردت انباء عن توجيه المالكي امين بغداد المستقيل صابر العيساوي برفع صور خميني وخامنئي من شوارع بغداد "لما لها من حساسية سياسية وشعبية".
وفي هذا الخصوص شهدت مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لازالة الصور بداعي منع تعليق مزيد من الصور غير الوطنية والتي لاتمت للعراق والعراقيين بأية صلة.
الكتل السياسية كانت لها مواقف شبه موحدة ازاء وضع صور رموز غير عراقية، لكنها اختلفت في آلية التنفيذ، فالقيادي في القائمة العراقية احمد المساري اعلن، في حديثه مع "العالم" امس، رفضه "تعليق اي صورة لرموز وطنية وغير وطنية"، مضيفا ان "العراق بلد تعددي يؤمن بكل المكونات وتعليق هذ الصور تحمل دلالات اخرى".
واكد المساري دعمه "لجميع المنظمات التي تطالب بكشف الجهات التي تعلق صورا لا تهم البلد"، كاشفا عن "وجود استياء في اوساط البرلمانيين من هذا الموضوع دون وجود اي تحرك جدي بهذا الاتجاه".
واعرب المساري عن امله "بوجود حراك برلماني للحد من هذه الظاهرة وفتح تحقيق لكشف الجهة التي تقف وراء ترويج هذه الصور".
وتابع ان "الحكومة هي المعنية بازالة هذ الصور، فحتى الان لم نسمع بوجود توجيه من قبل المالكي لرفع مثل هذه الصور من شوارع بغداد او غيرها من المدن في الوسط والجنوب".
اما القيادي في التحالف الكردستاني محما خليل فاعتبر "انتشار صور السيد الخامنئي دلالة على ان دول الجوار باتت لها اليد الطولى في الساحة العراقية".
وقال خليل لـ"العالم" أمس ان "الخلافات السياسية والازمات جعلت من موقف العراق اكثر ضعفا امام جميع الدول الاقليمية"، مضيفا "نحن نحترم رموز دول الجوار، ولكن على هذه الدول احترام مشاعر الجمهور العراقي متنوع الافكار والتوجهات ايضا".
واكد ان "من واجب الحكومة العراقية حماية شوارع بغداد، ومنع نشر مثل هذه الصور، فالحكومة معنية بتنفيذ القانون والدستور ورفع التجاوزات عن الشارع"، داعيا "اللجان البرلمانية الى اخذ دورها بهذا الشأن".
اما عضو ائتلاف دولة القانون ورئيس لجنة الثقافة والاعلام النيابية علي الشلاه، فقال في مقابلة مع "العالم" أمس، ان "الكثير من المواطنين يرفعون صور جمال عبد الناصر ايضا وهو شخص غير عراقي، فمن غير المنطقي ان نطلب من طرف واحد وضع صور لشخوص ورموز يعتقد انها نموذج له، ولا نطلب من اخر"، مؤكدا "وجود محددات تمنع امانة بغداد ودوائر البلدية من ازالة الصور المتجاوزة على الضوابط".
وذكر الشلاه ان "محددات عدة تمنع الدوائر البلدية من التدخل ورفع الصور بسبب حساسيتها"، لافتا الى ان "الامر بحاجة الى الية محددة لوضع صور الرموز في اماكن يلتزم بها الجميع وفقا لقرار رسمي".
وكشف رئيس لجنة الثقافة والاعلام البرلمانية عن "انتهاء اللجنة المشكلة في الامانة العامة لمجلس الوزراء الخاصة بتحديد الرموز الوطنية من اعمالها"، موضحا انها "ستحدد الرموز الوطنية". واستطرد بالقول "لكن لا احد يمكنه منع اي مواطن ان يرفع الصورة التي يريد الا اذا تمكنا من منعه من باب جمالية المنطقة".
وتابع "يمكن لهذه اللجنة تحديد المقصود بالرمز الوطني للحد من وضع الصور الارتجالية وتشويه الشارع العراقي، دون الاهتمام بجمالية المدينة"، منوها ان "هذه الاطر بحاجة الى مناقشة الجهات التنفيذية في الامانة لمعرفة ضوابطها وكيفية التعليق والاماكن المسموح بها".
وزاد "المسالة الحساسة ان بعض الافراد يضعون لزعاماتهم صورا كبيرة بهدف اظهار الحب، وهذا فيه حساسية كبيرة، لان هذه الشخصيات رموز محترمة يجب ان توضع صورهم في اماكن مناسبة وبهيئات جيدة"، معربا عن اعتقاده "بحاجة الساحة الى تحرك الشخصيات الرئيسة في البلد للمطالبة بعدم وضع صورهم في الشوارع والسيطرات والاماكن العالية".
936 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع