لماذا تحارب المراجع الشيعية في العراق ولبنان داعيةً ينتقد الفساد

 العودة يتحدي المرجعيات

العرب/بيروت - تشكل الانتقادات التي يوجهها الشيخ ياسر العودة، الشخصية اللبنانية المقربة سابقا من المرجع الشيعي الراحل محمد حسين فضل الله، نوعا من فضيحة فقهية وسياسية بين شيعة العراق ولبنان ما دفع “المراجع العليا” في البلدين إلى السعي لإسكاته.

وينتقد العودة الذي درس علومه الدينية في النجف، مسارات الفساد التي هيمنت على العراق بعد تولي الأحزاب والميليشيات الشيعية السلطة هناك منذ العام 2003، كما ينتقد التأويلات والطقوس المتطرفة التي يمارسها الشيعة، ويؤكد أنها غير ذات أصول.

كما ينتقد سياسات حزب الله في لبنان، ولم يتورع عن إدانة الهيمنة الإيرانية على هذه السياسات، وهو ما انتهى إلى أن دفع “المجلس الشيعي الأعلى في لبنان” إلى تجريده، إلى جانب 14 داعية آخرين، من مكانته الدينية ومن “الأهلية لتقديم الإرشاد الديني”. كما طالب بعض المراجع الدينية في النجف بمنع العودة من الإدلاء بتصريحات عامة.

على الرغم من سعي المراجع الشيعية للحد من تأثيرالعودة إلا أن الأخير يتعهد بعدم الرضوخ حتى لو كلفه ذلك حياته

وبحسب ما نقلت وكالة “أسوشيتد برس” فإن بعض كبار أعضاء الجماعات المدعومة من إيران وبعض السياسيين أرسلوا شكاوى إلى بيروت عبر ممثل جماعة حزب الله اللبنانية لدى العراق الشيخ محمد كوثراني وطالبوا بتهميش العودة.

واكتسب العودة شهرة واسعة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي جعلت انتقاداته للفساد والتطرف والهيمنة الإيرانية في العراق ولبنان تتردد في أرجاء واسعة، وتتعدى الطائفة الشيعية نفسها.


وأعلن أنه لا يعترف بـ”المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان”، ويرفض “فساد السياسيين الذين تحميهم السلطات الدينية”. وتساءل بشأن العراق “كيف يمكن أن تعاني دولة غنية بالنفط من بنية تحتية متداعية ويعيش الكثير من مواطنيها في فقر؟”.

ويتهم العودة حزب الله بالفساد من خلال الاستفادة من دوره السياسي للإثراء غير المشروع، وغسيل الأموال والتهرب الضريبي، والخضوع المطلق لإيران، على حساب مصالح اللبنانيين، بمن فيهم الشيعة أنفسهم.

وكانت العديد من المنظمات الدولية اتهمت حزب الله بالفساد. وعلى سبيل المثال، وصفت منظمة الشفافية الدولية، في تقرير صدر منذ العام 2017، حزب الله بأنه أحد أكثر الأحزاب السياسية فسادًا في لبنان.

وقال العودة “الثنائي الشيعي لا يحبانني، لأني أتهمهما بسوء الإدارة والفشل والمشاركة في الفساد في البلاد بالتوقيع على جميع القوانين التي تهدر الأموال العامة”، وذلك في إشارة إلى عقود من الفساد وسوء الإدارة التي ألقت بلبنان في أسوأ أزمة اقتصادية في التاريخ الحديث.

ولم تنج “الحوزة العلمية” في النجف من انتقادات العودة، قائلا إنها أصبحت مؤسسة سياسية أكثر منها مؤسسة دينية، وأنها فقدت روحها الثورية، وأصبحت أداة في يد إيران لنشر نفوذها في العراق.

وفي العام 2019، أصدر العودة كتاباً بعنوان “الحوزة الشيعية: بين التجديد والتقليد”، قال فيه إن الحوزة الشيعية بحاجة إلى إصلاحات جذرية، وأنها بحاجة إلى العودة إلى جذورها الثورية، وإلى أن تكون أكثر استقلالية عن إيران.

ويستعرض العودة في الجزء الأول من كتابه تاريخ الحوزة الشيعية في النجف، وتطورها من مؤسسة دينية إلى مؤسسة سياسية. ويناقش في الجزء الثاني، أزمة التجديد التي تواجهها الحوزة، ويسلط الضوء على التحديات التي تواجهها في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الجديدة.

ويطرح العودة في الجزء الثالث مجموعة من المقترحات لإصلاح الحوزة، وفي المقدمة منها أن تفتح أبوابها للتجديد والتغيير.

ويقول العودة إن الحوزة انتقلت من مشروع ثوري مناهض للاستبداد إلى مشروع يعمل على تغطية الفساد بعدما تولت الأحزاب الموالية لإيران السلطة في بغداد، ودعمت الغزو الأميركي للعراق.

وبينما تشكل هيمنة حزب الله على السلطة في لبنان أحد أهم أسباب الانهيار الاقتصادي في البلاد، فإن الحوزة الشيعية في العراق متهمة بالفساد مع انتشار الأخبار عن ثروات كبيرة تمتلكها بعض الشخصيات الدينية الشيعية، وتقارير عن استغلال هذه الشخصيات لنفوذها الديني من أجل الإثراء الشخصي، لاسيما وأن تمويلات الحوزة وشخصياتها، لا تخضع لمعايير الشفافية، ويصعب تتبع الأموال والتأكد من استخدامها في الأغراض المقصودة.

وولد العودة في بيروت عام 1977، وعاش لسنوات في العراق. وثمة مفارقة ملفتة بينه وبين بعض رجال الدين الشيعة في العراق، هي أن العودة يتحدث أحيانا بلهجة عراقية، ليؤكد من خلالها انتماءه العروبي، بينما يتحدث بعض رجال الدين الشيعة العراقيين بلهجة فارسية، رغم أنهم لم يتتلمذوا في إيران، إلا أنهم يفعلون ذلك، من باب التعبير عن ولائهم لإيران.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1127 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع