تعالت الأصوات في العراق في الأيام الأخيرة مطالبة بضرورة تأجيل الانتخابات المحلية، لكن من غير المرجح أن يلقى هذا الطلب أدنى تفاعل بعد أن حسمت المنظومة التقليدية للأحزاب أمرها، وبدأت ماكينتها الانتخابية في التحرك.
العرب/بغداد - تتجه القوى المدنية والمستقلة في العراق إلى مقاطعة الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في ديسمبر المقبل، في ظل غياب تكافؤ الفرص مع القوى الكبرى، نتيجة القانون الانتخابي الحالي وسطوة المالي السياسي.
وترى القوى المدنية أن حظوظها في تحقيق إنجاز انتخابي في الاستحقاق المحلي المنتظر تكاد تكون منعدمة، خصوصا مع انطلاقة الماكينة الانتخابية للأحزاب الكبرى بقوة مدفوعة في ذلك بقوة المال.
ودعا تحالف “المستقلين”، الذي يضم عددا من النواب وقوى سياسية ناشئة ونشطاء، إلى تأجيل الانتخابات المحلية من أجل تحقيق “تنافس حقيقي”.
وقال التحالف في بيان نشره مساء الثلاثاء إن “حمى الانتخابات تجتاح عددا من الكتل السياسية التي تسعى إلى الهيمنة على مجالس المحافظات بعدما استحوذت على مقاعد البرلمان، في وقت أعلنت فيه مفوضية الانتخابات نتائج الإحصائيات المتعلقة بالانتخابات المحلية، والتي أظهرت وجود تراجع ملحوظ وكبير في أعداد المرشحين والناخبين”.
وأضاف البيان أن “هذا التراجع يؤشر على وجود تداعيات جوهرية تتطلب تقييما دقيقا وقرارات فاعلة لضمان نجاح وشفافية العملية الانتخابية”، لافتا إلى أن “تحالف المستقلين ينظر بقلق إلى انخفاض عدد المرشحين، وهو يدرك أن التنافس الديمقراطي يستند إلى تقديم الخيارات المتعددة للمواطنين”.
وحذر التحالف من أن “هذا التراجع قد يؤثر سلبا على طبيعة تشكيل المجالس وتنوع الأفكار والرؤى التي تمثلها، لذلك يدعو إلى تحليل أسباب هذا الانخفاض واتخاذ إجراءات محفزة تسهم في تعزيز الحضور الديمقراطي”.
واستبعد مراقبون أن تلاقي مطالبات التحالف بتأجيل الانتخابات أي تفاعل إيجابي من قبل القوى الكبرى التي أظهرت استعدادا كبيرا لخوض التنافس، وقد رتبت صفوفها مبكرا تحضيرا للاستحقاق.
وكان أقطاب ائتلاف إدارة الدولة، الذي يشكل المظلة السياسية لمنظومة الحكم الحالية، اجتمعوا الثلاثاء لمناقشة “التنسيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، بما يساعد في معالجة العديد من الملفات المهمة والاستعدادات الجارية لإقامة انتخابات مجالس المحافظات في ديسمبر المقبل”.
ويظهر البيان الختامي للاجتماع أن أمر إجراء الاستحقاق المحلي بات محسوما، وهذا أمر كان متوقعا على نحو بعيد من قبل قوى مدينة وسياسية صغيرة، لهذا قررت عدم المشاركة.
وأعلن ائتلاف “الوطنية”، بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، وحركة “امتداد” المنبثقة عن حراك تشرين، مقاطعة انتخابات مجالس المحافظات.
وذكر ائتلاف “الوطنية” أن “هذه المجالس هي حلقة زائدة في تركيبة الدولة، وهي باب من أبواب الاستحواذ على مقدرات الشعب، ولكننا أردنا الاشتراك بالانتخابات كونها مجالس خدمية وعدلنا عن رأينا بعدما اتخذنا قرارا نحن وحلفاؤنا، ذلك أن حالة الفساد والنفوذ الأجنبي لا تزال مخيمة على أجواء الانتخابات، إضافة إلى المال السياسي الذي لا يزال لاعبا كبيرا وأساسيا في العملية الانتخابية والديمقراطية الزائفة”.
وأشارت حركة “امتداد” إلى أن “عدم مشاركتها في انتخابات مجالس المحافظات في موعدها القادم يأتي بسبب تأخرها في انعقاد مؤتمرها العام الأول لانتخاب قيادة جديدة”، وقالت إنها “تتمنى التوفيق والنجاح للحركات الوطنية الناشئة في المشاركة في الانتخابات”.
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في وقت سابق، عن مشاركة 50 تحالفا انتخابيا في الاستحقاق، 33 منها هي تحالفات جديدة.
وكان مجلس الوزراء العراقي حدد الثامن عشر من ديسمبر موعدا لـ”إجراء انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023، التزاما بالمنهاج الوزاري الذي تبنته الحكومة، وأقره مجلس النواب في شهر أكتوبر الماضي”.
وستكون هذه أول انتخابات لمجالس المحافظات تجري في العراق منذ العام 2013، حيث تصدّرت حينها القوائم التابعة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي النتائج.
وبحسب الدستور العراقي، تتولى مجالس المحافظات المنتخبة مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، ولها صلاحيات الإقالة والتعيين وإقرار خطة المشاريع بحسب الموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد.
1064 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع