لا أحد يشتري
عراقيون شيعة لا يرون ضيرا في الاستفادة ماديا من الزيارات على غرار بلدان أخرى تحتضن مناسبات دينية كبرى.
العرب/كربلاء (العراق) - أحيا الملايين من الشيعة الذين تدفقوا الأربعاء من داخل العراق وإيران وعدد آخر من البلدان على مدينة كربلاء الواقعة جنوبي العاصمة العراقية بغداد، أربعينية الإمام الحسين في ظل خطط أمنية مشددة شملت المدينة المقدّسة لدى أبناء هذه الطائفة ومختلف الطرقات المؤدّية إليها.
وأظهرت المقدّرات البشرية والمادية الضخمة التي رصدت لتأمين المناسبة حجم العبء الأمني وحتى المالي الذي يتحمله العراق كل سنة لضمان عدم وقوع أي أحداث يمكن أن تتحول إلى كارثة بالنظر إلى العدد الكبير للزوار المتدفقين في فترة زمنية وجيزة والمتجمعين في مساحة لا تتجاوز بضعة كيلومترات مربّعة.
ورغم ضخامة عدد الزوار الذين يفدون على العراق سواء في أربعينية الحسين أو لزيارة المراقد الشيعية على مدار أشهر السنة فإنّ ضعف تدخل الدولة في التنظيم وطغيان الجانب التلقائي الشعبي على تلك الزيارات يحرم البلد من الاستفادة موارد مالية هامة كان يمكن أن تتأتى له.
وكثيرا ما يرفض رموز التدين الشيعي في العراق الحديث عن الجوانب الاقتصادية والمالية للزيارات، مشدّدين على الأبعاد الروحية والعاطفية للمناسبة ومؤكّدين على أنّ العمل التطوعي يمثل روح المناسبة وجوهرها، لكنّ الكثير من أبناء الطائفة الشيعية لا يرون تعارضا بين المعطيين المادي والروحي خصوصا وأن مناطقهم التي تضم أقدس المقدّسات الشيعية في العالم تعدّ من أفقر مناطق البلاد وأنّها لا تكاد تستفيد من هذا العامل في تحسين بناها التحتية وتنشيط اقتصادها المحلّي.ويستند هؤلاء إلى أنّ بلدانا أخرى تستفيد فعلا من المناسبات الدينية التي تجري على أراضيها، وأقلّه تسخير العوائد المالية أو جزء منها للصرف على تنظيم المناسبات ذاتها بدل إثقال كاهل المالية العمومية.
وعادة ما يشتكي عراقيون من أنّ الملايين من الزوار القادمين بشكل خاص من إيران المجاورة لا ينفقون سوى مبالغ زهيدة خلال حضورهم المناسبات الدينية الشيعية نظرا إلى كونهم يستفيدون من تطوّع السكان المحليين بإيوائهم ونقلهم وحتّى توفير الغذاء لهم.
ولا يتردّد بعض قادة الرأي العراقيين ومن بينهم مختصون اقتصاديون وماليون في المطالبة بوضع إطار قانوني أكثر تطوّرا للزيارات الشيعية تتضمن ضبط سقف مالي أدنى لما يتوجّب على الزائر القادم من الخارج إدخاله إلى العراق من عملة صعبة ما سيجلب فائدة للبلد ويضمن للزائر نفسه زيارة في ظروف محترمة.
ويذهب البعض حدّ التحذير من أن بعض الظواهر السلبية ترافق التدفق الكبير للزوار القادمين من إيران مثل استغلال المهربين لاكتظاظ المعابر الحدودية وانشغال القوات الأمنية بتأمين الزيارة لتهريب المواد الممنوعة وعلى رأسها المواد المخدّرة وترويجها داخل السوق العراقية الواسعة.
وسجلت زيارة الأربعين هذه السنة زيادة ملحوظة في عدد الزوار حيث اكتظت محافظة كربلاء على مدى الأسبوعين الماضيين بأعداد غير مسبوقة من الزوار الذين وفدوا إلى ضريح الإمام الحسين غالبيتهم وصلوا مشيا على الأقدام كتقليد سنوي لإحياء هذه الشعيرة المقدسة لدى الشيعة في مشهد يخيم عليه الحزن والأسى في ذكرى اليوم الأربعين لمقتل الحسين بن علي حفيد الرسول محمّد في العاشر من شهر محرم سنة 61 هجريا الموافق لـ10 أكتوبر سنة 680 ميلاديا.
وأعلن وزير الداخلية العراقي عبدالأمير الشمري، في وقت سابق، عن دخول أكثر من ثلاثة ملايين و500 ألف زائر أجنبي إلى العراق للمشاركة في إحياء أربعينية الحسين، شكّل الإيرانيون غالبيتهم العظمى وفق ما نقلت وكالة أنباء “إرنا” الإيرانية عن مسؤول إيراني.
وأعلنت العتبة العباسية الأربعاء من جهتها أنّ العدد الكلي لزائري أربعينية الإمام الحسين في محافظة كربلاء تجاوز 22 مليون زائر هذا العام، وفق ما أوردته وكالة الأنباء العراقية مقابل حوالي 21 مليونا العام الماضي وفقا لإحصاءات رسمية. وكان عدد الزوّار الإيرانيين حينها ثلاثة ملايين زائر من بين خمسة ملايين أجنبي توافدوا على العراق.
وقال الشمّري في تصريح صحفي خلال تفقده انتشار القوات الأمنية في محافظة النجف العراقية إنّ “العالم ينظر إلى هذه الزيارة المليونية فيجب التغلب على التحديات لإنجاحها”، مضيفا “القوات الأمنية تبذل جهدا كبيرا لإنجاح مراسم الزيارة”.
وأدار رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني القائد العام للقوات المسلحة الخطط الأمنية برفقة كبار القادة الأمنيين والعسكريين على رأسهم وزير الداخلية من خلال غرفة عمليات مجهزة بعدد كبير من الشاشات في موقع متقدم بمحافظة كربلاء.
وأعلنت وزارة الداخلية العراقية أن المنافذ البرية الحدودية مع دول الجوار وخاصة إيران والكويت اكتظت بالملايين من الزوار الذين تدفقوا إلى العراق بعد أن أعطت السلطات العراقية تسهيلات غير مسبوقة لاستقبال الوافدين فيما استقبلت المطارات العراقية أفواجا كبيرة من الزوار من مختلف الجنسيات.
ونشرت السلطات العراقية مئات الآلاف من رجال الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية والاستخباراتية وقوات الحشد الشعبي في جميع الطرقات والشوارع المؤدية إلى كربلاء وفي محيطها وداخلها وتحليق متواصل للمروحيات لتأمين الحماية لهذا الحدث التاريخي.
كما سخّرت السلطات العراقية الآلاف من الحافلات وخطوط السكك الحديد لنقل الزوار ذهابا وإيابا، فيما نشر الأهالي والمتبرعون الآلاف من الخيم لتقديم الدعم للزوار عبر وجبات طعام ومياه الشرب ومحطات استراحة لاستقبال الوافدين مشيا على الأقدام قاطعين مئات الكيلومترات في ظل الارتفاع الكبير في درجات الحرارة.
1061 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع