مقاتلون من "الحشد الشعبي" في العراق أ ف ب
إرم نيوز:لم تجد حملة الحكومة العراقية ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني لنزع "السلاح المنفلت" نتائج ملموسة، ما رده مراقبون إلى "نفوذ" الميليشيات المسلحة في البلاد.
وكان السوداني تعهد في تشرين الثاني 2022، ضمن بيانه الحكومي، بنزع السلاح المنفلت وحصره بيد الدولة، في إشارة منه إلى سلاح الميليشيات العاملة خارج نطاق الدولة والعشائر وسط وجنوب العراق، إلا أنه لم يمضِ رسميًا بالقرار إلا في كانون الثاني 2024.
ومع ذلك فقد خسرت وزارة الداخلية العراقية الجولة الأولى من العملية، رغم المبالغ الباهظة التي وضعتها مقابل تسليم الأسلحة خصوصًا "الثقيلة" منها.
لا استجابات على الحملة
ويؤكد مصدر أمني، في هذا الصدد، أن "الحملة لم تلاقِ استجابة مثلما كان متوقعًا لها، خاصة أن غالبية الأسلحة التي تسلمتها الوزارة هي لأشخاص مدنيين عاديين ومعظمها خفيفة ما بين بندقية لا تعمل أو غير جيدة، ومسدس من طراز قديم".
وأضاف المصدر لـ "إرم نيوز" أن "تجار الأسلحة قاموا بجمع نفايات الأسلحة الموجودة في السوق السوداء وعملوا على بيعها للدولة، وكأنهم جعلوا من عرض وزارة الداخلية سوقًا رائجًا لهم".
وكانت وزارة الداخلية قد خصصت مبلغ 15 مليار دينار عراقي، أي ما يعادل 10.5 مليون دولار أمريكي، ضمن خطة لشراء الأسلحة غير المرخصة، الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، وأنشأت لهذا الغرض موقعًا عبر موقع التسجيل الإلكتروني "بوابة أور"، فيما خصصت حوالي 700 مركز لتسليم الأسلحة في جميع المحافظات، عدا إقليم كردستان.
أسلحة بيد ميليشيات
وتشير جُل التقارير الاستخبارية والإعلامية إلى أن ملايين القطع من الأسلحة المتوسطة والثقيلة تمتلكها الميليشيات والعشائر العراقية، وأن مالكيها لن يتأثروا بعروض وزارة الداخلية المالية، لأن السلاح هو سر وجودهم ونفوذهم في المناطق التي يسيطرون عليها.
الخبير الأمني، أحمد الشريفي، اتهم جهات سياسية وحزبية لم يسمها بالتورط في تسهيل مهام تجار الأسلحة وحمايتهم.
وقال لـ "إرم نيوز" إن "الانفلات الأمني الذي عاشه العراق ما بعد عام 2003، أدى إلى صعود نجم العشائر والجهات المسلحة، حيث لعبت خلال سنوات طويلة دور المحكمة والقاضي في حسم الخلافات، ولكن ليس بالقانون، وإنما بالسلاح".
وأشار إلى أنه "من الصعب على الحكومة نزع أسلحة تلك الجهات لما تتمتع به من نفوذ على الأرض، مدعمة بحماية وتدخل جهات حزبية وسياسية مستفيدة من السلاح المنفلت".
وكان مجلس الأمن القومي العراقي قد شكل، بموجب القرار رقم 21 لسنة 2021، ما تعرف باللجنة الوطنية لتنظيم الأسلحة وحصرها بيد الدولة.
وأُلقي على عاتق هذه اللجنة مهمة تنظيم الأسلحة وحصرها بيد الدولة، ومراجعة كل إجازات الأسلحة التي تم ترخيصها.
إحصاء الأسلحة
مقرر اللجنة، العميد الحقوقي منصور علي سلطان، قال لـ "إرم نيوز"، إن "اللجنة بدأت عملها منذ عامين أو أكثر بشكل فعلي عبر إحصاء الأسلحة خارج نطاق الأجهزة الأمنية المختصة، وتمكنت من إحصاء ما يقارب 70% من تلك الأسلحة".
وأشار إلى "تشديد الإجراءات والعقوبات بحق المتاجرين بالأسلحة خصوصًا أن الأسلحة كانت في وقت ما تباع علنيًّا على مواقع التواصل الاجتماعي".
وفي رده على ما إذا تم التواصل مع الميليشيات والجهات المسلحة والعشائر لتسليم الأسلحة الثقيلة، اكتفى سلطان بالقول إن "المرحلة الأولى من عمليات حصر الأسلحة تتضمن سحب الأسلحة الموجودة بيد المواطنين في المنازل والتي يتم استعمالها في ما يسمى (الدكات العشائرية) أو ارتكاب الجرائم".
الخبير القانوني علي التميمي يرى أن مشكلة سحب الأسلحة تكمن في قانون الأسلحة العراقي رقم 51 لسنة 2017، وأنه سمح بتجارة الأسلحة في متاجر من المفترض أن تكون مرخصة.
تشديد العقوبات
وأشار، في حديثه لـ "إرم نيوز"، إلى أنه "على السوداني والداخلية إذا ما أرادا الحد من الأسلحة العمل على تعديل القانون وتشديد العقوبات خصوصًا بحق من يمتلك أسلحة ثقيلة أو متوسطة".
المحلل السياسي، متمم الشجيري، يصف حديث الحكومة عن حصر الأسلحة بـ"المضحك"، ويقول متسائلًا "كيف يمكن للسوداني، سحب أسلحة الجهة المسلحة التي رشحته ودعمته لتولي منصب رئيس الوزراء؟".
وأضاف لـ "إرم نيوز"، أن "ملف الأسلحة لن يتمكن من حله لا السوداني ولا غيره من رؤساء الوزراء المقبلين، إلا في حالة الاستعداد لصدام مسلح مع الفصائل المسلحة والعشائر في ذات الوقت".
وأكد: "هذا ما لا يرغب به أي من رؤساء الوزراء، لأن وصول وتسمية أي رئيس وزراء يجب أن يكون عبر أصوات العشائر ودعم الفصائل المسلحة. ولا أتوقع أن السوداني مستعد لذلك".
1047 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع