صادف أمس السبت 31 أغسطس/آب 2024 الذكرى الـ 27 لرحيل الأميرة ديانا التي حظيت بشعبية كبيرة ليس في بريطانيا فحسب، بل في الكثير من دول العالم، طوال فترة زواجها وحتى بعد طلاقها من الملك تشارلز، حتى لقبت بـ "أميرة القلوب".
وكانت ديانا تبلغ من العمر 20 عاما فقط عندما تزوجت من الأمير تشارلز -وريث العرش البريطاني حينها- في العام 1981، وانتهى زواجهما بعد 15 عاما بطلاق مرير، بعد اتهامات بالخيانة من كليهما.
وبعد طلاق وصفته الصحافة بالـ "فوضوي"، انفصلت ديانا عن العائلة المالكة التي أنجبت لها الأميرين ويليام وهاري.
ولقيت أميرة ويلز مصرعها في 31 أغسطس/آب 1997 عن عمر ناهز 36 عاما، جراء حادث سيارة بالعاصمة الفرنسية باريس، كما توفي شريكها دودي الفايد والسائق هنري بول، وقد أثار موتها موجة من الحزن، واجتذبت جنازتها في كنيسة وستمنستر جمهورا تلفزيونيا بلغ 2.5 مليار شخص.
وحسب شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية، استجابت الملكة الراحلة إليزابيث الثانية لمطالبة العديد من أفراد العائلة المالكة بإظهار اهتمامها بطريقة أو بأخرى. فظهرت في بث مباشر على التلفزيون، مخاطبة رعاياها، ومشيرة إلى ديانا بعبارات جميلة باعتبارها "إنسانة استثنائية وموهوبة". وفي الجنازة، اتخذت الملكة خطوة إضافية لتكريمها.
المؤرخة جين ريدلي قالت لـ "سي إن إن" إن "الملكة لا تنحني لأحد أبدا"، ومع ذلك، عندما كان موكب الجنازة يمر بقصر باكنغهام، شوهدت الملكة في المقدمة، "تنحني لزوجة ابنها".
ذكرى ديانا تتصدر منصات التواصل الاجتماعي
ورغم مرور 27 سنة على حادث وفاتها، فإن ذكرى الأميرة ديانا لا تزال تتصدر منصات التواصل الاجتماعي، حيث يحيي محبوها ذكرى رحيلها كل سنة بعبارات من أقوالها أو برسائل محزنة على فراقها، فعنون بعض مستخدمي منصة "إكس" صور ديانا بعبارة "العالم لن ينسى أميرة القلوب".
وكانت ديانا فرانسيس سبنسر تألقت في ثمانينيات القرن الماضي، فأكسب دخولها العائلة الملكية البريطانية المالكة روحا جديدة، فقد كانت وجها مختلفا عما يعرفه الناس عن الأسرة المالكة آنذاك، إذ كانت صاحبة روح مرحة ومبتسمة، وسط أسرة لها ضوابط فيما يخص المرح والابتسامة.
وكانت واحدة من أشهر النساء حول العالم خصوصا من خلال مناصرتها لقضايا إنسانية مهمة في تلك الحقبة، بما فيها الجمعيات الخيرية للأطفال، وإزالة الألغام الأرضية، والعنف المنزلي، والصحة العقلية.
كما تصدرت الأميرة الراحلة عناوين الأخبار في العام 1987، حين صافحت عمدا مريضا مصابا بالإيدز، في محاولة لتبديد الأسطورة القائلة إن فيروس نقص المناعة البشرية يمكن أن ينتقل عن طريق اللمس.
وفي الأشهر التي سبقت وفاتها، وجهت اهتمامها الإعلامي وركزت بشكل مباشر على مخاطر الألغام الأرضية في أنغولا، حتى وصفها رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بـ "أميرة الشعب".
لماذا بقيت ديانا في ذاكرة الجماهير؟
تقول ديان كليهان في مقال نشرته بمجلة "بيست لايف" الأميركية، إن ديانا أضفت خلال حياتها القصيرة لمسات من الإنسانية والحداثة على العائلة الملكية البريطانية، وأجبرت أفرادها على إعادة النظر في العديد من التقاليد والبروتوكولات العريقة.
عرفت الأميرة ديانا بشخصيتها المثيرة للجدل في الأوساط الراقية بامتياز، حيث كانت تتقرب وتصافح الأشخاص العاديين حتى اعتقد البعض أن "ليدي ديانا" تتصرف بشعبوية لكسب مشاعر الناس، "لكنها في الحقيقة كانت تتصرف بكل عفوية وتسعى جاهدة لتقديم وجه أكثر إنسانية للأسرة المالكة في المملكة المتحدة".
الحرب على فيروس نقص المناعة المكتسبة
كما كان لتفاعلها مع أحد المصابين بالإيدز (نقص المناعة المكتسبة) دورا في زيادة شعبيتها، إذ كان المرض مرتبطا بالخوف ونبذ المصابين به، وكان الاعتقاد السائد أن مجرد الاقتراب من المصاب أو لمسه قد ينقل العدوى للآخرين.
لكن الأميرة قامت بكسر حاجز الخوف من المرض عبر التقاط صورة جلست فيها أمام أحد المرضى، دون أن تتردد في مصافحته رغم الشائعات التي تحدثت عن خطورة ذاك التصرف.
أعمال خيرية
كما حرصت ديانا على أن يعيش ولداها وليام وهاري حياة الناس العاديين التي تختلف تماما عن الترف الذي يعيشانه خلف أسوار القصر، ففي العام 1993، اصطحبت وليام (11 عاما) وهاري (8 أعوام) لزيارة مؤسسة "ذا باسيدج" الخيرية التي تعنى بالمشردين.
ويقول الأمير وليام إن تلك التجربة أثرت فيه كثيرا وعلمته احترام ضعاف الحال والتعاطف معهم، وقد أصبح دوق كامبريدج في وقت لاحق راعيا للمؤسسة التي زارها مع والدته في الصغر.
كيف عرف الجيل الحالي ديانا؟
رغم أن العديد من الشباب لم يكونوا على قيد الحياة حين رحلت الأميرة ديانا في العام 1997، لكنهم عايشوا كشف فصول من حياتها من خلال ولديها ويليام وهاري وزوجتيهما.
فقد جعل كل من ويليام وهاري أمهما محورية للغاية في قصصهما، سواء على المستوى الرمزي أو من حيث المشاريع التي يتولياها ومواقفهما تجاه وسائل الإعلام. فمن الصعب ألا تفكر في ديانا عندما تنظر إلى الخيارات التي سلكها الولدان في حياتهما.
ديانا.. "الأميرة المظلومة"
تقول أستاذة التاريخ بكلية الآداب والعلوم بجامعة بوسطن أريان تشيرنوك، إنه من المهم أن نفكر في الأميرة ديانا في سياق التاريخ الملكي البريطاني، "حيث كانت واحدة من سلسلة طويلة من النساء المظلومات اللاتي ما زلن يطاردن ويلهمن ويحفزن الجمهور".
وأضافت، "كنت أفكر كثيرا في هذا الأمر في الفترة التي سبقت ذكرى وفاتها، أفكر في سبب استمرارنا في الانبهار بها وما الذي كان مميزا فيها، وجعلها نقطة محورية للاهتمام. فهناك جوانب منها كشخصية تشكل الأساس لهذه القصة".
وأضافت تشيرنوك بالإشارة إلى أن ديانا كانت "ترتدي العديد من القبعات، وكانت إنسانية، كانت امرأة شابة تعيش حياتها وتكبر في نظر الجمهور. كانت أما مهتمة، وخبيرة أزياء، وكان هناك العديد من الجوانب فيها التي أثارت جنون وسائل الإعلام، والفضول بشأنها".
وختمت، "كانت امرأة فخورة جدا بالاعتراف بأخطائها، والكشف عن فوضى حياتها بطريقة مختلفة تماما عن بعض أفراد العائلة المالكة الآخرين، الذين يميلون إلى أن يكونوا أكثر صرامة في حياتهم وأمام الناس".
767 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع