معركة قانونية وسياسية لاعتبار الزعيم العراقي الأسبق قاسم شهيدًا

   

د.أسامة مهدي:يشهد العراق حاليًا معركة سياسية وقانونية حول اعتبار الزعيم العراقي الأسبق عبد الكريم قاسم، الذي أعدمه البعثيون لدى انقلابهم على حكمه عام 1963، شهيدًا، حيث يواجه قرار مجلس الشورى برفض إعادة الاعتبار للراحل، معارضة سياسية وشعبية يشارك فيها المالكي ومؤسسات نيابية وشعبية وقوى ديمقراطية وليبرالية.

       

تصميم على اعتبار قاسم شهيدًا برغم رفض مجلس شورى الدولة
فبعد أن رفض مجلس شورى الدولة في العراق اعتبار الزعيم العراقي الاسبق عبد الكريم قاسم (1914-1963) شهيدًا، أكدت لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين البرلمانية تصميمها على منح الراحل الذي حكم العراق بين عامي 1958 و1963 إثر الإطاحة بآخر الملوك العراقيين فيصل الثاني... شموله بقانون مؤسسة الشهداء واعتباره شهيدًا. وأشارت اللجنة إلى أنها تسعى لدفع مجلس النواب إلى التصويت خلال 45 يوماً على قانون بذلك أسوة بسجناء عام 1963 الذين شملوا بقانون مؤسسة السجناء السياسيين والذي تم التصويت عليه مؤخرًا من قبل المجلس.
 
وقاد قاسم تنظيمًا للضباط الأحرار، أطاح بالنظام الملكي في العراق في 14 تموز (يوليو) عام 1958، إلا أنه دخل في خصام مع القوى القومية يتقدمهم البعثيون الذين قادوا انقلابًا ضده في 8 شباط (فبراير) عام 1963 ثم اعتقلوه في اليوم التالي في مقره بوزارة الدفاع واقتادوه إلى مبنى الاذاعة والتلفزيون، واجروا له محاكمة سريعة قضت بإعدامه ونفذ الحكم فورًا في المبنى مع عدد من كبار مساعديه. وعرف قاسم بمساعدته للطبقات الفقيرة وكان مثالًا لعدم استغلال الحكم لمصالحه الخاصة وكان قربه من الشيوعيين ورفضه للوحدة مع مصر وسوريا، قد اثار حفيظة القوى القومية، وفي مقدمتهم البعثيون، التي ناصبته العداء.
 
وقال رئيس لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين البرلمانية النائب محمد الهنداوي خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس، إن عدم احتساب الزعيم عبد الكريم قاسم شهيداً من قبل مؤسسة الشهداء جاء لعدم وجود نص قانوني يسمح  للمؤسسة بشمول شهداء عام 1963 حيث كانت قد اصدرت قرارات باحتساب 77 من ضحايا انقلاب عام 1963 شهداء ثم تراجعت عن تلك القرارات وتم الغاء بعضها وايقاف البعض الاخر.
 
وصوّت مجلس النواب العراقي في الثالث من أيلول (سبتمبر) الحالي على مشروع قانون التعديل الاول لقانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم 4 لعام 2006 ... موضحًا أن التعديل قد أنصف شريحة مهمة عانت "خلال حكم النظام الدكتاتوري السابق" .
لكن مجلس شورى الدولة العراقي ألغى قرار احتساب الزعيم عبد الكريم قاسم شهيدًا، مما دفع مؤسسة السجناء بالتقدم بالتعديل الثاني لقانونها الذي يتضمن احتساب ضحايا فترة حكم البعث من الثامن من شباط (فبراير) عام 1963 وحتى الثامن عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه شهداء. ولذلك فقد ألغت اللجنة الخاصة في مؤسسة الشهداء قرارها السابق برقم 450/3 باعتبار المتوفي "عبد الكريم قاسم محمد بكر" شهيداً وشموله بقانون مؤسسة الشهداء رقم 3 لسنة 2006 تنفيذًا لقرار مجلس شورى الدولة رقم 23/2008.

                        

رفض لعدم احتساب قاسم شهيدًا ودعوات لإلغاء القرار
وإثر عدم احتساب قاسم شهيدًا، اوضح علي الموسوي المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء نوري المالكي "أن المالكي أبدى عدم رضاه عن قرار عدم اعتبار الزعيم عبد الكريم قاسم شهيدًا". وقال الموسوي على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" قائلاً "إن رئيس الوزراء نوري المالكي اطلع على قرار عدم اعتبار الزعيم عبد الكريم قاسم شهيداً بناء على اشكالات قانونية أو غير ذلك ". واضاف "أن المالكي أبدى عدم رضاه عن الأمر، وكتب على طلب قدم له من قبل بعض محبي الزعيم الراحل إنه ليس من الانصاف عدم اعتبار الزعيم عبد الكريم قاسم شهيدًا ودعا إلى العودة عن هذا القرار.
ومن جهته، دعا النائب خالد العطية رئيس كتلة دولة القانون بزعامة المالكي، إلى تشريع قانون خاص بالزعيم عبد الكريم قاسم، مشددًا على أن "الراحل هو شهيد الوطنية والنزاهة وقدم تضحيات كبيرة من اجل خدمة العراق لذا ادعو لتشريع قانون خاص به ".  
 
كما دعت لجنة احتفالات ثورة 14 تموز مؤسسة الشهداء إلى تصحيح قرارها والاعتذار إلى الشعب العراقي. وقال رئيس اللجنة نجم الساعدي إن قاسم "هو الشهيد الاول وزعيم الشهداء، واذا كان لمؤسسة الشهداء موقف من الزعيم، فإننا نعتقد أن هذه المؤسسة تأسست بقانون أقره ممثلو الشعب العراقي ولم يقره حزب أو فئة أو كتلة معينة ولا بد للمؤسسة من احترام ارادة العراقيين".
وأكد أن القرار لا يلحق الأذى بعائلة قاسم فحسب، وإنما أيضًا بعامة الشعب الذي أحب الزعيم وحمله في حدقات عيونه"، على حد قوله.

        
 
قوى ديمقراطية وليبرالية تقود حملة لإنصاف قاسم
وإثر قرار مجلس الشورى، أعلنت  قوى ديمقراطية وليبرالية عراقية رفضها لهذا القرار، مطالبة بإعادة النظر فيه "لما ينطوي عليه من إجحاف بحق قاسم" كما قالت.
ثم تصاعدت الاحتجاجات الجماهيرية حيث نظم المئات من المواطنين العراقيين مظاهرة في شارع المتنبي وسط بغداد، ورفع المتظاهرون الذين جابوا الشارع في إطار حملة قرروا مواصلة  تنظيمها لحين العودة إلى القرار السابق، لافتات كتب عليها "صفة الشهادة لا يمنحها من لا يعرف معنى التضحية في سبيل الوطن".
 
وفي السياق ذاته، أكد حسين الساهي عضو التيار الديمقراطي في العراق أن التوصيف القانوني الوارد في مؤسسة الشهداء لمن قتلوا في سلطة البعث لم يحدد زمنًا، وبالتالي فإنه لا ينبغي الفصل بين سلطتي البعث الاولى عام 1963 والثانية عام 1968. وأشار إلى ان قاسم لم يمت في سريره أو حادث سيارة بل مات وهو يهتف يحيا الشعب العراقي وكان بإمكانه البقاء في السلطة لو كان قد وزع السلاح لكنه آثر الموت على قيام حرب أهلية ودفع حياته ثمنًا للسلم الأهلي .
 
ومن جهته، عبّر الحزب الشيوعي العراقي الذي كان يعتبرعبد الكريم قاسم حليفًا له بعد نجاح ثورة 14 يوليو  1958 عن استنكاره واستغرابه لقرار عدم اعتبار الراحل شهيداً.  وقال إن التعامل مع شخصية وطنية بحجم الزعيم عبد الكريم قاسم بهذه الكيفية لمجرد أن هناك إشكالًا في القانون أمر ليس مقبولاً من قبل محبي الزعيم قاسم أو ورثة نهجه فحسب، وانما غير مقبول وطنيًا لأن هذه المسألة ومهما كان يجب أن تعالج بأسلوب واعٍ ومدرك ودون إثارة العواطف والعواطف المضادة .

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

993 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع