كنوز أثرية تحكي عصورا تاريخية
العرب/بغداد- يعد المتحف العراقي في العاصمة بغداد من أقدم وأهم وأكبر المتاحف في البلاد، لما يحظى به من تاريخ، وما يضمه من آثار تحكي قصصا تمتد إلى ما قبل خمسة آلاف سنة.
ويمثل المتحف، الذي يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1923 – 1924، واحدا من أهم المراكز الثقافية في العالم فيما يخص دراسة الحضارات القديمة، بجانب دراسة خيوط التطور البشري في الكتابة والزراعة والتشريع القانوني.
ويسعى المتحف العراقي إلى الانفتاح على العالم الرقمي على غرار جل المتاحف العالمية، وذلك بتوفير مساحة عرض وتفاعل رقمية تسهل الولوج إلى جزء هام من عناصره.
وفي هذا السياق أطلقت مؤسسة الحضر للتنمية المستدامة وحماية البيئة، مشروعا لإنشاء المتحف العراقي الإلكتروني، بالتعاون مع الهيئة العامة للآثار والتراث، بغرض نشر الوعي والمعرفة بتاريخ العراق وحضاراته العريقة.
وقال الدكتور حاتم ثويني مدير المؤسسة في تصريح له “إن المشروع قيد المناقشات حاليا، حيث تقوم فكرته على أن يكون منصة تعليمية وثقافية، تبرز القطع الأثرية والحضارات القديمة، بالإضافة إلى توثيق القطع الأثرية العراقية وتقديم معلومات تفصيلية عنها، بجانب توفير محتوى تعليمي للباحثين والطلاب، فضلا عن إتاحة الزيارات الافتراضية للمتحف عبر الإنترنت، ما يجعل هذا المشروع طفرة نوعية، تعكس للعالم عراقة المتحف العراقي وتراثه الثقافي.”
ويحتوي المتحف العراقي على 24 قاعة، من أبرزها قاعات “العصور الأولى، الحضارة البابلية، الحضارة السومرية، الحضارة الآشورية، مرجانية، العاجيات، الحضارة الأكدية، مملكة الحضر، الحضارة الساسانية، الآثار الإسلامية،” وغيرها من القاعات التي تتزين بكنوز أثرية فريدة، تعكس حضارة بلاد الرافدين في العراق، ما يجعلها مرآة تعكس تاريخ وهوية الشعب العراقي عبر العصور.
ومن أهم الآثار التي يضمها المتحف تلك التي تتوزع بين جنبات القاعة الآشورية، والتي تحتوي على زوج من الثيران المجنحة تعرف باسم “لاماسو”، وتعني (الروح الحامية)، وتتكون من أربعة أجزاء، منها جزء يعكس رأس الإنسان، في إشارة إلى العقل والحكمة، وكذلك جزء يرمز إلى جسم الثور، كدليل على القوة والخصوبة.
كما يزخر المتحف بقطع أثرية أخرى مهمة مثل: اللوح الكتابي، والأسوار العملاقة، والنقود المعدنية، والمخطوطات النادرة، والمسلة السوداء.
وللمتحف العراقي مكتبة كبيرة، تضم العديد من الكتب والمجلات والصحف العربية والإنجليزية وبلغات شرقية وغربية، تم تزويد المتحف بها إما عن طريق الإهداء من مصادر متعددة أو عن طريق الشراء، وتتناول مواضيع مختلفة عن الآثار والتراث وتاريخ الشرق الأدنى، بالإضافة إلى ما تضمه المكتبة من مخطوطات تاريخية متنوعة.
وتعرضت مجموعات المتحف الأثرية في عام 2003 للنهب والسرقة، غير أن الجهود الدولية ساهمت في استعادة العديد منها، لتعيد الحياة إلى المتحف في حلته الجديدة، عند إعادة افتتاحه رسميا في فبراير عام 2015.
وفي هذا السياق قالت السيدة لمى الدوري، مدير عام دائرة المتاحف العامة في وزارة الثقافة العراقية، “احتفلنا في العام الماضي بالذكرى المئوية لإنشاء المتحف الذي بدأ في بواكير نشأته بغرفة في منطقة القشلة، ومع التوسع في عمليات التنقيب الأثري واكتشاف المزيد من الكنوز الأثرية نبعت فكرة التوسع في قاعاته والانتقال إلى موقع آخر في شارع المأمون في بغداد، وأعقب هذه الخطوة اتخاذ قرار ببناء متحف بمساحة أكبر، وعلى طرز عالمية، وتمت ترجمة هذه الخطوة إلى واقع، بإعداد المتحف وافتتاحه حينها في عام 1966.”
وبينت أنه وقع تصميم المتحف عبر تسلسل حضاري على نحو ما تعكسه قاعاته، بدءا من عصور ما قبل التاريخ والعصور الحجرية، مرورا بالسومرية والأكدية والبابلية والآشورية و البابلي الحديث، وصولا إلى العصر الإسلامي، لتصبح قاعات المتحف معبرة عن تسلسل الحضارات التي شهدها تاريخ العراق.
وأوضحت الدوري أن المتحف يحتوي على آثار فريدة من نوعها، ومتنوعة في الوقت نفسه، ما يجعله رابع متحف على مستوى العالم في عدد ونوعية الآثار التي يضمها، وثاني متحف عربي بعد المتحف المصري.
ولفتت إلى أن القطع الرئيسية التي يضمها المتحف تعرض قسم منها للسرقة في عام 2003، ما أدى إلى فقدان قرابة 15 ألف قطعة، وأن ما تم استرداده منها يقدر بنحو 4 آلاف قطعة فقط، بينما ما يتم عرضه يصل إلى نحو 10 آلاف قطعة، تغطي جميع الحقب التاريخية بداية من العصور الحجرية الأولى وانتهاء بالحضارة الإسلامية، فضلا عن القطع الأخرى المكدسة في المخازن، والتي تصل إلى أضعاف هذا العدد، والذي يخضع لزيادة مستمرة مع تزايد أعمال التنقيب الأثري.
وقالت الدوري “إن المتحف العراقي يضم متحفا مصغرا للطفل، وتعود فكرة إنشائه إلى عامي 1974 و1975، عندما جرت مناقشات بطرح أفكار لإنشاء متحف متخصص للطفل، إلى أن تم افتتاحه في عام 1977،” لافتة إلى أن المتحف ذو هدف تربوي وتعليمي، وتحاكي معروضاته خيال الطفل، ويتكون من ثلاثة طوابق، الأول عبارة عن مطعم، والثاني يضم صالة سينما، بينما يضم الطابق الثالث مسرحا.
964 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع