حزب الله وجاسوس العمامة السوداء!!

مونت كارلو:قضية محمد هادي صالح، المنشد الديني الشيعي المتّهم بالتجسس لصالح الموساد، ليست مجرد حادثة أمنية معزولة، بل علامة فارقة على بداية مرحلة استخباراتية جديدة في مقاربة حزب الله كهدف إسرائيلي.

من المنبر إلى الموساد: حين يصبح الصوت الحسيني غطاءً استخباراتيًا

وفق ما كشفه تقرير استقصائي لصحيفة نيويورك تايمز، فإن محمد هادي صالح لم يُجنّد بالإكراه أو الابتزاز، بل بادر بنفسه إلى التواصل مع جهاز الموساد الإسرائيلي أواخر عام 2024 عبر قنوات إلكترونية مشفّرة، مقدّمًا معلومات ذات طابع استراتيجي مقابل 23 ألف دولار سُلّمت على مراحل عبر ما يُعرف بالبريد الميت، وهي تقنية تقليدية لتبادل المعلومات والمال دون تواصل مباشر بين العميل والمشغّل.

المعطيات التي سلّمها صالح للموساد شملت خرائط مراكز قيادية، تفاصيل اجتماعات، تحركات شخصيات بارزة، إضافة إلى معلومات حساسة حول أنظمة الاتصالات الداخلية في حزب الله.

وبحسب الرواية الاستخباراتية، فقد أسفر ذلك عن عمليات اغتيال استهدفت ما لا يقل عن 35 شخصية من الصف الأول في الحزب، بينهم الأمين العام المفترض حسن نصر الله، والقياديان فؤاد شكر وإبراهيم عقيل.

"بيجر" ... عندما تتحول الشيفرة إلى قنبلة
ساهمت المعطيات التي وفّرها صالح في تنفيذ عملية استهدفت منظومة الاتصالات من نوع "بيجر"، ما أدى في أيلول 2024 إلى مقتل 9 أفراد من الفرق التقنية، وإصابة ما يزيد عن 2800 آخرين، معظمهم من وحدات الدعم اللوجستي والإعلامي.

الضربة لم تكن فقط قاتلة، بل هزّت البنية السيبرانية للحزب، وأظهرت هشاشة افتراضية في منظومته المغلقة.

بعد 2006 ... التجنيد بلا ذخيرة
عمليات الموساد هذه تندرج ضمن عقيدة ما بعد حرب تموز 2006 القائمة على اختراقات ناعمة تستهدف بنية حزب الله الاجتماعية من الداخل.

التجنيد لا يمر عبر الميادين أو الجبهات، بل عبر الأفراد الأقل إثارة للريبة من منشدين دينيين، او كوادر، وحتى طلاب جامعات والهدف من ذلك هو بناء بنك معلومات دقيق يسمح بتنفيذ عمليات نظيفة وفعّالة، لا تُكلّف إسرائيل أكثر من رسالة مشفّرة وتحويل مالي.

قضية محمد ش.: عندما يُستدرج الممرّض بـ"لايك" على إعلان سيارات
في السياق ذاته، تبرز قضية أخرى لا تقل دلالة محمد ش وهو من مواليد 1995 ومن بلدة الطيري الجنوبية، عمل كممرّض في مستشفى الرسول الأعظم.

وبحسب التحقيقات، تم تجنيده في بداية ربيع 2023 عبر حساب وهمي على فيسبوك لشخص يُدعى توم، ادعى تمثيل جمعية خيرية.

وبدأ التواصل عبر ماسنجر، ثم انتقل إلى مكالمات واتساب، وتحوّل لاحقًا إلى علاقة استخباراتية مع شخصية تُدعى أمير، عُرف لاحقًا بأنه ضابط في الموساد.

محمد ش. وافق على التعاون مقابل مبالغ مالية، ونفّذ مهام مراقبة وجمع إحداثيات وصور منشآت حساسة في مناطق محسوبة على حزب الله، منها مساجد وحسينيات ومراكز في الخرايب والمطرية.

كما طُلب منه الانتقال إلى مناطق جديدة تحت غطاء مهني للعمل في مستشفيات تابعة للبيئة الحاضنة للحزب وحتى الزواج أيضا. كل ذلك مقابل حوالي 4500 دولار.

صمت حزب الله، والقضاء اللبناني يتحرّك ببطء
لم يُصدر حزب الله أي موقف رسمي بشأن القضية. فيما تتولّى المحكمة العسكرية اللبنانية التحقيق بصمت، ويصرّ أقارب المشتبه بهم على نفي التهم أو اعتبارها ابتزازًا ماليًا. لكن الصمت لا يُلغي الواقع. هناك خرق بنيوي وقع، وشبكة تمكّنت من النفاذ إلى عمق التنظيم عبر وجوه مألوفة.

لم تقدم التحقيقات، حتى الآن، القضية كحادثتين معزولتين، بل تُشير إلى شبكة أوسع. والتقارير الاعلامية تحدثت أيضا عن استيراد شركات لبنانية لأجهزة مراقبة ومتفجّرات، وعن تبادل معلومات بين إسرائيل ودول غربية ما يكشف أن العمليات ليست فقط أمنية، بل سياسية وإقليمية أيضًا.

فكم من محمد هادي صالح يتحرّك الآن في الظل.. بوجه مألوف ولهجة مريحة؟.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1040 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع