المقاهي العراقيه ..مجالس راحة وحل وعقد وتآلف اجتماعي

           

   

بابنيوز/ ماجد الكلابي: بعدما كانت المساجد والبيوتات والمضايف مجالس الناس واماكن للحل والعقد واتخاذ القرارات الهامه للجماعه تغيرت هذه الاماكن حسب طبيعه المنطقه الاجتماعيه والدينيه مع الاخذ بعين الاعتبار المحددات الجغرافيه لكل منطقه فكانت المسامرات والاحاديث ووسائل الترفيه وادواته التي تمارس بشكل وبااخر لترويح بعد يوم عناء طويل من التعب الجسدي والشد النفسي بل وان تكون اماكن للبعض للزهو والتبختر او لاشاعه سطوه وهيبه واحيانا اخرى للمحبه والتألف وتقويه الاصره والرابط الاجتماعي .

سالنا الحاج كاظم عطيه:ماذا تعني المقهى لكم ؟ اجاب :

المقهى بالنسبه لنا هي التي جمعت التنوع العشائري والمذهبي وتوحدت فيها المشاعر الحميمه لكي يغلي هذا المكان الا متجانس في بوتقه المكان لينتج نسيج اجتماعي ينسجم وروحيه العلاقات السائده بين الافراد بالرغم من الاختلاف المذهبي والعقائدي والعشائري والطبقي وقد وجد هذا المكان الجديد لالتقاء هذا النسيج الاجتماعي وقد سمي المقهى وقد اختلفت طبيعه ونوعيه المقهى حسب مكانها وسبب انشائها وصفه وطبقه روادها فكانت المقهى الواحده في المكان الواحد تتطور حسب تغيير الرواد او مع تغيير صاحب المقهى وطريقه ادارتها لها بل ويتغيير نوع ما تقدمه المقهى للزبائن للرواد من شاي او حامض او عصير او سوده او نركيله..

  

والتقينا بمبدع يجلس في المقاهي وسالناه هل المقهى فضاء مناسب للابداع؟ نعم اني كنت ارى كثير من اساتذتنا في المقهى يخطون او يدونون مايدور في ذاكرتهم كنت اسال نفس السوال هل المقهى حيز للابداع؟ الجواب دائما يكون نعم فهي حقا تهبنا الهدوء والتفكير وتسمح للخيال ان يستكشف مكنوناته ومن ثم فهي حيزا او فضاءا للابداع واضاف الصحفي احمد علي يجلس في المقهى. المقهى العراقي انه لدرجه عاليه من درجات الوعي ففيها يتم ممارسه النقد لما نكتب واعني النقد البناء ففيها نعقد الندوات والمؤتمرات الصحفيه لمناقشه كتاب او قصه او قصيده نتناولها بالنقد والتحليل كل ذلك يتيح لدي الثقه بالاجابه نعم مقهانا مدرسه للابداع وسالنا اخر صاحب مقهى ماهي الخدملت التي تقدما المقهى للزبائن ؟ دائما المقهى يكون نظيف ومرتب وفيها كافه المستلزمات من الاشربه المنوعه الحاره والبارده كالسيفون والسوده والحامض والكاكاو والحليب والشاي بانواعه السيلاني والصيني والياباني فضلا عن النركيله وهي منظمه في عملها حيث يكون لكل عامل اختصاص في عمله ويعرف دوره في خدمه الزبائن من الصباح حتى المساء ودائما العمال الموجودين يرتدون (الوزره الحمراء ) والطاقيه (العرقجين)حتى الزبون يعرف العامل من هذة الملابس وايضا يوجد مذياع وتلفاز ودائما كل شرائح المجتمع تدخل الى مقهانا من شيوخ ومثقفين ومدرسين وطلبه ومن كبار السن وهؤلاء يتنحون جانبا وعلى اسره خاصه ليمضوا ليله من السمر بينهم لاعاده ذكريات شبابهم وبطولاتهم القديمه..

                  

وسالنا صاحب مقهى اخر فقال ان المقهى العائد لي يفتح من الصباح الى الظهر حيث يرتادوا هذا المقهى هم الفلاحين والمراجعين لدوائر الدوله وياتي الفلاح صباحا لجلب محاصيله الزراعيه ويكون حساب ماله من الانتاج داخل المقهى واما المراجعين لدوائر الدوله فاني اصطنعت لي شغله جديده لاني قريب من مركز شرطه وهذا المركز مودع فيه الكثير من الموقوفين والشرطه لاتسمح بدخول الموبايل فعتبرت نفسي امينا لهؤلاء حيث يضعوا الموبايل عندي كامانات وبعد مايواجهوا ذويهم ياخذوه ويشربوه شاي ويعطوني (500) دينار
وسالنا اخر هل المقاهي في الوقت الحاضر تلبي طموح الزبائن من مختلف الشرائح؟ لا...ان اكثر المقاهي يكتب عليها اللافتات وباسماء رنانه لكنها لاتلبي الطموح مثلا مقهى الادباء ولايفقه صاحبها مقهى كلمه الادباء الا انه يعرف كيف يبيع الشاي الممزوج بالصبغ الاسود وببسي بابل والكرستال وبغداد وماعدنا نمتلك مقومات الوجوديه لهذة المقاهي

   

وسالنا شاعر من شعراء بابل ماهي طبيعه المقاهي العراقيه وهل تاثرت بالوضعيه السياسيه؟ دائما المقاهي في المدن العراقيه تجمع الاصدقاء والأحباء المواعيد واكثر هذة المقاهي تحولت الى مجمعات ومجالس ادبيه يؤمها الشعراء والفلاسفه وهواة الفن والمقاهي في العراق تختلف في المكان والزمان انها ارتباط حميمي وعلاقات المقهى مختلفه لذلك انت تجد في العراق تعدد واختلاف تلك المقاهي تجدها احيانا كثير متخصصه في المهنه وهناك مقهى متخصص في الشعراء واخر بالرياضيين واخر بالخرسان واخر للشباب واخر خاص للشيوخ واخر خاص بالعمال والفلاحين واخرى للمثقفين والسياسين وتنوع وظيفه المقهى فمن دور التسليه وقضاء الوقت الى مكان للعمل وفرصه لايجاد منه واضاف اخر هناك يكون في المقاهي تجمع سياسي تنطلق منه الكيانات السياسيه والمظاهرات الجماعيه وسالنا احد المعمرين هاشم الحسن عن المقاهي قديما فقال : اول مظاهره انطلقت بعد سقوط الفاشيه تلك التي نظمها التجمع الثقافي في شارع المتنبي انطلقت من مقهى الشابندر ومن ذلك المقهى ايضا تم تاسيس التجمع الثقافي ومن مقهى (الادباء) في باب المعظم انطلقت تشكيلات ثقافيه اخرى تاريخيه ايضا وكان المقهى العراقي تجمعا لكبار الادباء مثل الزهاوي (المقهى التي كان يرتادها تسمى الان باسمه مقهى الزهاوي ) ومعروف الرصافي الذي كان يجلس في مقهى ( حسن عجمي ) وكذلك شاعر العرب الاكبر الجواهري والسياب والبياتي والراحل( فؤاد التكرلي )

   


والتقينا باخر وقال نحن نرتاد المقهى ليس بصيغه الارتياد المعروف وانما ارتيادنا للمقهى بالصيغه التي نعتبر فيها المقهى جزء من حياتنا السياسيه وانا شخصيا اعتبر المقهى تجمع سياسي لذلك ارتادها لاني التقي بوجوه سياسيه وثقافيه ونتطارح بالشان العربي والمحلي والاقليمي والدولي ونتبادل الاراء فيما بيننا....

   

عندما رانا احد المنتسبين لدوائر الدوله وهو احد افراد الشرطه العراقيه روى لي حدث قد حدث في هذة المقهى في يوم من الايام وقال: أثناء قيام احد الوفود العربيه بإجراء اللقاءات مع المواطنين في مدينة حي الضباط في محافظة بابل وبالتحديد في احدى المقاهي الشعبية حيث حفت الرجال والشباب والشيوخ في المقهى حول الوفد يستمعون لاحاديثهم وكان هناك عدد من منتسبي الشرطة وبعد حديث مطول معهم فقد كنا جالسين واستمعنا الى الحديث الذي تم طرحه حول التسهيلات والاعمار الذي سوف يقدم الى المحافظه فقمنا مسرعين الى الظابط عصام وقد قام بالارسال اليهم واستقبالهم احسن استقبال بمايليق بالوفود العربيه وأجلسهم في غرفته وتحدث إليهم مستفهما ودار حديث طويل حول الاعمار والبناء والمشاريع الاساسيه التي يجب ان تنفذ الى المدينه و يريد منها إنقاذ ما يمكن استنقاذه من اجل خدمة هذا الشعب فأعجب السيد الضابط بالطرح وقال ما نصه انتم الوطنيون وعليكم تحمل الصعاب وانتم مسموح لكم بان تأتوا في أي وقت تشاءون إلى هذه المدينة عارضا المساعدة في كل الظروف وشكر الوفد المقدم عصام على هذه الحفاوة والاستقبال
ليس كل من جلس في المقهى انه كبير في العمر او متدارك لشخصيته المتكامله وواعي لحديث المثقفين والساده الجالسين ففي بعض المقاهي قد يرتادها نوع خاص من الاعمار وهو سن المراهقه وقد صادفني في احد المقاهي هذا المراهق فسالته : كيف تتم زيارتك الى المقهى وماذا تمارسون فيها وماهي طبيعه الاحاديث المتناوله هناك؟ اجاب: بين الحين والاخر نتوافد الى الكازينوهات والمقاهي المعتادة على تقديم النركيلة والتي نجدها متنفسا اخرا نكمل فيه مظاهر اثبات وجودنا امام من هم اكبر منا سنا.

  

احد الساده الاجتماعين قد تطرق الى موضوعي هذا وقام بمشاركتي في الرد على الاسئله المقدمه فقام بطرح وجهه نظره فقال : نلاحظ ان المراهقين لا تتعدى اعمارهم الثلاثة عشر ربيعا يجلسون بكل حرية في المقاهي وقد لفتهم سحابات دخان النركيلة التي بان امر تعاطيها من قبل المراهقين لا يشكل ظاهرة لافتة للنظر بالنسبة لمن يمر في الشارع ويلتفت نحو أي مقهى من المقاهي المذكورة. مواطنون حملوا الحكومة مسؤولية الاضرار الصحية والاجتماعية والنتائج الاخلاقية السلبية التي تترتب على هذه الظاهرة، مؤكدين ان على الحكومة وبالذات وزارتي الداخلية والسياحة وضع ضوابط مشددة على اصحاب المقاهي والكازينوهات التي تقدم النركيلة بعدم السماح بتقديمها الى من يقل عمره عن 21 عاما على سبيل المثال بغية الحد من هذه الظاهرة الخطيرة ومن ثم القضاء عليها كون غالبية المراهقين لا يستطيعون تدخين النركيلة في منازلهم او في اماكن اخرى غير هذه المقاهي.

ملاحظة: الصور للتوضيح فقط

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

791 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع