
إرم نيوز:قالت مصادر سياسية عراقية لـ "إرم نيوز" إن المسار الفعلي للمفاوضات بشأن اسم رئيس الحكومة العراقية الجديدة، يسير باتجاه إقصاء رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني عن الولاية الثانية، في ظل ضغط إيراني واضح، وانقسامات شيعية داخلية أعمق مما تبدو عليه في المشهد المعلن.
ورغم حصول "ائتلاف الإعمار والتنمية" بقيادة السوداني على 46 مقعدًا، وهو ما يجعله نظريًّا المرشح الأوفر حظًّا لرئاسة الحكومة، فإن المفاوضات داخل "الإطار التنسيقي" تسير باتجاه استبعاده عن تولي رئاسة الحكومة المقبلة.
وتفيد هذه المصادر بأن "السبب الرئيسي لتراجع حظوظ السوداني هو الاعتراض الإيراني غير المعلن على أدائه خلال العامين الماضيين، واعتباره ميالًا إلى الغرب أكثر مما يسمح به ميزان النفوذ الإقليمي". وتضيف أن طهران "أبلغت بعض قادة الإطار بضرورة البحث عن شخصية أكثر انسجامًا مع متطلبات المرحلة، وأقل حساسية تجاه الملفات الأمنية المشتركة".
وتتفق عدة مصادر سياسية عراقية على أن "خطاب السوداني في الأشهر الأخيرة، خاصة حول العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة، والحديث المتكرر عن تقليص نفوذ الفصائل داخل بعض المؤسسات، أثار حفيظة أطراف ذات وزن داخل الإطار، وعلى رأسهم نوري المالكي".
وتكشف هذه المصادر أن المالكي "حسم موقفه نهائيًّا بعدم تجديد الولاية للسوداني"، وهو ما سربته كذلك صحف عراقية مقربة من "دولة القانون" خلال اليومين الماضيين.
إيران.. لاعب حاسم
تنقل مصادر مطلعة لـ"إرم نيوز" أن النقاشات داخل "الإطار التنسيقي" تجري "بإيقاع إيراني واضح"، وأن "وفودًا سياسية تابعة لأحزاب رئيسية في الإطار ترددت إلى طهران خلال الأيام الماضية لاستطلاع الموقف النهائي". وتشير المصادر إلى أن الإيرانيين "لا يرغبون في رئيس وزراء بميول غربية واضحة، ويخشون من تكرار تجربة مصطفى الكاظمي".
وتوضح هذه المصادر أن طهران "تتعامل ببراغماتية، لكنها حاسمة في القضايا الأمنية"، وأن "السوداني، رغم أنه لم يصطدم مباشرة مع إيران أو حلفائها، فإن أداءه لم يكن على مستوى التوقعات، خصوصًا في ما يتعلق بإدارة الحشد الشعبي، والتنسيق الأمني، وتجميد بعض الملفات المشتركة".
وتشير معلومات متقاطعة من صحافة عراقية ومن شخصيات داخل الإطار إلى أن "رسالة إيرانية غير مباشرة وصلت إلى قادة الإطار" مضمونها "تجنبوا المجازفة بشخصية غير مضمونة بالكامل". وهذا ما فتح الطريق أمام أسماء أخرى تُعد "أكثر طواعية" و"أقل ارتباطًا بواشنطن".
المصادر أكدت أن "العامل الإيراني هذه المرة أكثر حضورًا من انتخابات 2021، لأن طهران تعتبر أن المشهد الإقليمي لا يحتمل وجود شخصية مترددة أو غير منسجمة في بغداد". وتوقعت المصادر أن يُحسم اسم رئيس الحكومة قبل نهاية الشهر الحالي، بعد سلسلة اجتماعات سرية برعاية إيرانية".
الأسماء البديلة
وفق معلومات حصل عليها "إرم نيوز" من مصدرين داخل الإطار، فإن لائحة المرشحين الفعلية تقلصت إلى ثلاثة أسماء أساسية؛ أبرزها حميد الشطري، رئيس جهاز المخابرات، الذي يُنظر إليه كخيار "توافقي" يجمع الصفات الأمنية – الإدارية، ويحظى بقبول لدى طهران وداخل الإطار. ومحسن المندلاوي، النائب الأول لرئيس البرلمان السابق، ويُطرح كحل وسطي لكنه أقل حضورا داخل الكتل الشيعية. فيما يعود طرح اسم حيدر العبادي، كلما احتدم الانقسام، إلا أن حضوره هذه المرة مرتبط بمدى قدرة الإطار على تجاوز خلافاته الداخلية، وفقا للمصادر.
أما السوداني، فيؤكد مصدر سياسي مطلع على طبيعة النقاشات أن "حظوظه تراجعت إلى ما دون 20%"، وأن "الإطار يتعامل معه الآن على أنه خيار احتياطي وليس مرشحًا أساسيًّا". ويضيف: "حتى داخل فريقه السياسي هناك من بات يعتقد أن الملف قد حُسم، وأن المرحلة المقبلة تتطلب وجهًا جديدًا".
وتشير التسريبات الصحفية العراقية إلى أن "اللجنة القيادية الجديدة" داخل الإطار ستبدأ مقابلات مع المرشحين الثلاثة خلال 72 ساعة، وأن التوصية النهائية قد تُرفع قبل نهاية الأسبوع المقبل. وأوضحت أن "آلية الاختيار تعتمد هذه المرة على معيارين؛ القبول الإيراني، والقدرة على إدارة البيت الشيعي من دون صدام".
أمريكا تراقب
رغم أن القرار الحاسم في تسمية رئيس الوزراء مرتبط حصرًا بالإطار التنسيقي، تؤكد مصادر "إرم نيوز" السياسية أن "الولايات المتحدة أبلغت أطرافًا شيعية بأنها لا تعترض على أي اسم، ما دام ملتزمًا بالتفاهمات الأمنية القائمة". لكن هذه الرسائل، بحسب المصادر نفسها، "لا تعني حيادًا أمريكيًّا"، إذ تتابع واشنطن "بقلق" احتمال صعود شخصية أمنية شديدة القرب من إيران مثل الشطري.
ويقول مصدر سياسي إن "واشنطن تخشى من أن يؤدي صعود شخصية محسوبة بالكامل على إيران إلى تعزيز نفوذ الحشد والفصائل، وهو ما سيعيد التوتر إلى العلاقة الثنائية". لكنه يضيف أن "الأمريكيين لن يواجهوا القرار علنًا، لأنهم يدركون أن القرار النهائي يُصنع داخل البيت الشيعي".
ومع ذلك، تشير مصادر سياسية إلى أن "الإطار التنسيقي يدرك أن الذهاب نحو شخصية مندفعة بالكامل نحو إيران قد يفتح الباب لأزمة مع واشنطن والغرب، وهو ما لا يتحمله العراق حاليًّا اقتصاديًّا وأمنيًّا". وهذا ما يجعل بعض القوى داخل الإطار تدفع باتجاه مرشح "مرن" من دون أن يكون محسوبًا على طرف خارجي بشكل كامل.
"الاسم الجديد" يُطبخ بهدوء
تشير كل المؤشرات إلى أن "الإطار التنسيقي" حسم قراره بعدم تجديد ولاية محمد شياع السوداني، رغم حصوله على أعلى عدد من المقاعد. حيث تتقاطع عدة عوامل لإقصائه بهدوء ودون مواجهة علنية، أبرزها العامل الإيراني، ومخاوف المالكي، وتوازنات الداخل الشيعي.
وفيما تميل كفة الترشيحات بين الشطري والعبادي، تبدو الأيام المقبلة حاسمة. فاسم رئيس الوزراء الجديد لم يعد مرتبطًا فقط بتوزيع المقاعد، بل بمعادلة إقليمية دقيقة، تجعل من اختيار الشخصية "قرارًا إستراتيجيًّا" يتجاوز حدود بغداد.
737 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع