يحلم بغد أجمل ما زال يترقب وصوله منذ عقود
الموصل – نوفل الراوي:رغم بلوغه الثمانين من العمر، إلا أن شيخ صناعة آلة العود في الموصل إبراهيم الجوادي ما زال يعمل بجد ، ولم يقرر بعد إحالة نفسه على التقاعد، لأنه كما يقول يجد متعة لا تضاهى حين يقدم لفنان حقيقي آلة ينشر من خلالها لغة الجمال والعذوبة..
في محله بمنطقة الباب الجديد ما زال الجوادي يواصل عمله بهمة الشباب، ولم يثنه ضجيج باعة الخضر وسوق الحدادين والقصابين الذين يطوقون محله من جميع الجوانب عن مواصلة عمله ، اذ يقول الجوادي مبتسماً : في الحقيقة أنا قد تأقلمت على هذا الضجيج المحيط بي إلى درجة انه لم يعد يعني لي شيئا، ووقتي الجميل أمضيه في صناعة العود لاقدمه لعشاق هذه الآلة.
دخل الجوادي عالم صناعة الآلات الموسيقية مصادفة حيث امتهن النجارة منذ صباه وكان عدد كبير من فناني المدينة يزورونه في محله ويوما ما اقترح عليه الفنان أكرم حبيب أن يصنع له عودا فأعجبته الفكرة ونفذه على الفور ليجد نفسه امتهن صناعة العود ليكون بعد ذلك الاوحد في هذه المهنة بالموصل رغم انه لا يجيد العزف على هذه الآلة.
لا يختلف العود الموصلي عن البغدادي من حيث الجوهر،كما يقول صانع العود بل الاختلاف يكون بجدية الصانع له وحرفيته في هذا المجال ، غير أن العود الموصلي مصنوع من خشب الجوز الذي يعد أفضل مادة أولية يمكن أن يصنع منها العود.
وبما أن خشب الجوز أصبح قليلا وغالي الثمن في السوق المحلية ؛ فقد بدأ الجوادي باقتناء قطع الاثاث القديمة والمستهلكة من اصحابها ليصنع آلات عود بمواصفات فنية جيدة.
في مطلع الثمانينيات اضاف الجوادي وتراً سابعاً، وقد وجدت هذه الفكرة إطراءً من قبل الكثير من الفنانين واولهم الفنان نصير شمة، ولم يكتف بذلك بل قام بتصنيع آلة خاصة لإعداد الأوتار فأصبح العود ينتج كاملا داخل ورشته.
ومن زبائنه الدائمين كما يشير طلبة كلية الفنون الجميلة ومعهد الفنون، وفنانو الموصل قاطبة ، ويعتز الجوادي كثيرا بالتعامل مع الفنان نصير شمة ، وكاظم الساهر ، بالمقابل يرفض ان يقدم انتاجه للمتطفلين على الفن ، والمسيئين له حيث يمتنع عن التعامل مع كل من يشعر انه يمتلك المال فقط ويريد ان يقتني العود كي يضعه كأي قطعة اثاث داخل بيته.
ولن يفكر الجوادي بالتقاعد لأن العمل والجلوس بين هذه الالات التي تصدح بالعذوبة والجمال يجعله يحلم بغد اجمل ما زال يترقب وصوله منذ عقود.
846 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع