بغداد،واشنطن/اور نيوز:دعا باحث الى ضرورة العمل على فدرلة العراق وتوزيعه على ثلاث دول شيعية وسنية وكردية تحت مسمى عام هو "الجمهورية العراقية" من اجل عدم ترك العراق ينزلق الى الهاوية، لافتا الى ان الوقت قد حان للاعتراف بحقائق الاحقاد الدينية والاثنية في هذا البلد.
وقال الان توبول في مقال له بصحيفة هفنغتن بوست ان "الولايات المتحدة بذلت جهدا كبيرا لتخلف وراءها أمة قادرة على البقاء في العراق. وللاسف، هناك حادثتان تبينان ان هذه الامة تتفكك الان". وتابع أن "الاولى هي الاتفاقية التي دخلت بها حكومة اقليم كردستان مع تركيا قبل اسابيع قلائل لتجهيز النفط عبر انبوب ناقل. وهذا ما اثار توترات مع بغداد التي تخشى من ان هذه الخطوة يمكن ان تقدح شرارة استقلال الاكراد بالجزء الشمالي من البلد".
قد تكون هذه الصفقة النفطية ثمينة بنحو لا يصدق بالنسبة للاتراك لان من شانها ان تاتي بالنفط ومن ثم الغاز لبلدهم الفقير من الطاقة، وفق ما ترى الصحيفة. كما من شان تركيا ان تحصل على جزء من الحقول النفطية. وبالنسبة للاكراد، من شان هذه الاتفاقية ان تمثل خطوة ضخمة باتجاه تحقيق حلمهم الذي ينتظرونه منذ زمن طويل باقامة بلد لهم مستقل عن بغداد. ولتهدئة الحكومة العراقية، تتصور الصفقة ان بغداد سوف تتلقى حصة كبيرة من ايرادات الصفقة. ولم يكن هذا يكفي لكسب موافقة رئيس الوزراء المالكي، الغاضب من الصفقة. وقال وزير النفط ان اي اتفاقية نفطية مع تركيا ينبغي ان تكون من خلال الحكومة العراقية المركزية. وصراع المالكي مع الاكراد على الصفقة قد اعاد القاء الكرة بساحة رئيس الوزراء التركي اردوغان. فهو يخاطر باثارة حنق المالكي لو واصل المضي من دون موافقة بغداد. او انه يتوقف ويحجم عن الاستمرار. فما سيؤثر في اتخاذه القرار هو الكراهية الموجودة اصلا بين انقرة وبغداد. كما ان تفشي الصراع السني الشيعي في العالم المسلم يطل براسه. واردوغان واغلبية الاتراك الساحقة هم من السنة؛ والمالكي وغالبية حكومته شيعة.
ويعتقد الباحث، أن "التطور الثاني هو العنف في محافظة الانبار غرب العراق حيث السنة يقومون بتمرد صريح على حكومة المالكي ذات الاغلبية الشيعية. والمسلحون المرتبطون بالقاعدة انضموا الى زعماء عشائر سنية في المنطقة لطرد قوات الحكومة ورفع عملهم على مدينة الفلوجة ذات الرمزية الكبيرة، حيث خاضت القوات الاميركية اشد معاركها دموية في الحرب العراقية".
هذان الحدثان تسرعان من مسير العراق نحو التفكك. فخلال العام 2013، ارتفع العنف في العراق بنحو كبير. فقد قتل ما يزيد عن 7 الاف مدني بتفجيرات واطلاق نار باسواق مفتوحة ومقاه ومحطات باصات وجوامع. ونادرا ما يمر اسبوع بلا ذكر تفجير انتحاري يقتل عشرات اضافية من الناس. ففي حادثة واحدة، نفذت ثماني تفجيرات انتحارية في وقت واحد.
ويقول الباحث إن حكومة المالكي العراقية عاجزة عن وقف هذه الهجمات. وفي الحقيقة، ان حكومته لا تستطيع فعل اي شيء. وهي لا تملك وزيرا للدفاع او للداخلية. وانسحبت قوات الامن الحكومية من المناطق السنية. فالقوات الامنية قابعة في ثكنات قريبة، متخلية فعليا عن الارض للميليشيات السنية.
ويعتقد توبول ان المالكي يائس جدا من تعزيز الامن الى درجة انه توجه الى واشنطن للقاء الرئيس باراك اوباما للمرة الاولى منذ العام 2011. وفي هذا مفارقة كبيرة. فالمالكي، الذي اخرج الولايات المتحدة من العراق ووضع بلده الى جانب ايران، يتوسل الان اوباما لينقذ بلده. وللاسف، اختار المالكي المكان الخطا والرئيس الخطا. فاوباما يريد اشتراكا قليلا لا كثيرا بشؤون الشرق الاوسط. وعندما لعب المالكي ورقة القاعدة، محذرا من احتمال صعود هذه المجموعة الارهابية، لم يتلق المالكي سوى وعد بتسريع تسليم شحنات السلاح، وبالتاكيد لا ارسال لقوات اميركية.
وبالنسبة لتوبول فغن الكثير من المسؤولية على فوضى العراق الحالية تقع على عاتق المالكي. فسياساته الخلافية لا علاقة لها بالديمقراطية، باستثناء الاسم، وتفضيله الشيعة على السنة والاكراد جر البلد الى حافة التفكك.
والحقيقة الاكثر اهمية بشان التنوع في العراق هي ان المسلمين الشيعة يشكلون تقريبا 60 بالمائة من كامل السكان؛ والمسلمين السنة 20 بالمائة؛ والاكراد 20 بالمائة. والفصائل المتباينة والمتناحرة كانت مع بعضها على مدى عقود من الحكم البريطاني ومن بعدها العسكر الاقوياء. وكان اخرهم الديكتاتور السني الوحشي المصاب بجنون العظمة، صدام حسين.
ويرى توبول ان المستقبل يبدو قاتما للعراق. فالتماسك الاجتماعي لا يكفي للتغلب على الخلافات الاثنية وربط الناس ببعضهم. فايران، التي نصبت نفسها زعيما للعالم الشيعي، تحرض العراقيين الشيعة على تحقيق هيمنة تامة. والسعودية ودول الخليج تسلح وتمول الجهاديين السنة ليهاجموا الدولة ويزرعوا القنابل بالمناطق الشيعية. والاكراد، وهم يدركون ضعف الحكومة المركزية ببغداد، يهددون باقامة دولتهم، واخذ النفط معهم. وهكذا يجب النظر الى اتفاقيتهم مع تركيا بهذا السياق.
ويعتقد أن هناك حلا ممكنا لهذا الوضع المعقد: عراق فيديرالي. ويقول "حثثت على هذا الاجراء بمقالات في واشنطن تايمز وموقع ميليتري في الاعوام 2006-2004 عندما كانت الحكومة الاميركية تضع استراتيجية انهاء اللعبة التي دعت الى انتخابات وطنية. اذ تحت مفهوم الفدرلة، سيكون هناك داخل الجمهورية العراقية، ثلاث دولة منفصلة ـ واحدة للمنطقة ذات الاعلبية الشيعية؛ وواحدة للمنطقة السنية؛ والثالثة في المنطقة الكردية بالشمال".
واذا كانت الولايات المتحدة تريد تولي زمام المبادرة للدفع باتجاه مفهوم الفدرلة في العراق، فلربما ستحظى هذه الفكرة بشعبية. اذ ربما علينا الاعتراف ان الديمقراطية لا تعمل ولن تعمل في العراق. ولعلنا نقول ايضا ان الوقت قد حان للتخلي عن الحدود الدولية المصطنعة التي رسمها البريطانيون قبل 100 سنة تقريبا. وقد حان الوقت للاقرار بحقيقة الاحقاد الاثنية والدينية. وان لم يجر العمل على هذا، فان هبوط العراق نحو الهاوية سيستمر.
1083 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع