عبدالجبار العتابي/بغداد: فوجئ الجمهور الذي حضر لمشاهدة مسرحية (برلمان نسائي)، في الموعد المحدد للعرض، بالظلام يخيم على مبنى المسرح الوطني من الداخل والخارج، وهو ما أثار الاستغراب لديه واضطره الى البقاء خارج المسرح انتظارًا لسماع خبر ما، وبعد قليل شاهد الجمهور الفنانات اللواتي يشاركن في المسرحية وهنّ يغادرن المسرح الى بيوتهن، ومن ثم جاء الخبر الآتي: ألغي العرض لخلل في الكهرباء !!
ولم تكن الكهرباء هي السبب بل كانت حجة سهلة لمنع العرض في يومه الثاني بهدوء ودون ادنى ضجة، حيث كان العاملون في المسرح يؤكدون وجود خلل في (البورد) العام للطاقة الكهربائية، اذ إن الاخبار التي تسارعت في التداول اشارت الى أن الالغاء جاء بتوجيهات من وكيل وزير الثقافة الدكتور مهند الدليمي، الذي حضر العرض في يومه الاول، لكنه لم يكمله فخرج من القاعة ضجراً، كما نقل ذلك شهود عيان، وأكد هذا (البوست) الذي كتبه الدليمي على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) وقد اعلن سخطه على العرض.
المسرحية التي هي من تأليف واخراج الفنانة الدكتورة عواطف نعيم، وتمثيل نخبة من الممثلات هنّ: فاطمة الربيعي، اسيا كمال، سمرمحمد، زهرة الربيعي، ساهرة عويد، سوسن شكري، بتول كاظم، اسيل عادل، ايمان عبدالحسن وبيداء رشيد، اضافة الى فنانين اثنين هما: حسين سلمان وعبدالاميرالصغير، والمسرحية في مجملها تحكي عن مجموعة نساء يتـأمرن على رجالهن البرلمانيين ليحللن محلهم في البرلمان ويستغللن الفرص في سفر وقروض واعلام.
العرض يوضح ايضاً أن هؤلاء النساء، وبفعل غلط من إحداهن، يشربن الخمر ومن ثم يسكرن ومن خلال السكر تظهر حقيقة كل واحدة منهن، فالقرارات المصيرية التي تهم المجتمع والشعب تترحل الى اشعار آخر والقرارات التي تهم مصالحهن تنفذ بجلسة واحدة، فيما هنالك كتلة صامتة وأخرى معارضة ترفض ما يحصل.
فقد كتب الدكتور مهند الدليمي ما يأتي: (دعتني الفنانة د. عواطف نعيم اليوم لحضور عرض مسرحي من اخراجها على المسرح الوطني، همس احدهم في اذني أن السيد مدير عام دائرة السينما والمسرح د. نوفل ابو رغيف كان قد منع عرض المسرحية مرات عدة، وان السيدة نعيم عانت ماعانت في سبيل أن ترى مسرحيتها النور، ونجحت اخيرا، تراود في ذهني فوراً، هاجس عدم جواز قمع الفنان واستغلال المنصب لتكميم الافواه ونحن نعيش عصر الحرية،، وقلت في نفسي وانا اعرف شخصية السيدة نعيم وامكاناتها الفنية رفيعة المستوى لاحضرن العرض على الرغم من سوء التوقيت، كونه يصادف مباراة منتخبنا الحاسمة مع السعودية.
واضاف: وصلت المسرح عند الساعة الخامسة بالضبط، وأخذت مقعدي وجاورني على اليمين الفنان كاظم القريشي وعلى اليسار الدكتور نوفل،،قلت له اخي نوفل ما قصة منعكم عرض السيدة نعيم، أجابني مبتسماً،،لقد قمت... لا أريد ان اروي ما قاله السيد ابو رغيف، حتى انهي لكم تفاصيل ما شاهدته عيني اليوم في المسرح الوطني لعرض ضم الصف الاول من فنانات المسرح العراقي،، فاطمة الربيعي، اسيا كمال،سمر محمد، سوسن الشكري وأخريات، لم تصدق عيني ما رأت، اربعون دقيقة من العذاب اذاقتنا اياها د. عواطف، مكرهين، تناولت البرلمان العراقي بطريقة فجة سطحية بلا عمق وبطريقة نقدية ساذجة حتى البلاهة، اظهرت عواطف نائبات الشعب مخمورات يتراقصن على انغام الحان الغجر، ويتبادلن حوارًا فجًا مملاً مليئاً بالزعيق والصراخ، لقد تهاوت اليوم اسماء رنانة على المسرح الوطني، الذي غادر اكثر من نصف حضوره قبل نهاية العرض بزمن، كان عرضًا مملاً بائسًا ومكرراً الف مرة، واسفت أن يهبط المسرح الجاد هذا الهبوط المريع شكلاً ومضمونًا واستغربت قبول الفنانات الكبيرات أداء هذه الشخصيات،اذ بدت اسيا وسوسن وسمر وفاطمة مهرجات من الصنف العاشر.
وتابع: قال لي د. نوفل بعد نهاية العرض والآن ماهو رأيك انني حذفت ٢٠ دقيقة من العرض لتضمنه اساءة بالغة ومريعة للبرلمان والبرلمانيات غير مسبوقة من احد، قلت له لست ملامًا لو انك حذفت العرض كله، لأن المسرح ليس منبرًا للشتائم وأن الحرية لا تعني الانفلات والشتائم).
من جانبنا حاولنا الحصول على رأي من دائرة السينما والمسرح، ولكن الاجابة التي كانت هي أن خللاً حصل في الكهرباء ولا يمكن اصلاحه فورًا، وأن الشركة الهندسية غير جاهزة لاصلاحه، ولا بد من يوم آخر، وتساءلنا اذا ما كانت المسرحية ستعرض في يوم آخر لم تكن هنالك اجابة واضحة.
الى ذلك اتصلنا بالدكتورة عواطف نعيم، مؤلفة ومخرجة العمل، لمعرفة ما حدث فأكدت أنها لا تعرف أي سر قد يتوقعه الآخرون، وكل ما في الامر أن مدير المسارح في دائرة السينما والمسرح الفنان كاظم القريشي جاءها وهي على خشبة المسرح وابلغها أن خللاً حدث في البورد الرئيسي للكهرباء من الصعب اصلاحه لعدم وجود أحد من الشركة الهندسية، وأنها امتثلت للامر وغادرت مع زميلاتها الفنانات مبنى المسرح بعد أن تم الاعلان أن العرض تم تأجيله.
وحول ما جاء على صفحة (الفيس بوك) لوكيل الوزارة الدكتور مهند الدليمي، اكدت أنها لم تقرأ ما كتبه، لكنها اوضحت أن من حقه أن يعبر عن رأيه بالعمل كأي متلقٍ أو ناقد، ومن الواجب عليها احترام رأيه.
908 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع