التدخين والتحرش ظاهرتان داخل الباص .. أسرار عائلية تعلنها الهواتف وأغانٍ نشاز يفرضها السائقون
(أهلاً حياتي….شلونج…وين والله مشتاق …لا حبيبتي والله مشغول…اليوم اخابرج بالليل ونتفق …)،هذه كلمات من حديث طويل وعريض داخل احدى الحافلات تسمعها من شاب وبصوت عال أمام مرأى ومسمع جميع الراكبين، وكان يلتفت بين الحين والآخر بتسريحته السبايكي الى هذا الراكب او تلك الفتاة التي تجلس بجانبه متباهيا ومفتخرا بمحادثته، معتقدا بان ما يقوم به هو حرية كفلها له الدستور والانفتاح على العالم الجديد دون مراعٍاة الذوق العام، او المبالاةٍ بابتسامات السخرية التي كانت ترتسم على مُحيا هذا الراكب او ذاك، في حين تكاد عيون الفتاة تهرب خجلا من نافذة الحافلة صوب الشارع وكأنها هي المعنية او هي الجانية لا هذا الشاب الذي تمادى بمكالمته بكلمات اكثـر وقاحة من التي ذكرناها.
هذه حالة من حالات كثيرة وغريبة يعيشها المواطن الذي فرضت عليه الظروف ان يكون تحت سلطة السلوكيات الغريبة داخل حافلات نقل الركاب الحكومية والأهلية.
مواطنون ومواطنات تحدثوا للمدى في قصص معاناتهم وما يلاقون داخل تلك الحافلات من معاناة و سلوكيات طارئة وغريبة على مجتمعنا الذي كان مثالا للرقي والالتزام الاخلاقي .
التحرش داخل مرآب الحافلات
(ميسون صادق) ، تعمل في شركة أهلية ، بينت للمدى ان العديد من سائقي الحافلات يبالغون في تأخير المواطنين من اجل ملء العجلة بالركاب فتجدهم يقفون عند بداية كل شارع بانتظار وصول راكب من نهاية الشارع، ما يشكل عبئا ثقيلا على المواطنين يضاف الى معاناتهم من نقاط التفتيش كما تقول صادق،وهي تضيف إلى معاناتها ما تسمعه عند توجهها الى مرآب النقل في منطقة البياع ، من سائقين لايتورعون عن اطلاق العبارات النابية واللااخلاقية على جميع الفتيات اللواتي يتوجهن الى أماكن عملهن او الى بيوتهن، علماً أن اغلب الفتيات سواء كن طالبات او موظفات يتحاشين الرد ،على الرغم من ان بعض العبارات جارحة جدا وتخدش الحياء وتتنافى مع تقاليد مجتمعنا، الذي كان الرجل او الشاب يقوم بحماية الفتاة والوقوف ضد اي متجاوز عليها، وطالبت صادق الجهات المسؤولة عن المرآب بمراقبة تلك الظاهرة ومحاسبة السائقين الذين يقومون بتلك الأفعال الغريبة على المواطن العراقي على حد وصفها.
أسرار تعلن على الملأ
(علي محمد) موظف حكومي يروي حكاية غريبة لم يستوعبها عقله لصدورها عن أكاديمي يحمل شهادة دكتوراه، مبينا أنه أثناء توجهه من منطقة الغزالية الى العامرية ، جلس رجل وقور يحمل شهادة الدكتوراه في المقعد الأمامي لحافلة نقل ركاب، وما ان استقر على المقعد حتى اخرج هاتفه واتصل بأحدهم ودار بينهما الحديث التالي:”هلو ابو علي …شلونك شلون الصحة…العائلة شلونها…والله الحمد لله…كلي ابو علاوي اشصار على شغلة الكاع ،معود ياتسلسل ..يااستحقاق…دمشيها وحلاوتك موجودة وداعة ولدي” . ويضيف محمد انه لم يكتف بتلك المحادثة بل زادها بمكالمة اخرى وبصوت اعلى من السابق (هلو دكتور…شلونك وشلون العائلة ان شاء الله بخير…كلي مخابرتلي على مود بنت اختي، كله يسلم عليك دكتور ماجد وهاي بت اخته ونجاحها يهمني جدا ….وشكد يريد يدلل ادفع من يمك واني سداد….اخوي اخوي مو هاي اختي اكلت راسي). الموظف محمد يتساءل كيف سمح هذا لنفسه التحدث بهذه الطريقة وبالعلن وأمام الجميع ومن ضمنهم طلبة، وهل وصل حال التعليم الى هذه الدرجة من الفساد، واذا كان هذا سلوك رجل يحمل الدكتوراه فهل نلوم الرجل الأمي على سلوكيات مشابهة؟.
العلكة .. ما بين السائق والطالب
راضي محسن (معلم) ، تجاوز العقد الثالث من عمره روى للمدى عدة حكايات حدثت له داخل احدى الحافلات التي يعتاد التنقل بها من مدرسته الى البيت او لإنجاز اي عمل يتعلق بعائلته او علاقاته الاجتماعية ،ومن تلك القصص كما يقول محسن : كنت احد الراكبين في سيارة اجرة من نوع (كوستر) متوجهة من منطقة الأمين الى بغداد الجديدة، وعلى شارع القناة الفاصل بين الأمين ومنطقة الشباب صعد الى السيارة احد الطلبة ومن خلال الزي الذي يرتديه والكتب التي يحملها وعمره لايختلف اثنان على انه طالب جامعي، وما ان جلس الطالب قريبا من المقعد القريب من السائق، ولم تسر العجلة سوى امتار حتى توقفت وتحدث السائق بعصبية مع الطالب طالبا منه اما ان ينزل من السيارة او ان يرمي العلكة من فمه وبصوت عال وبعصبية واضحة كان يصيح بوجه الطالب (ماتستحي …ماتخجل …تعلج واحنه بشهر محرم)، فرد عليه الطالب بكل أدب : هل هناك نص قرآني اوحديث نبوي او فتوى من مرجع ديني تحرم العلكة يا اخي؟،فرد عليه السائق بغضب (لا تتفلسف عليه، ذب العلج لو تنزل)، فما كان من الطالب إلا ان يترجل من الحافلة تحاشيا من ان يتصاعد الموقف ويتحول الى شجار، وسط صمت الجميع على الرغم من استهجانهم من موقف السائق ضد الطالب.
الإصرار على التدخين
الطالب الجامعي (محمد يونس) يقول ان الصعود بحافلات الاجرة هو رحلة شاقة يتحملها المواطن سواء من سلوكيات بعض السائقين وحتى المواطنين، والظاهرة الشائعة في حافلات الباص الأهلية هي مسألة التدخين، وخاصة في السيارات نوع (الكيا)، فعلى الرغم من ضيق العجلة وتراص مقاعدها ، يصر البعض على التدخين من دون مراعاة لبقية الراكبين سواء أكانوا نساء او رجالا او كبارا في السن ، ويضيف يونس انه في احدى المرات طلب رجل طاعن في السن ولديه حساسية من التدخين من احد الاشخاص يقترب عمره من الأربعين عاما الكف عن التدخين لأنه يعاني من مرض في القصبات الهوائية، وعلى الرغم من استجابته للطلب لكنه قال بعصبية “حجي اذا مريض لعد ليش متاخذ تكسي، حتى ماتقيد الناس بحرياتهم”،وهذا ما جعل احد الراكبين ينتفض عليه بكلام عصبي قائلا : يا أخي اولا القانون يمنع التدخين بالأماكن العامة والباص مكان عام، وثانيا هل من الذوق ان تفرض على الجميع أضرار تدخينك، وهل الحرية التي تفهمها هي التي تدقعك لمخاطبة رجل طاعن في السن بهذا الاسلوب. ويبين يونس ان الحوار كاد يتحول الى شجار لولا تدخل البعض للتهدئة.
نشر غسيل الأسرار والمشاكل العائلية
الطالبة (ساره احمد) قالت للمدى ان استخدام الهاتف داخل الحافلات يحتاج الى ثقافة وتوعية وارشادات من قبل الجهات المعنية ،لكون الحديث وبصوت عال من قبل بعض الراكبين وحتى السائقين اصبح أمرا غير معقول ولايمكن ان يحتمل، لان البعض منهم يذيع أسرار بيته من خلال مكالمة تلفونية، وأتذكر أن احد المواطنين اتصل به احدهم وبحسب اعتقاد محدثتنا انها زوجته، ومفاد حديثها ان زوجة ابنه الكبير قامت بالتجاوز عليها بالكلام فما كان منه الا ان يستشيط غضبا ويقول لها (باوعي آني هسه بالسيارة …خل اوصل للبيت والله الا اطيح حظها وحظ الخلفوها، انوب عليه احلام …ام احمد كليلي شكلتلج…لا والله ….خوش خل اوصل وبسيطة” ، وما ان اغلق الهاتف حتى اجرى مكالمة اخرى ليقول (ولك احمد آني جاي للبيت اذا لكيت احلام موجودة والله اذبحها خلاص….ولك تغلط على امك وانته ساكت….لا ….لا …..امكك ابد ماتكذب …دوني…جبان…واذا ماتطردها هسه اخذها وروح وصير يم اهلها اكعيدي…ادب سز)، وتساءلت هل يجوز هذا التصرف وكيف لرجل كبير ان يخرج بأسرار بيته على العامة، وهل من المعقول ان يحكم على مشكلة عائلية من خلال مكالمة هاتفية دون ان يأخذ رأي جميع الاطراف.
(صديقي باك محفظتي وقهرني)
المواطن (عبد الرضا هاني) موظف متقاعد أوضح للمدى ان اكثر ما يثيرني هو صوت جهاز التسجيل العالي والذي يرفع عندي درجة الضغط بحسب قوله، وقال : كنا في السابق وصباح كل يوم وانت تتوجه للعمل تسمع من المذياع صوت فيروز لتمنح نشاطا للجميع بكلمات اغانيها الجميلة والموسيقى الرائعة وصوتها الملائكي، اما اليوم فلا يتورع بعض السائقين من رفع صوت جهاز التسجيل بسيارته او كارت ميموري او مايسمى بال (ام بي ثري) باغان لاصوات نشاز وبكلمات لاغان تجعل المستمع يبكي بحرقة والم على أغاني ايام زمان، المواطن هاني وهو يضحك حيث التقيناه في المقهى يقول ما معنى كلمات هذه الأغاني؟ (راح اجب الماي من فوك السطح) او (حالف الا نتلاكه واضوك الماي ) او (انه بياحال والدفان يغمزلي)،(صديقي باك محفظتي وقهرني) و(بسبس …بسبس ميو) ، طبعا هاني كان يستعين بالشباب الجالسين في المقهى لتذكيره بتلك الاغاني والتي اكثرها شهرة كما يقول احد الشباب (ولك خيه …ودي امك بطياره….تره امك اصيلة من اهل العمارة)، ويضيف هاني هل يمكن مقارنة هذه الاغاني بالاصوات العراقية القديمة، فهذا شيء غير معقول وهي عملية تشويه للذائقة العراقية فضلا عن كونها أصبحت تفرض على أسماعنا من خلال سيارات الباص.
حافلات مصلحة نقل الركاب
الحاجة (ام مروان) وهي صاحبة محل لبيع المواد الغذائية في منطقة الصدرية تقول : اليوم حين استقل حافلة مصلحة نقل الركاب متوجهة الى طبيبي الخاص في ساحة النصر أشاهد العجب على تلك الحافلة، وما يحدث فيها من سلوكيات تختلف عن تقاليد وظواهر ماضينا الجميل، مبينة انه في السابق اذا ما صعدت امرأة الى الحافلة يتسابق جميع الجلوس لإخلاء مقاعدهم لها ليتسنى لها الجلوس ،وكذلك بالنسبة للرجال الكبار في السن يقابلوهم بنفس التصرف احتراما لأعمارهم ،اما اليوم فقد انقلبت الأمور راسا على عقب، فقبل عدة ايام كنت داخل احدى الحافلات وصعدت امرأة حامل وكان عدد الواقفين اكثر من الجالسين في الحافلة، ولم يحرك احد ساكنا لإخلاء مقعده لتلك المرأة، واضطرت ابنتي التي كانت ترافقني في الحافلة الى اخلاء مكانها لتلك المرأة الحامل، متسائلة هل من الممكن حدوث هذا في الماضي، وما الذي جرى للناس حتى تغيرت أخلاقهم بهذا الشكل؟،وشكت ام مروان من كثرة وقوف الحافلة وخاصة في منطقة الشورجة وحين نطالب سائق الحافلة بضرورة الإسراع، يقدم لنا مبرره الرئيس وهو ان الشركة العامة لمصلحة نقل الركاب تطالبه بمبلغ مقطوع في نهاية كل يوم وبخلافه سيقومون باستقطاع المبلغ من مرتبه الشهري، لذلك يضطر الى التأخير لجمع اكبر عدد من الراكبين في حافلته حتى وان كان على حساب معاناة المواطنين
1193 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع