بغداد تستذكر الاب انستانس الكرملي حارس اللغة العربية وادابها

             

ايلاف/ عبدالجبار العتابي:تحت شعار (الاب الكرملي..رائد التحديث الثقافي في العراق) ..استذكر مثقفون وباحثون عراقيون العلامة انستاس ماري الكرملي (1866- 1947) الذي يحمل صفة حارس اللغة العربية وادابها في القرن العشرين المنصرم، في مؤتمر علمي ثقافي نظمه منبر العقل في الاتحاد العام للادباء والكتاب بالتعاون مع المجمع العلمي العراقي ووزارة الثقافة والسياحة والاثار وبطرياركية بابل للكلدان وكلية العلوم السياسية ومركز احياء التراث العلمي العربي في قاعة كنيسة سيدة الاحزان المجاورة لكنيسة اللاتين بالشورجة التي قضى فيها جل حياته ودفن فيها بعد رحيله الى جوار ربه 1947، حيث طالب المثقفون وعشاق الادب والتراث باعادة طبع اثار العلامة انستاس ماري الكرملي .

افتتح المؤتمر بتوجه المشاركين لوضع اكليل من الزهور على قبر الاب الكرملي الموجود في كنيسة اللاتين وقراءة الصلوات وسورة الفاتحة على روحه ، حيث كُتِب على وجهِ قبرهِ بيتان من الشعر هما:(لطمتْ صـدرَها عليكَ لـغـاتٌ في بوادي الأعرابِ يومَ مماتِك/ وعروسُ اللغاتِ قد شقَتِ الجيبَ وقامـتْ تنوحُ فوقَ رفاتِك) ،ومن ثم توجه الجميع الى موقع مجلسه الثقافي الاسبوعي الذي كان يعقده صباح كل يوم ( جمعة ) المهجور حاليا واطلعوا على ما تبقى منه ، وذكر البعض ان الكرملي وضع شرطين وضعهما أمام رواد مجلسه الأسبوعيّ هذا ، وهما تحريم النقاشات السياسيّة والدينيّة !!.

فيما كانت هنالك كلمات من بعض الحاضرين ، حيوا فيها مبادرة استذكار هذه الشخصية الفذة والعلم العراقي الرائد واستذكروا اسهاماته الكثيرة ، وقالوا عنه انه (رجل وهب نفسه للغة العربيّة، فكان باراً بها بِرَّ الولد الصالح بأمّه وأَبيه) ،وانه (خدم بإخلاص اللغة العربية وقدم لها عصارة فكره وجهده ابتداءاً من عشرينيات القرن الماضي وحتى وفاته)

كان المتحدثون : البطريارك لويس ساكو راعي كنيسة بابل الكلدانية في العراق والدكتور ناجح المعموري رئيس الاتحاد العام للادباء والكتاب والدكتور مجيد محسن مراد رئيس مركز احياء التراث العلمي العربي بجامعة بغداد والشيخ ماجد الشامي/ مكتب السيد الشهيد الصدر والدكتور محمد جواد الطريحي عميد كلية العلوم الاسلامية بجامعة بغداد ،القتها نيابة عنه الدكتورة سندس محسن،والدكتور جواد مطر الموسوي/ المجمع العلمي العراقي .

ثم بدأت الجلسات العلمبة للمؤتمر ، فترأس الجلسة العلمية الاولى الدكتور جواد مطر والقيت فيها ثلاثة بحوث الاول للدكتور طارق الجنابي بعنوان (الكرملي وجهوده اللغوية ) والثاني (استدراكات الاب الكرملي على المعجمات اللغوية ) للدكتورة لطيفة عبد الرسول والثالث(الاب الكرملي مجمعيا ) للدكتور محمد حسين العاني، فيما ترأس الجلسة الثانية الناقد علي حسن

الفواز وتضمنت القاء ثلاثة بحوث ايضا هي : الاول بعنوان( الهوية العراقية وكشوفاتها في فكر الكرملي ) للدكتور علي حداد ، والثاني (مراسلات الاب الكرملي مع مثقفي عصره ) للاب البير هشام والدكتورة وسن حسين محيميد ، والثالث ( تخطيط كنيسة الاباء الكرمليين وعمارتها) للاثاري الدكتور سعدي ابراهيم الدراجي.

واثنى الناقد علي حسن الفواز على المؤتمر لاستذكاره احد اعلام اللغة المهمين، وقال : الكرملي ..راهب ولغوي وباحث في التاريخ، ولا يمكن تخيّل أي حديث عن الثقافة العراقية من دون الوقوف عند اسمه وأثره، فهو أحد مؤسسي هذه الثقافة في سياق مشروعها التأسيسي، بعد الاحتلال الإنجليزي للعراق عام 1914، فعلاقته باللغة العربية علاقة وجودية،وحرصه عليها كان من منطلق هوياتي وتاريخي، ومن منطلق ثقافي لساني أدرك من خلاله أن هذه اللغة هي الفضاء والجسر والمقاومة والوعي.

واضاف : هذا الإدراك وضعه أمام جملة من التحديات السياسية خلال أواخر الحكم العثماني للعراق، فضلاً عن التحديات الثقافية التي أعطت لعلاقته مع اللغة طاقة متعالية للمواجهة، ولتجاوز عقدة (الاغتراب الداخلي) الذي كان يعاني منه كثير من المثقفين العراقيين، وحتى حرصه الشديد على الاحتفاظ بمعارفه للَّهجات العراقية المتعددة، كان بدافع الحافظ على روح اللغة، وعلى شفراتها الحاملة للوجود، ولشفرات التفكير بها، أو من خلالها.

تمر الذي استمر يوما واحدا طالب المؤتمرون في توصياتهم الجهات الحكومية المعنية الى اطلاق اسم الكرملي على احد شواع بغداد تخليدا لمكانته الكبيرة وكذلك العمل الجاد والسريع لصيانة وترميم بناية كنيسة الاباء الدومنيكان (كنيسة اللاتين) بمنطقة الشورجة ببغداد ،مقابل جامع الخلفاء، وطالبوا بمعالجة وضعها البنائي البائس خاصة ان بناية الكنيسة الحالية شيدت عام ١٨٦٦ م واقيم اول قداس صلاة فيها عام ١٨٧١وهي مشيدة وفق نظام الابنية البغدادية التراثية الذي يعتمد القبة والاقبية كطراز معماري بغدادي اصيل.

والعلامة الكرملي هو بطرس جبرائيل يوسف عواد، رجل دين مسيحي ولغوي عراقي لبناني، وهو سليل أب لبناني وأم بغدادية فأبوه يدعي جبرائيل يوسف عواد من إحدى قرى لبنان، قدم والده بغداد سنة 1850م وأقام بها، وتزوج من فتاة بغدادية تسمى مريم، وأنجب منها خمسة بنين وأربع بنات، وكان بطرس الذي عرف بعد ذلك باسم أنستاس ماري الكرملي الرابع بين أولاده، وضع كتباً مهمة وأبحاثاً جديدة عن اللغة العربية،كان يرى في الخروج على اللغة العربية خطئاً لا يمكن قبوله أو التساهل فيه. وساهم في عملية التعريب، وأصدر مجلتين وجريدة، وتميزت مجلة لغة العرب التي أصدرها في عام 1911م، بأبحاثها الأدبية والتاريخية، كان يدعو للتصحيح اللغوي والحفاظ على اللغة العربية، كان له مجلس يعقده للمناقشة والحوار وكان مجلسه يسمى مجلس الجمعة في دير الآباء الكرمليين، وكان يتردد عليه أساطين اللغة العربية وعلمائها وأعيان البلد على اختلاف مللهم ونحلهم.

من أبرز الكتب التي تركها الكرملي: أغلاط اللغويين الأقدمين، والفوز بالمراد في تاريخ بغداد، ومختصر تاريخ العراق، وجمهرة اللغات، وأديان العرب، ونشوء اللغة ونموها واكتهالها، وشعراء بغداد وكتابها، والعرب قبل الإسلام، كما قام بتحقيق جزء من معجم العين للفراهيدي، وكتاب نخب الذخائر في أحوال الجواهر لابن الأكفاني، والإكليل للهمداني، وفضل العرب في علم الحيوان، والنقود العربية وعلم النميات، والرسائل المتبادلة بين الكرملي وتيمور (عني بتحقيقها والتعليق عليها كوركيس عواد، وميخائيل عواد، وجليل عطية)، والمساعد، الذي حققه وعلّق عليه كوركيس عواد؛ وعبد الحميد العلوجي، وغيرها من المخطوطات التي لم تُحقق لحد الآن.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1043 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع