عندما تتحول فرشاة الرسام الى شرطي مرور: تشكيليون يتحدثون عن معاناتهم مع الفرشاة

        

عندما تتحول فرشاة الرسام الى شرطي مرور: تشكيليون يتحدثون عن معاناتهم مع الفرشاة

كتبت من عمان/ رنا خالد:ماذا يكون شعورك حين ترى ان فرشاتك لا تستجيب لفكرة تنوي رسمها؟ فهل تعاكسها وترغمها على اكمال اللوحة؟ سؤال طرحته على مجموعة متنوعة من الفنانات والفنانين التشكيليين واقصد متنوعة من حيث العمر والجنس والبيئة والثقافة، وإن الهدف من طرح هذا السؤال هو الولوج الى اعماق مشاعر الفنان لمعرفة كيف تأتيه الفكرة وكيف تطبق على اللوحات التي يقدمها لنا بإخراجها النهائي.

وبالتالي فإن ما توصلت اليه هو ان لكل واحد من الفنانين أسلوبه بفن الرسم وان هذا الفن لا يخضع للوقت او للطلب، وانما هو فكرة تعتمد كل الاعتماد على المزاجية في وقت تنفيذها.
اللوحة.. هي روح الجسد
الفنان التشكيلي مازن احمد من العراق ويقيم في سدني بكالوريوس فنون جميلة جامعة بغداد 1990 ودبلوم عالي فنون جميلة كلية (ميد وبانك) استراليا 2012. اقام معارض شخصية عديدة وله مشاركات في معارض مشتركة في العراق وخارجه، حاصل على العديد من الجوائز وعضو في نقابة التشكيليين العراقيين وأيضا نظيرتها في استراليا وغير ذلك الكثير.
عبر عن رأيه في السؤال المطروح قائلاً: أنا اتعامل مع اللوحة كما الروح في الجسد فهي لها إحساس خاص ولهذا اهتم في البداية بخلق علاقة بيني وبين العمل اي علاقة حوارية معرفية، ويكون العطاء والتمازج فيما بيننا من الناحية الحسية والتجاذبيه، وهذه ما يصيغ عملية خلق العمل الفني من بداية الشروع في تنفيذه، فكرة تكبر مرورا بكل مراحل تجسيدها وهي تتأثر حتما بكل ما حول الفنان ودواخله النفسية والبيئية ، تغيرات وتقلبات ولهذا لا أرغب في عناد اي ما يخص العمل الفني ومراحل رسم اللوحة، وكل ما اقوم به هو أن استمتع بهذا الخلق وأطلق لإحساسي مساحاته واسعة من الجمال الروحي للعمل الفني، والأهم اتباع النداءات التي تأتي من تلك الروح اي اللوحة .

اما الفنانة التشكيلية فاطمة العبيدي من العراق فكان لنا معها وقفة جميلة فهي التي مارست الرسم منذ الطفولة حيث نشأتها في بيت عمها التشكيلي محمود العبيدي في كركوك والذي ساعدها في صقل تلك الموهبة، ولها مشاركات في معارض محلية في العراق ما يقارب 38 مشاركة، ودولية 59 مشاركة حصلت على العديد من الجوائز والكريمات خارج البلد وداخله عضو في نقابة الفنانين التشكيليين العراقيين ورابطة المبدعين العراقيين وعضو في رابطة التشكيليين في بريطانيا وغير ذلك الكثير.. فكان لها جواب آخر.. فما هو؟
الفنان.. فارس!
قالت فاطمة: الفنان كالفارس هو الذي يقود ويتحكم بكل حركات الفرس ويوجهه وصولا الى وجهته. فالفرشاة في يدي، ويدي مرتبطة بعقلي واحاسيسي، والعقل هو الذي يأمر الفرشاة وليس العكس فإذا استجبت لفرشاتي تشتت أفكاري وأضعت جهدي.
انني أكمل اللوحة سيرا مع ما يحدده عقلي وليس الفرشاة، هي فقط تنفد الأوامر حاملاً الالوان التي يختارها عقلي فهو ينفد ولا يناقش ويسير ولا يلتفت الا بأوامر من احاسيسي ومشاعري وما يدور في خاطري وما يدور في دواخلي من أمور لا يظهر الا بوجود الإلهام والفكرة الناضجة والجو الملائم وشاعري.

    

البداية والنهاية ضرورة للرسام
ولنرى ما رأي الفنان التشكيلي الاردني، شادي الغوانمة من الأردن _ الرمثاــ عضو في رابطة التشكيليين الأردنيين من سنة 1996، الغوانمة صاحب المعارض الشخصية التسع، والعديد من المشاركات في معارض مشتركة داخل بلده الأردن وخارجه.. فقد قال: ارسم التجريدي لأنه عبارة عن ألوان تعتمد على الذائقة البصرية والتكنيك اللوني، ويجب على الفنان ان يعرف متى يبدا ومتى ينتهي، لأنه الزمن صعب وان الارتباط بالفكرة ضروري، واللوحة تعتمد بشكل كبير على مشاعر الفنان في حينها، وإذا عمل فيها مراعي الوقت حتى تكتمل تصبح وكأنما رسمها شخصين وسوف تفقد القيمة الفنية والجمالية.

 

الفكرة التي تخدم الفرشاة
وقبل ان نتوجه بالسؤال الى التشكيلية لينا الناصري من العراق نقرأ ما كتب عنها: " لا يتوقف الطموح في عالم الفن عند حدٍ ما، فالعقل المتيقظ مع الوعي المتفرد مع الاستزادة من الثقافات ومن ثم حسن الإدارة في إبراز مشروعك تبلورت موهبتها بالرسم وتصميم الأزياء بمرحلة الدراسة الإعدادية لتستمر بالانفتاح على فضاءات أخرى في حقول التشكيل التي تلامس جمهوراً واسعاً يتطلع بدهشة لعظمة الرموز (الرافدينية) المرسومة على كل قطعة من أعمالها." ... هذا ما كتبه عنها (نصير الشيخ) في صحيفة الصباح الجديد (2019) اذن التشكيلة لينا الناصري ترسم الواقعية والتعبيرية والرمزية والتجريدية، حاصلة على دبلوم تعليم فنون درجة امتياز عضو في المركز العالمي للفنون التشكيلية عضو في مؤسسة في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات عضوة جمعية اصدقاء الاثار/ الأردن، وأيضا عضو في تجمع فنانون بلا حدود، وهي اول من أسست مجموعة متفردة من الاعمال الفنية لحضارة وادي الرافدين 2009 (مجموعة انامل لإحياء آثار ما بين النهرين)، هذا وهناك المزيد عنها.
اخبرتنا عن رأيها فقالت: المهم من الفكرة ان تخدم فرشاتي مدللتي ومن ثم اللوحة، لهذا احاول ارضاءها بخيارات أخرى فالأفكار كثيرة وغير محدودة، وبها اتنقّل من فكرة لأخرى ومن لوحة لثانية فنحن الاثنتان نعيش حالة تناغم وانسجام دائم تشهد عليه مجوعة لوحاتي التي اكتملت والتي لم تكتمل بعد.

المزاج.. هو الاساس
التشكيلية رواء الراوي من العراق تقيم في عمان، شاركت في العديد من المعارض المشتركة وكان اخرها معرض مشترك نظم من قبل الملتقى العراقي للثقافة والفنون ورابطة التشكيلين الأردنيين بمناسبة يوم الاستقلال 25/5/2022 في الأردن.. اختصرت القول بهذه العبارات:
(الرسم بالنسبة لي يعتمد على المزاج، والفرشاة ما هي الا اداة يتحكم فيها العقل والعين واليد، وعندما تكون الظروف مناسبة للرسم حينها أستطيع ان انقل افكاري الى اللوحة بكل سهولة، وإذا كانت الظروف معاكسة فلا أستطيع ان اقترب من الفرشاة والالوان ولهذا اعمالي قليلة).


الفكرة بنت اللحظة
ومن خلال حديثي مع التشكيلية فادية العبودي من الأردن_ مواليد فلسطين وسؤالي لها عن كيفية تعاملها مع الفرشاة.. كانت اجابتها: في الحقيقة إني لا ارسم فكرة مسبقة، ولكن حبي مع رغبتي بالرسم اشعر بها تناديني، اذهب واضع فيها فكرة معينة تأتي بالتدريج رما تتكون في ذات الوقت او تأخذ وقت غير معلوم، وكم من اللوحات التي اتركها لفترة طويلة ثم اعود وأكمل الفكرة او الغيها واعيدها من جديد.

تخصصي بعيد عن موهبتي!
اما التشكيلية هيام الموسوي من العراق التي تقيم في الأردن فهي درست في الجامعة المستنصرية/كلبة الإدارة والاقتصاد، فموهبتها جعلت منها فنانة معروفة تعشق الرسم والرسم التجريدي لوحاتها مميزة ذات طابع يوحي بالدفء والحنان تختار الألوان الباردة نوعا ما، شاركت في معارض مشتركة عديدة. عن رأيها قالت: تخصصي بعيد عن موهبتي التي اكتشفتها بوقت قريب واميل للفن التجريدي رغم إني رسمت الفن الواقعي والسريالية والتكعيبية رغم الفن الحديث الان الا يميل للمدارس في بداية اعمل أساس للوحة اشبه بقاعة وهنا النقطة المهمة بالنسبة لي ويمكن ان اعدل عليها مرات كثيرة وفكرة من هذه الأفكار هي التي تسيطر علي واقوم بتنفيذها. واجد ان الفكرة الأولى قد اختلفت عن نهاية اللوحة.. في السابق كنت اتوقف واترك العمل الان أصبحت أكمله وانتظر المفاجأة اللوحة تأخذ 3 أفكار ما زلت هاوية واشعر بسعادة عندما ارسم مختلفة الشعور عن باقي.

بين الطب والرسم
وكان لنا لقاء أيضًا مع الفنانة التشكيلية د. ابتهال العاني من العراق: دكتورة طبيبة عملها الحالي في مركز الحسين للسرطان، من هوايتها الرسم والعزف على آلة البيانو، لكن فترة كورونا عادت الى موهبتها الجميلة وهي (الرسم) شاركت في عدد من المعارض في عمان_ الأردن محل اقامتها.
تحدثت عن فرشاتها فقالت" أحاول ترويضها ذهنيا ورسم الفكرة ثم امسك الفرشاة وأطبق تلك الرؤية، ولذلك رسوماتي تمثل ما ارغب به.

وكان مسك الختام مع الناشط التربوي الأستاذ زياد القيسي من العراق والمقيم في عمان (مهتم بالفن التشكيلي وداعم له) أبدى رأيه في الموضوع قائلًا:
ان الرسم كفن مثل باقي الفنون يحتاج فيه الرسام الى عدة مهارات منها (مهارة البراعة في التعامل مع الوقت)، لهذا فإن رسم لوحة في الطبيعة قد يتوفر معها فسحة من الوقت والاسترخاء الذهني مع وجود لوحة ربانية جاهزة بكافة عناصرها (وهو الطبيعة التي أمامه) ,لا نستطيع مقارنة ذلك بموقف آخر كأن يكون التحضير لمعرض فني مثلًا حيث الوقت محسوب والموضوعات محددة مسبقة من قبل الجهة القائمة (كون المعرض متخصص) فيضطر الرسام لتطويع فرشاته وفق أطر معينة لا تسعفه فيه فرشاته للسير وفق مخيلته, وهذا الأمر يحدث بصور مختلفة مع الفنانين التشكيليين اعتمادا على خبراتهم الفنية وقدراتهم الذهنية وإمكانياتهم في تطويع الوقت لصالح نتاجاتهم وسرعة إنجازها.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1006 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع