محطات من الذاكرة - الإعلامي الكبير جمال برواري خلف مايكروفون الإذاعة الكوردية


محطات من الذاكرة -الإعلامي الكبير جمال برواري خلف مايكروفون الإذاعة الكوردية

* هناك الكثير من الخبرات الفكرية والأدبية والإعلامية مهملة .

عصمت شاهين الدوسكي

الإعلامي والمذيع الأديب جمال برواري يعتبر من الإعلاميين الكبار على الساحة الإعلامية العربية عامة والكوردية خاصة له شأن كبير قي عدة مجالات وله نشاطات كثيرة كإعلامي ومذيع وأديب لكن لا أدري لماذا لا تستغل خبرته الطويلة الراقية في مدينته دهوك خاصة وكوردستان عامة ولا شك هناك الكثير مثله من الخبرات الفكرية والأدبية والإعلامية في زاوية الإهمال واللا مبالاة عكس الدول المتقدمة الذين جل اهتمامهم لذوي الخبرات ويمدون لهم يد العون والدعم الإنساني والفكري في مجاله الخاص .. الأستاذ جمال البرواري له الفضل على كثير من الإعلاميين والأدباء فهو لا يتوانى في تقديم الأفضل للجميع .

يقول في محطات من الذاكرة في الخمسينيات وفي مرحلة الابتدائية كنت مستمعا وأراسل الإذاعة الكوردية في بغداد، كان أهل القرية، المتاخمة لكوردستان تركيا، وفي منطقة برواري بالا تلك القرية التي ولدت فيها وما زالت هناك محطات من الذاكرة لتلك القرية الوديعة في أحضان الجبل، كان أهل القرية يجتمعون حولي لأكتب لهم رسائل إلى الإذاعة الكوردية، لطلبات المستمعين من الأغاني، ولم يخلد ببالي في يوم من الأيام ان اجلس خلف المايكروفون في هذه الإذاعة ، ودارت الأيام وانتقلنا من قريتي الحبيبة (ديرشكى- في برواري بلا) إلى المدينة ، وبالتحديد في مدينة الموصل، ومن ثم إلى بغداد، لأكمل دراستي المتوسطة والإعدادية والجامعية في العاصمة..

وفي المرحلة الثانية من كلية الآداب- القسم الكوردي، شاءت الصدف أن ادخل الإذاعة الكوردية وأقدم فيها عددا من البرامج التي كان لها الصدى الواسع لدى المستمعين .. - هذه الإذاعة والتي توقفت عن البث بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق. فقد انطلق البث الكوردي ضمن بث إذاعة بغداد العربية ولمدة 15 دقيقة وكان بثا حيا وعلى الهواء مباشرة، فقرات البث كانت تتضمن وصلات غنائية منوعة، فضلا عن نشرات الأخبار وبعض البرامج الثقافية والمنوعة والاجتماعية القصيرة. ثم تطور البث وزادت مساحته وأصبح للإذاعة قسم خاص سمي بالقسم الكوردي ضمن الإذاعات الموجهة والمحلية. وبعد بيان الحادي عشر من آذار تطورت الإذاعة وأصبحت مديرية خاصة كباقي الإذاعات العربية اذ أصبحت للإذاعة الكوردية أقسامها الخاصة (قسم المذيعين، قسم التنسيق والمتابعة، قسم الموسيقى والغناء، القسم الثقافي،القسم السياسي، قسم الأطفال، قسم التنمية، القسم الريفي، قسم المكتبة، قسم الإدارة.) وزادت ساعات ومساحة البث لتصل الى عشرين ساعة يوميا كانت الإذاعة الكوردية تبدأ بث برامجها الساعة السادسة صباحا بصوت القبج ثم تلاوة القرآن الكريم والبرامج الصباحية ومن ثم الأخبار والبرامج المنوعة وتستمر إلى الساعة الثانية بعد منتصف الليل. كانت الإذاعة الكوردية مدرسة للثقافة والأدب والفن الكوردي الأصيل، وقد شارك خيرة الأدباء والمثقفين الكورد في إعداد وتقديم برامجها، حقا لقد كانت الإذاعة الكوردية مدرسة خرجت وصنعت كوادر إعلامية، والكثير منهم الآن يتبوأون مناصب مرموقة في كوردستان وخارجها ساهم مايكرفون الإذاعة الكوردية في صنع كبار الفنانين والكورد . كما شارك الفنانون الكورد من رواد الحركة الفنية الكوردية في رفد الإذاعة الكوردية بالأغاني التراثية والفولكلورية وبكل ما هو جديد في عالم الأغنية والتراث الكوردي الأصيل:

أمثال محمد عارف جزراوي وحسن جزراوي وعلي مردان..

وطاهر توفيق..

ورسول گه ردي وشمال صائب ..

وحسن زيرك وكاويس آغا وسعيد آغا ومحمد ماملي ودايكي جمال والماس خان وفوزية محمد وباكوري وعمر دزه ئي ..

وعيسى برواري،

ومن رواد الأغنية الكوردية الحديثة تحسين طه..

واياز يوسف واردوان زاخوي...

وسمير زاخوي وگولبهار وحسن غريب وزاهير جلال و ته نيا عرب

وفؤاد احمد وحسن گرمياني وإسماعيل جمعة، واحمد زيباري وغيرهم من الفنانين الكورد.

رافقت الزملاء المذيعين القديرين، أمثال: محمود المفتي ومحمد صديق الامام ومحمد جهاد حسن والإذاعي القدير كمال رؤوف محمد وسكفان عبد الحكيم وهاشم علي مندي وخالد خو شناو وإبراهيم سلمان والمرحومة سكينة منصور وكميلة علي ومولود حمد نبي واحمد محمد علي ومحمد سليم سواري ونهاية جلال ومختار فائق وخالدة خضر وعبد القادر بريفكاني وإسماعيل ابراهيم .
كانت الإذاعة الكوردية تقدم برامج منوعة يومية مباشرة والتي استطاعت استقطاب إعداد كبيرة من المستمعين من خلال التواصل معهم

عبر هذه البرامج وعبرالهواتف المفتوحة ولأول مرة وقبل إذاعة بغداد العربية ولأول مرة تقدم الإذاعة الكوردية برنامجا مباشرا والذي كان يعده ويقدمه جمال البرواري وهو البرنامج الجماهيري (مع المستمعين) كان هذا البرنامج حلقة وصل وتعارف للمستمعين والرسائل التي كانت تصل إلى البرنامج كانت تحمل في طياتها الكثير من الرموز النضالية والوطنية الكوردية وكنت اعلم جيدا إن مرسلي هذه الرسائل هم من البيشمركه الأبطال ، وكان الكثير من تلك الرسائل يحمل رموزا تنظيمية. لقد كانت الإذاعة الكوردية بحق مدرسة بل جامعة أدبية فنية نضالية وكان لها الدور الوطني والكوردايه تي المشهود ويشهد على ذلك الكثير من الأدباء والشخصيات الكوردية الذين هم الآن في مراكز متقدمة في المسؤولية. ترى من يعيد الحياة إلى الإذاعة الكوردية التي توقفت عن البث بعد السقوط بعد أن أعيدت الحياة والبث إلى الإذاعة الاأم.. إذاعة بغداد العربية.

كامل كاكه امين اول مذيع كوردي يقف خلف مايكروفون الإذاعة الكوردية عن ذكرياته يقول : تأسست الإذاعة الكوردية في 29 كانون الثاني 1939ضمن بغداد العربية… كانت تذيع نشرة إخبارية بعد النشرة العربية في الساعة الثانية ب- ظ . وبعد النشرة أغنية او أغنيتان كورديتان ، دام البرنامج بهذا الشكل لمدة سنة كان فيها المذيع الكوردي الوحيد. في حزيران1940 تقرر القيام ببث برامج الإذاعة الكوردية في الساعة الثالثة ب- ظ ولغاية الرابعة ب- ظ ، في أوائل 1941 أدمجت الإذاعتان واقتصرت برامج الإذاعة الكوردية على نشرة الأخبار الخارجية والداخلية وأغان مسجلة فقط ، بعدها عادت الحالة إلى ما كانت عليه سابقا وإضافة حفلات غنائية حية بدلا من المسجلات . بعد شراء مرسلات جديدة خصصت الموجتان المتوسطة والقصيرة القديمتان للإذاعة الكوردية ومدد البث إلى ساعة ونصف الساعة أي من الخامسة حتى السادسة والنصف مساء ، وأضيف مذيع ثان وحفلة غنائية حية وحديث واحد (تربوي ، اجتماعي ، رياضي ، زراعي ، ركن الأطفال) وندوات ثقافية وتعليق سياسي يترجم من التعليق السياسي العربي وكذلك أخبار الصحف اليومية. كانت لدى الإذاعة العراقية فرقة موسيقية واحدة . كانت هذه الفرقة تشترك في الحفلات الكوردية والعربية الغنائية ولما كانت أعمال الفرقة مرهقة طلبنا من الجهات المسؤولة تعيين عدد أخر نسبوا إلى الإذاعة السادة المرحوم جميل بشير ومنير بشير وادهم بشير يشرف ويشترك مع الفرقة كلما دعت الحاجة إلى ذلك دون مقابل . المترجمون من الانكليزية كانوا : أنور صائب ورشيد نجيب وكان إبراهيم احمد المحامي منقحا للترجمة الكوردية بدون مقابل . في 1941 بعد التوسع في القسم الكوردي عين مذيع آخر هو الأخ عبد القادر قزاز ، كنا نتشبث من اجل إيجاد مغنين ومغنيات ومتحدثين للمواضيع المختلفة في الإذاعة. ثم أصبح البث 3 ساعات في المساء في أوائل 1947 ، بسبب افتقارنا إلى مواد وأغان مسجلة غير موجودة في بغداد فاتحنا بعض السفارات العراقية عن طريق وزارة الخارجية للاتصال بالشركات المعنية لشراء بعض من تلك المواد ، ثم حصلنا على اسطوانات للمغنين علي اصغر كوردستاني ودايكي جمال وملا كريم باللهجة السورانية وكاوس آغا ومريم خان باللهجة البادينانية ، زودنا باسطوانات أخرى من قبل عدد من الذوات الكورد.

 

أول من أحيا حفلة للإذاعة هو المرحوم علي مردان ثم حسن جزراوي ثم ليلى عزيز وفوزية محمد ونسرين شيروان ، اما الوجبة الثانية السادة طاهر توفيق ورسول گردي..

في الخمسينيات انتسب شمال صائب الى الإذاعة ثم اندريوس خمو الذي انتخبنا له لقب إذاعي (باكوري) وكذلك الشقيقتان نازدار واسمر فرهاد.

ثم تم افتتاح الإذاعة صباحا ولمدة ساعة ثم كونت فرقة تمثيلية إذاعية من أعضاء أكفاء ولكنها كانت تفتقر إلى العنصر النسوي فكان بعض الممثلين يؤدون الأدوار النسائية. مثل السيد احمد ده نگ گه وره و احمد دلاوه ر. في أوائل 1957 سجلنا عدة أناشيد وطنية ومنلوجات للسيد عزيز علي حيث ترجمت من العربية إلى الكوردية كمنلوج دكتور. بعد تمديد ساعات البث الصباحي والمسائي تم الحاق السادة كريم سعيد زانستي والمرحومين حسين قره داغي وعادل عرفان ورفيق چالاك لاعداد البرامج والمناهج. لقد اتصلنا بالعلماء والمثقفين الكورد للمساهمة في الإذاعة مثل الأستاذ توفيق وهبي والأديب المرحوم رفيق حلمي ، الناحية الدينية محمد القزلچي ، عبد الحميد الأتروشي ، علاء الدين السجادي و عمر مولود ديبگيي و شعبان گولي و ايوب درباس . التربوية والاجتماعية ناجي عباس وصالح سعيد وصادق بهاء الدين وجمال عبد القادر بابان ، الزراعية مهدي محمد ومحمد محمد سعيد وهادي محمد، الناحية الصحية الدكتور نوري فتوحي ، كانت تتخلل البرامج أسبوعيا نشاطات فنية وفكاهية . ان الأخوين جميل ومنير بشير قاما بدور ممتاز لأحياء التراث الموسيقي الكوردي ، ثم التحق بهم العازف الكوردي الفذ عبد القادر ديلان الذي أعاد للموسيقى الكوردية طابعها الأصيل ، ثم الأخ احمد الخليل أصبح رئيسا للفرقة الموسيقية الكوردية وملحنا ومغنيا. تركت العمل في الإذاعة في شهر آب 1958 . ليس دفاعا عن الإذاعة الكوردية وقد كتب عمر علي اميدي مقالاً في جريدة الاتحاد تحت عنوان ( ليس دفاعا عن الإذاعة الكوردية) جاء فيه :

رٌب سائل يسأل، فيقول ما الفائدة من إثارة الغبار والبحث بين الأنقاض والأتربة المتراكمة عن أطلال مرفق إعلامي، يعتقد البعض انه كان سوطا بيد معظم الحكومات المتعاقبة، وتدخل بعض مراكز الفكر والرأي في كثير من الأحيان تدخلا مباشرا، في رسم سياسته، والتي كان الغرض من ورائها تحقيق بعض النتائج بالتنسيق مع الأجهزة الحكومية الأخرى، لإظهار صورة الدولة بمظهر مقبول. ويقول الكاتب ( في الكثير من الأحيان كان معدو ومقدمو البرامج يقعون أسرى بعض الإيديولوجيات التي لا يؤمنون بها 'بل مفروضة عليه، ولكنه يضطر إلى إذاعتها مما يجعلهم مشاركون في أمر هو لم يريدوه وبعيد عن آرائهم) . ويستطرد الكاتب في مقاله ويقول : ردا على السائل الذي قد يكون بعيدا عن العمل الإذاعي، أو لم يكن مستمعا جيدا للإذاعة، نقول له أن في القول والسؤال الكثير من التجافي، والبعد عن الحقيقة والوهم، وأن لا ننظر إلى الأمور من الناحية العمومية، وبعين الشك والارتياب دائما فالتطرق إلى الموضوع الذي بين أيدينا لا يخلو من الفائدة، لأنه يلقي الضوء على الكثير من الحقائق، ويبدد الكثير من الشكوك، وعندما نقيم الأمور يجب الحديث عن السلبيات والإيجابيات في آن واحد، وان التاريخ وإدراك المجتمع ووعيه، كفيلان بفرز الخطأ من الصواب، حتى يبين الصورة الأقرب إلى الواقع. ولعلنا لا نغالي إذا قلنا، أن بث الفترة الكوردية ، في إذاعة بغداد في بداية الأمر، انعطاف في الاعتراف بأهمية شعب له مقوماته وتراثه، ومرحلة مهمة في تأريخ الفن الكوردي نحو التطور، ولا سيما الأغنية الكوردية ، وإخراجها من الأفق الضيق والتي كانت محصورة لدى فئة معينة وقليلة ومناطق معينة ، لعدم وجود وسائل الاتصال، إلى أفق أوسع شمل معظم أجزاء كوردستان ، كما نستطيع أن نقول لولا الإذاعة المذكورة لضاع الكثير من التراث والفلكلور الكوردي ، فضلاً عن تطوير وصقل مواهب الكثير من الفنانين ، وهناك أمر مهم ، من المعلوم كانت نسبة الأمية مرتفعة بين عموم الشعب العراقي، ومنه الشعب الكوردي ، فافتتاح هذه الإذاعة باللغة الكوردية ، زاد من معرفة الشعب الكوردي بالعالم الذي حوله ، وأتذكر أن الكثيرين كانوا ينتظرون موعد الأخبار.

دار الإذاعة الكوردية كانت تضم في معظم الفترات عدد غير قليل من المناضلين ، الذين كانوا لا يتمنون إلا الخير لأبناء شعبهم، ونقيض من كان ينظر إليها بعين من عدم الارتياح ، في معظم الأحيان ، ففي كثير من الأحيان كان عين مقدم البرامج على الميكرفون أو ورقة البرنامج ، وعين على الباب أو الشباك، يراقب متى يظفر به رجال الأمن أو الشرطة لإيداعه في المعتقل أو لإجراء التحقيق معه. الحديث عن صرح مهم هوى، ودام أكثر من ستة عقود ونيف ، أمر مهم لتوضيح الكثير عنها للأجيال الحالية واللاحقة، لأن هناك جيلاً كاملاً يجهل الكثير، عن هذا المرفق الحيوي ، الذي كان يلعلع في يوم ما ،

وكان محل إعجاب الكثيرين، وينتظرون افتتاحه على أنغام صوت القبج (الحجل) أو البلبل. إذن من الإنصاف أن نسلط الضوء الكافي، على دور الإذاعة الكوردية وخلال عمرها الطويل وإعطائها الاعتبار اللازم، رغم ما قال ويقال والشكوك التي كانت تحوم حولها والانتقادات الموجهة إليها. تم تأسيسها أثناء الحرب العالمية ألثانية في (29-1-1939) على وجه التحديد ، وقد تكون لأسباب سياسية ، أكثر من ترفيهية ، وذلك خوفا من التوجهات الكوردية نحو ألمانيا ، والأفكار النازية والتعاطف معها، والتي انتشرت في العالــم ، بعد أن وجدوا أن الحلفاء ولا سيما بريطانيا وفرنسا قد خذلتهم ، كما أنها تزامنـت مع افتتاح القسم الكوردي في إذاعة الشرق الأدنى في يافا، والتي كانت برامجها موجهة حول محاربة الأفكار النازية على وجه الخصوص ، وذلك بجهود فئة كوردية خيرة ومثقفة ، وقد كانت بثها في بداية الأمر ربع ساعة في اليوم، ومع برامج إذاعة بغداد ، مع إقامة حفلة كل ليلة جمعة، على الهواء مباشرة لأحد الفنانين الكورد في تلك الفترة، وأخذت تتوسع تدريجيا، في ضوء المستجدات الجديدة في العراق، ونزع من الانفتاح على الحقوق الثقافية للشعب الكوردي ، وفي العهد الجمهوري تم الاهتمام بها أكثر، فتحولت عام 1960 إلى قسم مستقل، وأصبح البث فيها صباحا ومساء، وبعد اتفاقية آذار 1970 أصبحت مديرية عامة، وأصبح البث فيها عشرون ساعة. في بداية الأمر رغم إمكانياتها المحدودة، استقطبت كوكبة مثقفة من العاملين ، وكان يسعى هذا الرعيل الأول ، من خلال برامجها إشاعة نوع من الروح القومية والثقافة والأدب الكوردي، وبلغة كوردية سلسة وسليمة ، بحيث يفهمها الكل، بعيدا عن التعقيد والمصطلحات الجديدة، كما كانت لها دور بارز في كافة مراحلها ، في تنمية القابليات وتأهيل العشرات من المثقفين والشعراء والأدباء والفنانين من جميع أنحاء كوردستان ، مع تقديم البرامج الثقافية ، وتوفير أرضية مناسبة للفنانين لتقديم نتاجا تهم أو الفلكلور، وتعريف المستمع الكوردي عليهم ، لأن قابليتهم كانت مكبوتة ، لأنها كانت وسيلة للتواصل بين الماضي والحاضر، والمحافظة على التراث من العبث والضياع ، في وقت لم تكن هناك وسائل للحفظ ، غير على الشفاه ، وكم منها اختفت أو حورت ، وكم من الأذان قد شنفت ، على برامجها وأصوات مذيعي ومقدمي تلك البرامج ، وأغانيها الشجية وأنغام موسيقاها ، حقا كان لها جمهور واسع من المستمعين ومن كل الأعمار، لأنها كانت الإذاعة الكوردية الوحيدة ، ماعدا القسم الكوردي الذي ذكرناه في يافا ، ومن ثم افتتاح إذاعة القاهرة في عام 1957، والتي فجرت أزمة بين جمهورية مصر العربية وكل من إيران وتركيا في وقتها ، وردا عليها أقر شاه إيران المخلوع افتتاح إذاعة كرمنشاه في إيران ، ماعدا إذاعة يريفان ، وأخيرا القسم الكوردي في إذاعة صوت أمريكا ، وقد كانت إذاعة موجهة. ولعلنا لا نجافي الحقيقة - إذا قلنا كانت الاستفادة من الإذاعة في بدايتها لفئة محدودة ، لأن الطبقة الثرية كانت تمتلك أجهزة الراديو، لأسباب منها - كانت تعمل على البطارية السائلة ، وكانت أكبر رقعة جغرافية في كوردستان كانت تفتقد إلى الكهرباء، فقد كان من الصعوبة شحن البطارية ، إلا في حالة إرسالها إلى المحافظات ، كما أن الحكومة هي التي تستورد الأجهزة ، وتجبي الرسوم من مالكيها ، وبعدها تم تصنيع الترانزستر، وأخيرا البطارية الجافة الصغيرة ، وتم إيصال الكهرباء إلى أكثر المدن ، فأصبحت أكثرية العوائل تمتلك المذياع. ولكن من المؤسف أن أكثر مقتنياتها قد فقدت وكان ذلك خسارة كبيرة .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

752 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع