القبانجي يغني بحضور نوري السعيد
بغداد - العباسية نيوز/سلمى البغدادي:السياسة لم تشغلهم عن اختطاف بعض الوقت من مشاغلها وهمومها والتمتع بالاستماع لمطربيهم المفضلين الأمر الذي يساعدهم على الاسترخاء والشعور بالراحة النفسية التي يحتاجها عادة رجال الحكم والسلطة قبل أن يستعيدوا حيويتهم الذهنية والفكرية لينغموا من جديد في دروب ومسالك السياسة المرهقة والمتعبة،
ولنبدأ من العهد الملكي حيث عرف عن الأمير عبد الإله الوصي على عرش العراق عشقه وتعلقه بصوت مطربته المفضلة السيدة أم كلثوم خاصة وقد تعرف عليها عندما زارت بغداد مرتين الأولى عام 1933 والثانية عام 1945..
كما أن الأمير عبد الإله وبعد اقترانه بسيدة مصرية (فائزة الطرابلسي) وبوساطة أم كلثوم كثرت زياراته للقاهرة وكان حريصاً في كل مرة على حضور حفلاتها الشهرية والخاصة، ومن شدة إعجابه بالسيدة أم كلثوم فقد أجل موعد عودته إلى بغداد عام 1946 لحضور العرض الأول لفلم (أوبرا عايدة) من بطولتها إلى جانب المطرب إبراهيم حمودة.
غير أن هذه العلاقة الشخصية توقفت تماماً بعد الثورة المصرية في 23 تموز 1952 وتراجع العلاقات العراقية المصرية وفي الوقت نفسه وقوع الطلاق بين عبد الإله وفائزة الطرابلسي.. السياسة أدت إلى انقطاع أواصر الصداقة العائلية بين الوصي على عرش العراق وسيدة الغناء العربي غير أن الوصي ظل يستمع إلى أم كلثوم بحب وشغف وهذا ما أكده العاملون في قصر الرحاب وكذلك المقربون من رجالات الدولة من ضيوفه الدائمين.
أما الرجل القوي في العهد المالكي نوري السعيد فقد كان من عشاق المقام العراقي وكذلك منولوجات عزيز علي، وكانت له زيارات دائمية حيث يحتل ركناً خاصاً في غرفة التسجيلات للاستماع إلى مطربيه المفضلين، ومن الحكايات الطريفة التي تروى عنه أنه كان يبدي إعجابه الشديد بالمونولوجست عزيز علي وكان يردد أحب أن أستمع إلى هذا (الملعون) على الرغم من تهجمه الدائم على الحكومة، وهنا يفرق رجل الدولة نوري السعيد بين مزاجه الشخصي وموقفه السياسي من الفنان الذي يهاجمه شخصياً ويوجه الاتهامات القاسية إلى حكومته.
بعد ثورة 14 تموز 1958 لم يعرف عن الزعيم عبدالكريم قاسم حبه للاغاني، ويروي المرحوم قاسم الجنابي مرافق الزعيم أنه لاحظ مرات عديدة اندماج قاسم مع أغاني المطربة مائدة نزهت ويبدو عليه الارتياح وهو يستمع إليها.
أما الرئيس الراحل عبد السلام عارف فقد كان معروف عنه حبه لصوت السيدة أم كلثوم قبل ثورة تموز، وللدلالة على هواه (الكلثومي) فأنه مساء الخميس السابع من شباط 1963 أي في الليلة التي سبقت الانقلاب الذي أطاح بقاسم وجاء بعبد السلام عارف رئيساً للجمهورية فأن الأخير كان ساهراً مع حفلة أم كلثوم الشهيرة التي كانت تنقلها على الهواء مباشرة إذاعة القاهرة.
بعد 17 تموز 1968 ومجيء أحمد حسن البكر رئيساً للجمهورية فقد كان المعروف عن الرئيس البكر ولعه بالاستماع إلى أغاني مطرب البادية (جبار عكار)، وعلى مدى فترة رئاسة البكر 1968 ــ 1979 فقد كان العراقيون يتذكرون عندما كانت إذاعة بغداد تبث ولفترات طويلة أغاني جبار عكار ويقولون أنها استجابة لرغبة شخصية من البكر،
أما الرئيس الراحل صدام حسين وحسب بعض الزملاء ممن عملوا في مكتبه الصحفي او في ديوان رئاسة الجمهورية، يقولون أنهم لا حظوا إعجابه بفريد الأطرش وقد كان في لحظات الصفاء يدندن ببعض أغانيه دون أن يكتشف أن هناك من يلاحظ ذلك، وانه كان يحتفظ بمكتبة فيها جميع افلام واغاني فريد الاطرش.
ومن الملاحظات الطريفة أن المرحوم سالم العزاوي معد ومقدم برنامح (من أرشيف السينما) كان يقدم أسبوعياً وعلى فترات متقاربة أفلام المطرب فريد الأطرش في التسعينيات من القرن الماضي وعندما سئل عن السبب وراء التركيز على هذه الأفلام كان يجيب: ألا تعرفون أن (السيد الرئيس) من أشد المعجبين بفريد الأطرش ولا بد من إسعاده وتقديم أفلام مطربه المفضل..
والمعروف أن معظم الملوك والرؤساء العرب يفضلون فريد الأطرش على غيره من المطربين العرب بل يعتبرونه (مطرب العروبة الأول) لأنه الوحيد الذي غنى وفي زمن مبكر للوحدة العربية وبشر بها وخاصة في أوبريت (بساط الريح).
وليس غريباً أن يكون الرئيس أو الحاكم مهما كان عنوانه محباً للغناء والطرب فهو أولاً وأخيراً إنسان عادي وله مشاعر وعواطف وذكريات في مراحل معينة من حياته وربما أن تمتعه بالأحاسيس الرومانسية يجعله أكثر شفقة وابتعاداً عن القسوة والعنف والبطش.
أما في عراق اليوم.. عراق الاحتلال الأمريكي والحكومة الطائفية فأن الغناء الراقي والمحترم محرم حاله، وما تبثه المحطات التلفزيونية والاذاعية التابعة لشبكة الاعلام الحكومي، او القنوات التي يمتلكها نجل رئيس الحكومة احمد المالكي، يكشف بصورة جلية عن مزاج هؤلاء المتسلطين على الحكم والدولة العراقية، بحيث أصبحت أصوات العمالقة مثل أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ وأيضاً محمد القابنجي ويوسف عمر وناظم الغزالي غريبة، ...
حتى أغاني (فيروز) صاحبة الصوت الملائكي التي كنا نستمع إليها صباحاً لتكون خير افتتاح لنهاراتنا قد اختفت وأستعيض عنها بمواويل الحزن والأسى والأدعية الطائفية و(اللطميات) على أحداث مضى عليها (1400) سنة، بالاضافة الى اغاني (بنت البتل) و(السينما).
الگاردينيا: مع أحترامنا وتقديرنا للأستاذة/ سلمى البغدادي لجهودها في كتابة هذه المادة الرائعة والجميلة ولكن هنالك التباس حول أستماع وتمتع الرئيس الراحل أحمد حسن البكر بصوت وأغاني المطرب البدوي/ جبار عكار..
العكس تماما هو الصحيح فقد أمر المرحوم / البكر بطرد جبار عكار وقال عنه إنه (مايعرف يغني عالربابة) وكان يأمر بإذاعة غناء ملا ضيف الجبوري كل يوم ظهرا وخلال فترة غداء الرئيس.
وقد ذكر تلك الحادثة الأستاذ/ إبراهيم الزبيدي في كتابه (دولة الإذاعة) ونقل حادثة المكالمة الهاتفية من الرئيس شخصيا حينما كان المدير الخفر في الإذاعة صباح يوم جمعة فأمره بمنع جبار عكار.
1235 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع