محمود الوندي
بعد الانتصار الكبير الذي حققته وحدات حماية الشعب الكوردية (YPG) ووحدات حماية المرأة في روز آفا (كوردستان سوريا) وبعد معارك طاحنة ضد تنظيم داعش من أجل تحقيق حرية جميع القوميات السورية ، حيث تمكنت هذه القوات من تحرير أراضيها وشعبها من العبودية ، ومن سيطرت عصابات داعش .
بعد تحرير المناطق الكوردية وأعلان الحكم الذاتي للشعب الكوردي في روز آفا (كوردستان سوريا) ، حيث استفزت حكومة تركيا من هذه الانتصارات ، حوفاً ان تكون في المستقبل حافزاً ودافعاً لأكراد تركيا لتصعيد مطالبهم بحق تقرير المصير وإقامة الدولة الكردية ، أخذت تدعم الارهابيين من عصابات داعش وتحركها ضد الكورد باجتياح مناطقهم والقضاء على طموحاتهم المشروعة ، لكي لا يهيمن وحدات حماية الشعب الكوردية (YPG) على المنطقة الكوردية التي تشكل عمقا ستراتيجيا لمقاتلي حزب العمال الكوردستاني التركي الذي تعده الحكومة التركية تنظيما "إرهابيا" وعدواً لذوذاً لها ، الى جانب قصف الطائرات التركية لتجمعات المقاتلين الكورد السوريين في محيط كوباني بحجة ان بينهم مقاتلين من حزب العمال الكوردستاني التركي ، وكما امتنعت عن فتح حدودها أمام المتطوعين الذين أرادوا الانضمام إلى القوات المدافعة عن كوباني ، ولا سمحت بإيصال أسلحة أو ذخائر إلى قوات المقاومة . والاكثر من ذلك هو منع وصول المساعدات من اقليم كوردستان الى كوباني عبر الاراضي التركية.
تعرض ويتعرض مدينة كوباني لأعمال بربرية وحشية على يد داعش (الدولة الاسلامية) وتطهير عرقي وابادة جماعية منظمة كان ضحيتها المئات والالاف من الأبرياء العزل من الكورد ، بعد أن قبع المدينة تحت الحصار اللاإنساني من جهاتها الثلاث منذ ثلاثة اشهر ، ومحاصرة من الجيش التركي من الجهة الشمالية الذي يمنع وصول أي مساعدات من أي نوع اليها ، واصبحت كوباني ضحية جديدة لستراتيجية الأميركية وسياسة الابتزاز التركية ؛ تتجاهل دول المنطقة ودول العالم مأساتها ، وتقاعس قوات التحالف في شن هجماتها الجوية على التنظيم الداعشي ؛ والتجاهل الامريكي لنداءات الاستغاثة التي اطلقها سكان مدينة كوباني .
ان ما تتعرض له المدينة هي جرائم تنافي كل القيم الإنسانية والدينية , صمت المجتمع الدولي والمحافل الدولية والحكومات والمنظمات العربية والإسلامية تجاه هذه الجرائم الوحشية التي يندى لها جبين كل مَن له مبادئ وقيم وشعور انساني ، ما هي الا دليل دامغ على حجم المؤامره الدوليه والأقليمية ضد الكورد ، وانحطاط قيمة الانسان في الواقع الدولي .
الهجمات البربرية التي يشنها تنظيم داعش على كوباني تأتي تلبية لرغبة تركية التي تسعى بكل الوسائل الى اضعاف حزب العمال الكردستاني وكسر ارادة المقاومة لدى مناصريه في كوردستان سوريا . وإرغام الكورد على التخلي عن أية مكتسبات سياسية يمكن أن يتوصلوا اليها من جراء الوضع المتشظي في سورية . لأن تركيا تعاني من كابوس رهيب ، هو كابوس الشعب الكردي ومطالبته بحقوقه القومية المشروعة التي ينكرها عليهم تركيا الى جانب إيران وسوريا وحتى العراق .
يقاتل سكان كوباني بما يتوافر لديهم من اسلحه بسيطه بعد ان العالم خذلهم . لصد هجمات الداعش الارهابي ، ولم يكن في المدينة سوى بضع مئات من المقاتلين من أبنائها ، الذين رفعوا رأس الأحرار عاليا بصمودهم التاريخي ، ولم يرَ العالم قوة محاصرة بذلك القدر العظيم من المعنويات المرتفعة .
أصبحت مدينة كوباني قلعة صامدة تحمي شمال كوردستان وتحمي شرق وغرب روزآفا كوردستان لا تزال صامدة تقاوم بكل ما لديها من اسلحة فردية بسيطة . وكشفت عن وجه تركيا الحقيقي التي لم يحركها نزف الدم الكوردي .
لا استطيع حتى الان ان اجد تعبيرا يناسب البطولة والشجاعة والبسالة والصمود , الذي نراه في كوباني ، إلا أن اشبهها بمدينة ستالينغراد الروسية , التي اشتهرت بصمودها التاريخي في الحرب العالمية , عندما حاصرها الالمان .
صمود كوباني ( فيما هم على مرمى حجر من العدو ) ، والتضحيات الجسام التي تقدمها قوات حماية الشعب بشاباتها وشبانها الشجعان،أثبت أن «الدواعش» حفنة من العصابات يمكن صدهم ودحرهم ، وبقوة مستمدة من إيمان عميق . وسيعطي هذا الصمود درسا وقوة دفع كبيرة لكل المقاتلين في مناطق العمليات الباقية ، وأعطى دفعاً قوياً لاستقلال الكورد وتشكيل دولتهم المنشودة .
746 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع