أ.د. سيّار الجَميل
-1-
ماذا اقول يا اميرة الحضر ؟
لم يبق ربيع واحد في ام الربيعين
فكيفَ بتوابع ومرابع أُخَر ؟
في جبل سنجار .. أم في قلعة النمرود
هناك في قصور نينوى العالية
وعند بواباتها واسوارها
عند نهر الخوسر
ام في صالات مدينة الشمس
وشاهقات اعمدة الحضر !
هناك في اعماق الموصل الحدباء
تيبّسَت اعواد الشَجر
تعذبّت انفاسُ البشر
تحطمّت اجناس الحّجر
والطيور ماتت كمّدا
مذ دفنت النسوة في الاكفان السوداء
والموت يزورهن من الصباح حتّى المساء
لقد حُطمّت اسوار المدينة
منذ ازمان بعيدة
وعبث الاشرار في الارض الوحيدة ..
وجعلوا السماء مأوى للدعارة ..
وبيتا للرذيلة
قتلوا الشمس الجميلة
وسفحوا الدمّ وحجبوا انوار القمر
مرّة في الفجر ومرّة عند السحر
-2-
ماذا اقول يا اميرة الحضر ؟
كنت اميرة شامخة منذ الفي سنة
لم يلمسك احد .. وانت وحيدة في العراء
بلا حراس .. بلا ابواب .. بلا حتى كلاب
كانت تهرب منك الذئاب
واليوم سحقك المطايا
وجعلوا النسوة سبايا
والرجال اسرى بكايا
كنت واقفة مثل ملكة عاشقة
تهوى الحياة الراقية
تحمل شعلة الحضر
كنت عروسا للنور بين بادية ونهر
وشالك يزحف مع الغيوم
قتلوك كونك رمز مدينة اسمها : الحضر
قتلوك لأنك عدوة لكل المتوحشين واشباه البشر
-3-
ماذا اقول يا اميرة الحضر ؟
التقيتك وحيداً منذ خمسين سنة
وكنتُ صبيّا يافعا اغرّ
قلتِ : انا ملكةَ الربيع ..
انا مدينة الشمس واميرة الحضر
انا عنوان خضرة العشب
وديمة حبّات المطر
انا لست عظما .. لست بشر
انا لست مجرّد تمثال من حجر
انا سيّدة الازمان الجميلة ..
انا سيّدة الربيع والفضيلة
انا سيّدة عراق الحضر
ان قتلتُ يوما .. فاغلقوا ابوابكم
فليس هناك ايّ سمّو .. ايّ نظر
لمن مضى .. لمن حضر !
وليس هناك من بعدي ..
اي عراقي يحلم أو ينتظر !
ان العراقَ يحتضر !
1528 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع