علي السوداني
حربٌ ألكترونيةٌ ضخمةٌ تمطر فوق رؤوس الناس ، لو نزل هطيلها فوق جبل جلمود ، لَكَسر ظهره وصيّرهُ رماداً تذروه عواتي الرياح .
الضرر والعطب الذي يخلّفه ألجيش الألكتروني المرتزق ووسائط إيصاله على الوعي الجمعيّ للرعية ، يكاد يكون ألعن وأقسى من مثيله المصنوع بمطابخ التلفزيونات الفضائية .
أمام مشهد التخلف والأمية وتهجير الذاكرة وانقراض القراءة ، سيُطحن تأريخ الشعوب المريضة المهزومة التي ليس تحت يمينها مصدات ومضادات حيوية تشفيها وتحميها من سيل الضلالات والخزعبلات ومنبوشات الخرافة الميتة . هؤلاء الأبالسة يتكئون على الغاطس البعيد من قصص السقائف وأخواتها ، فيملّحونها ويبهّرونها ويطيّبونها ويعجنونها ويخلطونها بالنعناع والطيب والمسك والريحان ، فتدخل دماغك مثل ديدان شرهة وتأكل آخر سواتر العقل ، فتستسلم لها ، فتشيل سيفك البتّار وتخرج إلى الشارع وتصيح الثأر ثم الثأر ، ولسان حال الشيطان الذي استغباك واستحمرك يقول : يا لبهجتي وسعدي ، فما ظننتك غبياً وسهلاً .
خطورة هؤلاء ليست كامنة بخبثهم ودهائهم ودولاراتهم التي يبّست الضمائر وجففت العقول حسب ، بل في تلك الأقنعة السميكة وماكياج الخديعة الذي يضعونه على وجوههم وعلى أجسادهم ، حيث يضيع الجدل معهم وتتيه بوصلة الحوار بالتي هي أحسن وأنفع وأجدى ، لأنك إن صرفت عليهم نصف دم قلبك ، فسوف تكتشف لاحقاً أنك إنما كنت تحاور أشباحاً .
من المعقول جداً والمفهوم السهل حتماً أن ينوجد في هذا الجيش القذر ، إسرائيلي وايراني وأمريكي وتركي وأفغاني وغربي مسشرق ، يدخل على خط النقاش ، ويصب زيتاً معدّاً سلفاً ، فيواسي هذا بواقعة ضلع الزهراء وولاية عليّ ، ويناصر ذاك في مسألة إرضاع الكبير ودخول المرحاض بالقدم اليمين ، وأخيرها حقّ الرجل بأكل لحم زوجته في حال الجوع ، ومسألة جواز أكل الخراف المذبوحة ببلاد الافرنجة حتى لو أصيب شريط مسجّل الشهادة بعطب فنّي ، في اللحظة التي تنزل فيها السكين فوق رقبة الثور المسكين ، وهكذا دواليك ودواليَّ ودواليها !!
نحن نعيش اليوم مصيبة تمشي على ألف قدم . نأكل اللحم والرز والحنطة والجبن والشوكولاتة والذرة ، ونشرب الحليب وعصير الفاكهة ونقلي بزيت ودهن قد يكون من صنف دهن الخنزير مثلاً ، ونلبس ونركب مما تصنعه مصانع البشر الذي يسمونهم مفتونا بالكفرة والمشركين ، في واحدة من اعظم ازدواجيات العصر المريض القائم .
يكذب ويسرق ويقتل ويزور ويرتشي ، فإن مدّتْ له امرأة يدها للمصافحة ، سحب كفّه مثل ملدوغ أفعى ، وزرعها فوق قلبه علامة ردّ السلام .
549 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع