بقلم : سالم ايليا
إشترط دولة رئيس الوزراء د. المهندس حيدر العبادي على الشعب العراقي حصوله على موافقة ( مليونية ) بإستفتاء شعبي لكي يتمكن ( قانوناً ) من إعادة صياغة الدستور وحل البرلمان ولربما إعلان حكومة طوارئ أو حكومة إنقاذ وطني أو ما شابه ذلك ، جاء ذلك خلال لقاءه بعدد من الصحفيين ورجال الإعلام في السابع والعشرين من آب الحالي .
ولكي لا نضع العصا في دولاب الإصلاحات التي إتخذها السيد رئيس الوزراء والتي لا تزال حبر على ورق ولكي لا يفهم البعض من ان الشعب غير مستوعباً للمسئوليات الجسام الملقاة على عاتق رئيس الوزراء المُحاط أصلاً بالمافيات والعصابات المنضوية تحت خيمة الأحزاب والكتل البرلمانية نقول : لقد تعشّم الشعب فيك خيراً حين أعلنتَ مراراً بأنك مشروع إستشهاد وستمضي قدماً لمكافحة الفساد والمفسدين حتى لو كان الثمن حياتك !! . وقد أنتظر الشعب لأكثر من سنة منذ إنتخابك لرئاسة الوزراء دون أن يلمس أي إجراء تنفيذي لمحاربة الفساد والبدأ بالإصلاحات التي وعدتَ الشعب بها ـ ـ ـ الم تكن كافية ربع مدة ولايتك تقريباً لترتيب كابينة وزارتك وإبعاد الوزراء الفاسدون تمهيداً لتقديم من سرق أو أهدر المال العام منهم الى القضاء لينال جزاءه . لقد ذكرتَ في كلمتك أمام الصحفيين من ان مليارات الدولارات التي إختفت منذ سنة 2003م ولحد الآن كان معظمها هدراً للمال العام وليس سرقته !! ـ ـ أيعقل تبريرك هذا يا رئيس الوزراء ـ ـ أيعقل أن تفسر " الماء بعد الجهد بالماءِ " ، وهل تعتبر تهريب النفط العراقي وبمعدل ( 100 -500 ) الف برميل يومياً خلال السنوات التي أعقبت الأحتلال وقبل أن يتم وضع المقاييس وحسب ما صرّح به حينذاك القاضي موسى فرج نائب رئيس هيئة النزاهة هدراً أم سرقة ؟!! ، وماذا تطلق على الغاء عقد شراء طائرات السوخوي / 25 من روسيا البيضاء والذي نوه عنه وزير الدفاع د. خالد العبيدي في لقاءه مع قناة البغدادية في التاسع عشر من آذار المنصرم حين قال وبالحرف الواحد " الفساد المستشري كمرض السرطان في جسد المؤسسة العسكرية " ولم يقل إنّ تلك الصفقات المشبوهة كانت نتيجة الهدر في المال العام ولكنه حدده بالضبط على انه كان فساداً مستشرياً كمرض السرطان ثم أردف مكملاً كلامه وقال : ( وحاولوا الكثير من مافيات الفساد التأثير علينا بهذا الإتجاه أي عدم الغاء العقد ولكنهم فشلوا في ذلك ) !! . تصور يا رئيس الوزراء تحاول مافيات الفساد وبكل صلافة الأتصال بوزير الدفاع لحثه للإبقاء على هذا العقد وغيره من العقود التي الغيت وهي طليقة لا تخاف لعدم وجود قضاء نزيه يحاسبها فهل تضع تلك العقود الملغاة في خانة هدر المال العام أم سرقته ؟!! وما نحن بصدده ليس بضع سنتات وإنما مليارات الدولارات التي تمّ نهبها من المال العام وفي وضح النهار !! . ولأكن متناغماً مع ما ذهبتَ اليه في تبريرك ، أفلا تعتبر الهدر في المال العام جريمة يحاسب عليها القانون !! ، فالهدر يحصل أمّا نتيجة جهل المسئول بمسئوليته أو تقاعسه في أداء مهامه وهو أكبر جرماً من السرقة عملاً ببيت الشعر للإمام إبن القيم " إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظمُ " خاصة وان الشعب بحاجة ماسة لتلك الأموال ( المهدورة ) لتحسين الخدمات الأساسية المفقودة أصلاً والتي جعلت ملايين الشعب تصرخ بصوتٍ واحدٍ " بأسم الدين باكونة الحرامية " . وإذا كان الوزير باقر جبر صولاغ قد هدد الشعب بنزول مليوني مؤيد لكتلته ولكتلة الصدر الى الشارع للوقوف ضد المتظاهرين السلميين والشعب يدرك تماماً بعدم إمكانيته فعل ذلك حيث إن كتلة الصدريون قالت كلمتها مع الشعب وما تبقى من مؤيديه عضّوا أصابعهم ندماً لإنتخابهم دولة القانون ـ ـ أقول أن الشعب كله مع الإصلاح إلا القليل المستفيد من الإنفلات الأمني والفساد وهم في غالبيتهم من الإنتهازيين وقادة الأحزاب المتنفذة والمجرمين وقد ذهب زمن ( الكارت ابو العشرة ) الذي منحتموه لبعض البسطاء لإنتخابكم ، ناهيك عن ان الشعب سارع في الرد على شرط رئيس الوزراء بالموافقة ( المليونية ) فاندفع في الجمعة التي تلت حديث رئيس الوزراء بالنزول بملايينهم هاتفين له " فوضناك ـ ـ فوضناك " ، فماذا بعد يا دولة رئيس الوزراء ؟!! ماذا تنتظر ؟ هل لا زلت تصر على إصلاحاتك الإدارية الترشيقية بالغاء مناصب لا وجود لها أصلاً إلا لتثبيت المحاصصة و( إهدار ) المال العام بصرف رواتب نوّاب رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء الضخمة وصرفيات حمايتهم الأضخم !! . كن مع الشعب فأنت منه وأحفظ أسم عائلتك الكبير وموقعك الأكاديمي الذي جاهدت للحصول عليه وسَيُكتبُ أسمك في سفر العراق الخالد بأحرفٍ من نورٍ ولا تكن مع نفساً شبعت بعد جوع ، فإن الخير فيها دخيل وكن مع نفساً جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل وشعبك العراقي جاع بعد شبع وهو أصيل !! ، لكن أنتبه من الإنجرار وراء الغاء أو تجميد الدستور أو أي إجراء إستثنائي آخر دون وضع سقف زمني لعودة الديمقراطية بدستورها وبرلمانها الجديدين درءاً لمخاطر عودة الدكتاتورية الفردية التي كان يخطط لها رئيس الوزراء السابق نوري كامل المالكي .
وخاتمة مقالي هذا مثل الماني يقول : " إنتظر ـ ـ هي أصعب كلمة تقولها لجائع " فلا تقل يا دولة الرئيس لشعبك إنتظر ، فقد إنتظر بما فيه الكفاية .
نعم يا سيادة الرئيس ، انت الرجاء الأخير لبقاء العراق قوياً موحداً وسيحفظ التاريخ لك هذا الإنجاز وأعطي للشعب قبلة الحياة بدلاً من أن تعطيه قبلة الوداع .
1008 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع