إبراهيم الزبيدي
عراقيون كثيرون منزعجون من خطيب وإمام جمعة بغداد السيد رسول الياسري لأنه طالب حكومة حيدر العبادي بأن تباشر بغلق بارات الخمور والملاهي، ضمن خطتها الاصلاحية، لتثبت احترامها لدين هذا الشعب، وهويته، ويتساءلون، هل انتهت مشاكل العراق كلها، سقطت المحاصصة، والطائفية، وتوفرت الخدمات، وسكتت المفخخات، تحقق الأمن، وانتهت الاختلاسات، ولم يبق سوى هموم الملاهي والبارات؟
أما أنا فلم أغضب من هذه الدعوة، بل تحمست جدا، وبقوة، لنصرة فضيلة السيد الياسري، ورجوته ألا يكتفي بالمطالبة بإغلاق بارات الخمور فقط، بل بإعدام روادها وزبائنها أجمعين.
وعذري وعذر السيد الياسري أن بارات الخمور والملاهي هي أساس خراب الوطن، وسبب ضياع استقلاله وسيادته وكرامة أهله، وسبب دخول ضباط الحرس الثوري وجنود الولي الفقيه إلى تكريت والبيجي والفلوجة وغيرها من مدن الوطن الذي كان عزيزا وعصيا على الغرباء.
نعم إنها علة العلل، ومصدر جميع أنواع الخطر على حضارة العهد العراقي الديمقراطي الجديد، ونزاهة حكامه، وعدالة قضائه، وهيبة رئاسة جمهوريته ورئاسة وزارته وبرلمانه العتيد.
فأصحاب بارات الخمور والملاهي وزبائنُهم هم الذين استدرجوا العم سام لغزو العراق. وهم الذين حلوا الجيش العراقي، وألغوا وزارة الدفاع والإعلام. وهم الذين سمحوا بـ (فرهدة) المتاحف والبنوك والوزارات والجامعات وقصور صدام وأولاده وكبار معاونيه. وهم الذين أسسوا نظام المحاصصة، ونصَّبوا عبد العزيز الحكيم، ومن بعده ولده النبيه عمار الحكيم، وابراهيم الجعفري ونوري المالكي وأحمد الجلبي ومحمد بحر العلوم وأياد علاوي ومسعود البرزاني وجلال الطالباني وأسامة النجيفي وصالح المطلق و(الكربولي إخوان) قادة للعراق وزعماء لشعبه المنحوس. وهم الذين كانوا لا يكتفون بتقبيل بول بريمر من خديه، بل يصرون على لثم شفتيه الورديتين، وعلى شاشات التلفزيون.
وهم الذين قالوا لفرسان المعارضة العراقية القادمين من مقاهي طهران ودمشق وعمان ولندن: عليكم بقصور العهد البائد، ومنازل رجاله، فاقتحموها واحتلوها وخذوها لكم، حلالا بلالا، فهي من حق الغالب على المغلوب.
وهم الذين اخترعوا لعبة تقسيم الشعب العراقي، طائفيا وعرقيا، بما أسموه مجلس الحكم العتيد، وأسسوا لعهد الضغينة والأحقاد والفساد، ودشنوا مواسم المفخخات والأحزمة الناسفة والكواتم، وأحرقوا الأسرى وهم أحياء.
وفي بارات الخمور والملاهي تمَّ تتويج الشطار الكبار السبعة، رؤساء مجلس الحكم، ومنحهم حقَّ القتل والاغتيال والسرقة والاختلاس وتهريب الآثار والنفائس والمخطوطات التاريخية النادرة، إلى الخارج، دون حساب ولا كتاب، ثم وزعوا عليهم الوزارات والمؤسسات والمحافظات والسفارات، حصصا وإقطاعيات.
وهم أول من أمر وزير داخلية أياد علاوي، وزوج أخته، نوري البدران، بتهريب أول شحنة ضخمة من الدنانير العراقية الجديدة إلى لبنان، بحجة شراء معدات لوزارة الداخلية.
وأصحاب بارات الخمور والملاهي وزبائنهم هم الذي أمروا المناضل أيهم السامرائي وزير كهرباء أياد علاوي بتهريب مئات الملايين من الدولارات (كاش) من الأموال المخصصة للكهرباء، وبتركِ العراقيين يستمتعون بجمال الظلام وسحره الفتان. وحين اعتُقل وحوكم وسجن هم الذي أنتزعوه من سجنه، ووضعوه على أول طائرة، وأوصلوه إلى نيويورك بأمان.
ولولا بارات الخمور والملاهي لما (لهط) وزير دفاع أياد علاوي، حازم الشعلان، حفنة ملايين من الدولارات، والخروج بها من مطار العاصمة، بالسلامة، إلى عاصمة بريطانيا العظمى، و(لا من شاف ولا من دري).
ولولا بارات بيع الخمور والملاهي وتأثير خمورها المُعتقة لما ورث حزب الدعوة العربي الاشتراكي غرفة نوم صدام حسين. ولما طاح حظ العراق ليجلس ابراهيم الجعفري على مقعد رئاسة دولة العراق ويقود شعبها المنكوب.
وأصحاب بارات الخمور والملاهي هم الذي علموا أحمد الجلبي اللعب بالبيضة والحجر، ودربوه على تشليح البنوك والمصارف، والرقص على حبال الأمريكان والإيرانيين، معا، ولا يستحي.
ولولا بارات الخمور والملاهي لما تمكن كاكا مسعود من الاستقلال بمملكته البارزانية العامرة، والمجاهرة بأخوَّته الصادقة مع آل صهيون.
وبارات الخمور والملاهي هي التي جعلت جلال الطالباني ثم فؤاد معصوم رئيسين لجمهورية العراق (العظيم).
والخمارون والمخمورون هم الذي انتخبوا نوري المالكي وهادي العامري وصالح المطلق وآل كربولي والأخوين نجيفي وحنان الفتلاوي وصدر الدين القبانجي وباقي شلة العيارين لكي يصبح الاختلاس وتهريب الأموال وتشكيل المليشيات والعصابات من مقومات السلطة وأصول الوجاهة والقوة والصولجان.
وهم الذين عينوا بيان جبر وزيرا للإسكان، ثم وزيرا للداخلية، ثم المالية، وحاليا وزير نقل. ومن يدري غدا ماذا سيكون؟.
وهم الذين نصبوا هوشيار زيباري وزيرا لخارجية العراق طيلة اثنتي عشرة سنة، بالتمام والكمال، ثم نقلوه منها إلى وزارة أموال العراق.
وهم الذي قاموا بسرقة مصرف الزوية، وعينوا بطلها وزيرا للنفط وأمينا على بيعه أو تهريبه. وهم الذي هجموا على خيم المعتصمين في الأنبار وصلاح الدين ومزقوها، واعتقلوا جميع أصحابها، وقتلوا منهم الكثير. وهم الذين أوصوا أهالي الرمادي والفلوجة بأن يحتموا بداعش ويصبوا فيها أفضل خبرات أبنائهم القتالية والمخابراتية لقتل جنود الحكومة وضباطها واحتلال وتدمير المدن الآمنة وقطع الرؤوس وحفلات شواء الأسرى الخارجين على الخليفة والدين. وهم الذين نفذوا مجازر الحويجة والفلوجة وتكريت والبيجي وقرية "بروانة" وقرية "نهر الإمام" في قضاء المقدادية في ديالى. وأصحابُ بارات الخمور هم الذين ارتكبوا جرائم حرق المنازل، وإتلاف المحاصيل الزراعية، لمنع أصحابها من العودة إليها.
وهم المسؤولون عن وجود مئات الآلاف من الفضائيين في وزارات الدفاع والداخلية والصحة والزراعة والكهرباء.
وهم الذين علموا الناس كيفية تهريب العملة، وترتيب العقوةد الوهمية لمنح الحبايب والأقارب مئات الملايين من الدولارات بلا ضمانات.
وهم الذين أنشأوا وسلحوا ودربوا ومولوا فيلق بدر والعصائب وحزب الله العراقي وكلفوهم بارتكاب المحرمات الضرورية لخدمة الله ورسوله وآله الأكرمين.
ولولا خمور البارات والملاهي لما صال قاسم سليماني وجال، في العراق (العظيم) يأمر ويطاع.
وخمور البارات جعلت قيس الخزعلي يتطاول على رئيس الوزراء، ويتحداه، ولا أحد رد عليه بشيء.
وبارات الخمور والملاهي هي التي فرَّخت وأطعمت وسقت المجاهدين الذاهبين للدفاع عن السيدة زينب في دمشق والزبداني ودرعا وحلب وحماة.
ومحلات بيع الخمور والملاهي هي المسؤولة عن تسليم الموصل والرمادي والفلوجة وتكريت وبيجي والشرقاط لحفنة أشقياء مكللين بالسواد.
أجل. أنا أعارض الغاضبين على دعوة فضيلة خطيب وإمام جمعة بغداد السيد رسول الياسري، علنا، وعلى طول الخط، وأبصم عليها بالعشرة. فبارات الخمور والملاهي هي أصل الخراب ومنبت الشرور. وعلى بطل التغيير رئيس حكومة الاحتجاجات السيد حيدر العبادي، لكي يثبت إخلاصه للوطن، واحترامه لدين الشعب، أن يأمر، وعلى الفور، لا بغلقها فقط، بل بحرق أصحابها وزبائنها أجمعين. فبغير هذه المكرمة لن يستقيم الاعوجاج، ولن يتوب الخائنون، ولن يعف اللصوص، ولن يسترجل الجبناء، ولن تتحرر الرمادي والفلوجة وبيجي والموصل. أجازك الله يا سيد رسول الياسري وحياك وبياك، وعلى خُطبكم، كلنا، سائرون.
الگاردينيا: الأستاذ العزيز / إبراهيم الزبيدي:
3637 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع