بدري نوئيل يوسف ـ السويد
كنت مع حفيدتي نتناول طعام الغداء في مطعم ماكدونالد ومعروف لدى الجميع انه إحدى أكبر سلسلة مطاعم الوجبات السريعة في العالم ، الطعام الأساسي الذي يعده الهبركر بأنواعه وأحجامه المختلفة ، مع بطاطس مقلية ، ومشروبات غازية بأنواعها .
جلست حفيدتي تأكل بشراهة كأنها اسبوع لم تذوق الطعام سألتني مستفسرة وشفتاها ملوثة بالصاص : هل كان عندكم في العراق مطاعم للهمبركر ؟؟؟.
ابتسمتُ وقلت لها : نعم كان هناك مطاعم مشهورة ، ذكرتني بمطعم ابو يونان وكان يقدم اطيب وألذ الهمبركر ، وبعد عودتنا للمنزل سنقرأ ملاحظاتي المدونة في دفتر الذكريات عن هذه الشخصية .
عدنا الى المنزل وانشغلتُ بأمور كتابية نسيت احكي لحفيدتي عن مطعم ابو يونان ، جاء والديها بعد انتهاء دوامهما لأخذها لمنزلهما ، وقفت عند الباب المنزل وقالت لي بنبرة عتاب : جدي لقد نسيت ان تحكي لي عن همبركر ابو يونان .
اعتذرتُ لها ووعدتها ان احكي لها الحكاية غدا .
في اليوم التالي عادت من المدرسة وكلها امل ان تسمع الحكاية جلست بجانبي وقلت لها : مطعم ماكدونالد الذي نراه مكتظ بالعوائل وهم يجلسون على مقاعد ولا يوجد فيه مكان شاغر يتناولون الطعام ، اما مطعم ابو يونان فعندما بدأ بكشك صغير كنا ننتظر دورنا في طابور طويل لا يقل عن عشرة أشخاص في كل مرة حتى نستطيع الوصول الى ابو يونان حتى نستلم منه ورقة صغيرة بعد دفع ستون فلس ثمن الهمبركر ، ونسلمها الى ابنه الذي كان يقلي اللحم المصنوع من اللحم الصافي الغير المغشوش يضيف له البصل والتوابل مع شرائح الطماطم والبصل يضاف اليه طبقة من الخردل والصاص ويحضر اللفة ، والهمبركر العراقي يختلف عن ماكدونالد لأنه اقرب للكباب لذا يكون طعمه لذيذ .
قالت : وهل يقدم البطاطس المقلية مع اللفة والمشروبات الغازية .
قلت : لم يقدم البطاطس المقلية لكنه كان يقدم المشروبات الغازية التي كانت متوفرة في العراق وهي لذيذة ومنعشة وأتذكر منها ( كوكاكولا ، بيبسي كولا ، سينالكو ، المشن ، الكراش ، وسفن اب ، وميرندا ، تراوبي ) .
قالت : كل هذه الانواع كانت موجودة في العراق .
قلت لها : نعم كانت هذه الانواع وفي البداية كان هناك مشروب غازي اسمه (النامليت) .
قالت : كيف بدأ ابو يونان العمل .
قلت لها : أسمه بطرس عوديش وأشتهر بابو يونان بدأ بكشك صغير عام 1965 يعود لشركة كوكاكولا التي تجهزه بمشروبها الذي يقدمه مع الهمبركر ، كان الكشك يقع في منطقة العلوية ، توفق في هذا العمل واستطاع شراء الارض التي كانت قرب الكشك وبنى مطعمه مع محلات اخرى قدم لزبائنه داخل المطعم الشاورمة مع الهمبركر ، وأصبح هو أول من يدخل هذه الأكلة الى المجتمع العراقي ، ثم فتح له فرع في شارع الرشيد .
سألتني حفيدتي : هل كان عنده مكائن وآلات كهربائية مثل ماكدونالد .
قلت لها : لم يكن هناك مكائن عندما فتح أبو يونان في منتصف الخمسينات كان يملك ماكينة واحدة هي فرامه اللحم ، ويصنع الهمبركر مع زوجته في منزله بأيديهما ، وله مقلاة كبيرة مستطيلة الشكل صنعت في العراق وطباخ غازي ، اشتهر ابو يونان بسبب نظافته وحسن معاملته للزبائن مما أكسبه شهرة كبيرة ورغم وجود عدد من المطاعم التي تقدم الهمبركر لكن كان الإقبال عليه شديداً ، للعلم قام بعض من اصحاب المطاعم ببث اشاعات للحد من شهرة ابو يونان لكنها باءت بالفشل .
كنت كل ما ازور بغداد اذهب الى كشك ابو يونان أنتظر دوري خلف طابور واشتري لفتان واكلها بشراهة ، لم اتذوق في السويد أو اي دولة زرتها أطيب من الهمبركر الذي كان يقدمه أبو يونان .
3155 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع