في ذكرى مولد رسول الإنسانية استنهاض لتعزيز الوحدة الإسلامية

                                                     

                           عدنان عبد النبي البلداوي

قبل مولدك ياسيدي يارسول الله كانت الأرض منتفخة أوداجها ،تستغيث من جثوم الأوثان على صدرها المكروب ، ولا يكاد يمر إعصار على رمالها إلا وفي عنفوانه استنكار وغضب بوجه الهمجية والعشوائية الجاهلية .

الشمس كانت تشرق قبل مولدك ، ولكن رغم وهجها تذرف دموع الأسى والحزن أسفا على رؤوس تحمل الظلم ومفاهيم الإستعباد واضطهاد الضعيف ووأد الأبرياء ... لقد كانت الألسن عربية فصحى والقلوب تعشق مثلما هي غلاظ ، ولكنها كانت لاتعرف للإيمان معنى ، ولا للاتصال الحقيقي بالواحد الأحد كيفية.. كل ذلك كان ضمن مدارات الحياة اليومية قبل الرسالة ، وجاء اليوم الذي تمخض عنه الصبر وكان يوما مشرقا بهيجا يحمل نسائم المولد الجديد ... اليوم الذي استنفرت فيه الأرض مستبشرة بانفراج أزمتها  وانشراح صدرها ... وكان شاهد استنفارها أن تصدع إيوان كسرى ، وكان شاهد زهوها أن تهاوت الأصنام مدلة على سفاهة القوم وحماقتهم .
إن المعاجز ولدت معك يارسول الله ، إذ لن يألف أفراد المجتمع الجاهلي إن انسانا مثلهم يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ، ولكنه نور يلقي بومضاته هنا وهناك .
وجاء الوعد الحق ( وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب ).. لقد بدأ كل شئ يتغير ، فالقلوب التي أسلمت وآمنت بالله ورسوله ، سرعان ما أوعزت الى النور الذي باركها الله به ليفترش سيماء الوجوه ، مكتسحا المقت والعنجهية..
أجل كل شئ بدأ يتغير حتى حركة الأقدام على أديم الأرض  ، إذ لاقوة تزحزح الأقدام الثابتة على مبادئ الدين الحق ، تقابلها أقدام مرتعشة لايقرّ لها قرار ، ليس لأن أصحابها جبناء ، بل لمرض في قلوبهم ،تلك القلوب التي كانت خائفة من صوت رجل اسمه (محمد ) يهدد نفوذها ، ويقضّ مضاجعها ، ويضعضع وسادتها القبلية..
أجل بدأ كل شئ يتغير منذ ولدت ياسيدي المصطفى ،حتى الأكف على مقابض السيوف، فكان منها التي ظلت تدافع عن معتقدات وهمية خرافية فرضتها التقاليد القبلية الموروثة المفتقرة الى التوعية والرشاد ، تقابلها الأكف التي منذ ان تعرّقت أناملها بندى الحب الإلهي ، عشقتْ أرسان الجياد ، لتجوب العالم ، ناشرة في بقاعه تعاليم السماء ، بتوجيه القائد محمد والهادي محمد والمبشر محمد.
لقد تحدّثتَ يافخر الكائنات وأنت أفصح العرب ، وبدأت تقود الجمع المؤمن وأنت أحكم العرب ، وأخذت تبشر بالرسالة وأنت أشجع العرب ، وهزمت دهاة القوم وأنت عبقري العرب ..ففي أي يوم أو أي ساعة نقيم لك فيها ذكرى إنما هو التجديد الدائم لنشدان الحق ، وبث الحيوية الإيمانية المتواصلة ...
 فيا ربّ بحق حبيبك محمد ،عزز بالإيمان الدائم ديمومة الوحدة الإسلامية ، واخذل دعاة التفرقة وكل من يثير النعرات الطائفية ، وأيّد بالنصر دعاة الحق ،ويسّر أمر الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكرانك سميع مجيب .

     

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1468 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع