مصطفى العمري
يعتمد العقل احياناً على مقاسات جاهزة و مشاريط حادة , تتخذ لها مكاناً مرتفعاً لكي تراقب كل من يمشي على الارض او من يروم الانعتاق من هذا العالم الكبير ، هذه العقول تحمل ادواتاً حادةً و قاتلة مهمتها الانشغال و الترقب من اصدار منتج جديد يحرك العقل و يزيح التالف من القديم.
و بين تزاحم الفكرة و قيود التفكير تتبخر معظم الخلايا العقلية , فتهجر مكانها الحقيقي و تترك خلفها صخرةً لا تقوى على النمو او الحركة . النتيجة معروفة ، حتى لمن لا يملك عقلاً واعياً , وهي : يجب ان ترحل طاقة التفكير و التأمل و يبقى الوعي الوراثي الميت الحاكم منذ زمن بعيد .
في رحيل العقل الحي المتسائل و بدورة غير كاملة و غير ناضجة يتم اعتماد العقل المغلق الميت , فتنتج الازمات و الكوارث و ترتفع الدماء الى حيث الله و السماء , ويبقى السؤال الازلي ملحاً على الذهن دون الاقتراب من الجواب , ماهي اسباب الانحطاط و التدني في المجتمعات العربية و الاسلامية ؟
و تستمر التبريرات المختبئة خلف سياج المعرفة و اسم الدين ، تستمر في تشغيل ماكنة الضخ المفرط في ملء عقول الناس بالهابط من الرأي و السفيه من القول . مازال العقل المنتفع الماكر يحاول بناء سياجٍ فاصلٍ بين جمهوره و بين الفكر او اللامفكر فيه , ويستمر بالتحذير من الدنو او الاقتراب من ثقافة و انسانية و دين الاخر , هذا يعني اننا لسنا من الصبح بقريب و لازال سجى الليل يؤرقنا برؤياه المخيفة و شخيره المرعب .
اغلب المجتمعات العربية تبحث عن الله , و تحاول الوصول اليه , لكن هذه الاغلبية غير مدركة ان البوصلة التي تهتدي بها الى الله معطلة لايمكن ان تهتدي الى متر واحد نحو الله مالم تحرك العقل الذي وهبه الله لك. غاب عن منظور الاغلبية ان الله هو فضاءات هذا الكون و الذي يريد ان يصل اليه يجب ان يعبر مسافات و يقطع حدوداً و يهجر موروثاً و يطمر مخلفات . الذي يريد ان يسافر نحو الله و العقل يجب عليه :
1- يحمل جوازاً عالمياً، هذا الجواز هو الحب لكل عباد الله
2- ان يتخلى من ثقل الموروث الذي عُبئ من خلال العقل الميت
3- المساهمة في احياء الارض وما عليها
4- الابتعاد عن الخوض بكل ما وراء الطبيعة او مابعد الموت و حجز مقاعد و فنادق في الجنة
5- ليس للاموات قيمومة على الاحياء الا ماينفع الحياة البشرية , كأن تكون نظريات علمية او اختراعات قابلة للتطور
6 عدم تقديس اي انسان حياً كان او ميتاً , لأنه قابل للمساءلة و المفاتشة
بالوقت الذي انقد فيه العقل الميت و اطالب بالتحرر منه ، يجب ان اعترف ، ان هناك وعياً مضمراً و ثقافة تساؤل كبيرة في اوساط المجتمع العربي الاسلامي ،المجتمع الذي كان يخشى من السؤال و يعده انتحاراً على ابواب الفقيه ، صار يجرؤ لكي يرد على كل فقيه لا يراعي حرمة العقل و المجتمع .
قبل فترة قصيرة جاء رجل دين مشعوذ خرافي الى امريكا، خطب بالناس قال لهم ان الامريكان كفار و امريكا بلاد كفر ، الامر لم يمضي كما توقع هذا المخرف قام له احد الجالسين و رد عليه بقوة .
أُعوّلُ كثيراً على ذلك الوعي الساكت الان، لكني اطلب منك انت ايها الواعي ان لا تطيل السكوت فالمرحلة خطرة و سريعة الجريان .
740 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع