«النساء يعرفّن كل شيء»، عنوان لكتاب جمع ثلاثة آلاف قول لنساء أجنبيات في عوالم مختلفة، من فنّ ورياضة وإعلام وسياسة وأعمال خيرية. أقوال تحمل معها الحكمة وعصارة السنين، أو الروح المرحة من غير عصارة.
وقد تقلِّب الصفحة والصفحتين، ولم تلتقط عينك معنى بعينه يشدّك، فإذا بك تقع على سطر معجون - على سخريته اللاذعة - بماء الواقع، فيثير فيك على وجعه موجة من الضحك المر، لأنه ببساطة يحكي عن حاصل ويحصُل. لا تستطيع إنكاره ولم تتوقع اختصاره بهذا الوضوح، أو قل لم تفكر فيه بهذا الاختزال، فكم نهوّل من أمور لنعظِّم من مصابنا، أقلها بيننا وبين أنفسنا! ونحن في ذلك معذورون، فلماذا نكون مجرّدين من هذا التهويل؟ غير أن علينا الوعي بالفصل بين مبالغة خلقناها وبين تعذيب حالنا بهذه المبالغة، فلا نضحك على أنفسنا ثم نصدِّق روايتنا، فكل ما نحن فيه هو إرث مشترك بين البشر، فلا أحد يخلو من الفراق والموت والمرض والفقر، وما نشتكي منه، ولكننا نستمتع بتذكير أنفسنا بقصصنا وبقدرتنا على خوضها. قصص عذابها يحزننا ويفرحنا في آن، ولكنها لم تمنعنا من النوم ومن الأكل والشرب، فعلى رِسْلِنا، فكل شيء يمضي وله أجل محتوم.
غير أن الملاحظة عن كتاب يعرِّفك بفكر ثلاثة آلاف أنثى، أن المرأة هي المرأة في كل مكان! بهمومها ومسؤولياتها وغلطاتها وحتى سخافاتها، إلاّ أنك تجدها في الغرب متصالحة أكثر عند التعبير عما يدور في عقلها وقلبها، لإحساسها بقيمتها وبحقوقها، وبتخفيف الحكم المجتمعي عليها، فكثير من أقوال الكتاب في مجملها وفي جذرها صوت المرأة العربية وآهاتها، ولكننا لم نسمعها معلنة من المرأة العربية، مع أنها لا تمس الحياء والدين إن كان هذا هو المأخذ، ومع ذلك تسترسل امرأتهم وتنفِّس عن نفسها، وامرأتنا تكتم وتتحفظ وتنأى بنفسها، فهل تلام؟ لو كان الرجل العربي أعمق تفهّماً لطبيعة المرأة، ولو كان أكرم حناناً وتسامحاً مع أخطائها، لتصالحت «امرأتنا» مع أيامها بشكل أنضج، ولتحمّلت ما تحمّلت عن طيب خاطر، طالما أنها محبوبة ومقدّرة، فالصبر شيمة المرأة، فلم عليها أن تُجبر عليه! هو أصلاً من طبعها وفطرتها، إنما سيكون أجمل لو اعتقدت أنه باختيارها!
تعوّدنا أن نردد نحن النساء أن شيئاً أفضل من لا شيء، مع أنه في بعض الأحيان قد يكون «لا شيء» الخيار الأذكى، ويا ليتنا نعيد تفنيد أقوالنا وحكمنا القديمة، فبعضها بال ولا نزال نصر عليه، وبعضها الآخر لا يصح تطبيقه بأي حال، ولكن بمقتضى الحال. ومن بين الثلاثة آلاف كلمة سأورد بعضها ليس لأنها المفضّلة، ولكن لابتسامتها الهادئة، وكما أن شعار قناة العربية: «أن تعرف أكثر..» فكذلك هي المرأة: أن تعرف أكثر!
تصف المغنية الروسية صوفي تاكر والمتوفاة عام 1966 حاجات المرأة كالتالي: «منذ الولادة إلى سن 18، المرأة بحاجة إلى أبوين صالحين، ثم إلى المظهر الرائع من سن 18 إلى سن 35، ومن سن 35 إلى سن 55 تحتاج إلى الشخصية الجيدة، أمّا من سن الـ55 وما بعدها فالمال هو المطلب»، بينما ترى الكاتبة الإنكليزية باربرا كارتلاند أن المرأة بعد سن الأربعين تكون موزعة بين أمرين: أن تفقد جمال وجهها، أو تناسق قوامها، ولو خيّرت فعليها المحافظة على جمالها ورأس مالها، ولا تتحمس للتبختر كثيراً، فالجلوس سيؤدي الغرض حينها، وبخبرة الإعلامية أوبرا وينفري: «أن كثيراً من الناس يتسابقون للركوب معك في سيارتك الفارهة، ولكن ما يهمك معرفته من سيبقى منهم للركوب معك في الحافلة عندما تفقد سيارتك». وتقول الصحافية الأميركية ميغنن ماكلوغن: «المعركة بين الرجل والمرأة يتحكّم بها عادة عامل الغرور أو اللجوء إلى الراحة، ولأن الرجل هو الرجل فالراحة هي التي تفوز»، أمّا الناشرة المتسامحة مع الزلات كاثرين غراهام فتقول: «الخطأ هو مجرد طريقة ثانية للقيام بالشيء»، لتعترف الفيلسوفة الروسية آين راند بقدرة الرجل على جمع المال فتقول: «الثراء هو ناتج سعة الرجل على التفكير»، صحيح، النساء يعرفن كل شيء، وهذه فقط البداية!
1299 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع