يعترف صالح المطلك نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات بأن الاوضاع في السجون العراقية مخجلة، ويقول في تصريحات صحفية وتلفزيونية يبدو أنها لتسكين الخواطر وامتصاص نقمة السنة العرب الذين يتعرضون - منذ تولي نوري المالكي رئاسة حكومته الاولى في مطلع عام 2006 حتى يومنا الراهن- لصنوف غير مسبوقة من الاضطهاد والارهاب، كانت تصلني معلومات لم أكن متأكدا منها الى ان اطلعت على بعض تفاصيلها، ويضيف:
إن وسائل التعذيب موجودة بمختلف الاساليب وكذلك الاهانات، فضلا عن اعتقال اشخاص من دون صدور مذكرات قبض قضائية.
وتجنب نائب المالكي الحديث عن الانتهاكات الحقيرة التي يمارسها السجانون والجلادون على السيدات والصبايا والفتيات البريئات اللواتي يتم اقتيادهن من بيوتهن ويتم اعتقالهن كرهائن ومجموعة منهن انتحرن بعد أن تعرضن للاغتصاب ولدينا قائمة بأسمائهن نعفي أنفسنا من ذكر اسمائهن احتراما لذكراهن وجميعهن سنيات عربيات ومن أشرف العوائل والبيوتات والعشائر، ولا يستحي المالكي عندما يقول انه ضد اعتقال النسوة بسبب أزواجهن وآبائهن المطاردين من قبل أجهزته القمعية فلدينا كشف بأسماء أكثر من مائتي آنسة وسيدة من محافظتي الأنبار وديالى فقط اعتقلن والشرط الذي وضعته هذه الأجهزة للإفراج عنهن هو أن يسلم أزواجهن وآباؤهن وأشقاؤهن أنفسهم الى محاكم مدحت محمود النعل بند التي أصدرت أحكاما بالاعدام غيابيا عليهم، هكذا بلا تحقيق ولا استجواب ما دام (المخبر السري) موجودا والمادة (4 إرهاب) جاهزة، ويكذب ابن طويريج عندما يقول: ان أكثر المعتقلات ضبطن وهن يحملن المتفجرات ويتجهن لتنفيذ عمليات تخريبية والرد عليه بسيط لتفنيد أكاذيبه التي باتت لا تعد ولا تحصى، لأن بلاغات استدعاء الكثير من المعتقلات حاليا موجودة لدى ذويهن وتتضمن (كليشة) واحدة نصها: الى فلانة بنت فلان، تقرر حضورك الى قيادة عمليات الأنبار فرع الفلوجة او الرمادي في كذا يوم في كذا ساعة، وربما لا يصدق أحد أن أفرادا في نقطة سيطرة عسكرية بالفلوجة اعتقلت سيدة في حملة تفتيش لسيارة ركاب عدة ساعات لأنها جادلت الضابط او العسكري الذي سخر من اسمها في بطاقة الاحوال الشخصية عند اطلاعه عليه، هل تعرفون ماذا كان اسمها؟ إنه عائشة..!
والحمد لله ان اسم ابيها لم يكن عمرا أو عثمانا، فالجريمة ستكون مضاعفة بالتأكيد، ومع أن هذا المثال هو واحد من مئات بل آلاف الأمثلة ويحتاج إيرادها وتدوينها الى مجلد ضخم، فإن نماذج بائسة من المحسوبين على محافظة الأنبار باتوا اليوم في حضن المالكي يتذللون له وينبطحون تحت حذائه، وإذا كان السنة العرب في العراق يتفهمون حماقات جندي ساذج جيء به من قرى العمارة او تصرفات رعناء لضابط من ميليشيات (الدمج) الشيعية قيل لهما بالنص: أهل الأنبار من عشيرة يزيد بن معاوية، انتقموا منهم وفرحوا أمكم أو جدتكم فاطمة الزهراء، الا انهم لا يغفرون قطعا لواحد او اثنين أو حتى ألف، يقول او يدعي انه سني عربي ويضع نفسه في خدمة المالكي، فليس شريفا وليس انسانا سويا من يزعم انه سني عربي ويخدم حزب الدعوة ورئيسه نوري المالكي او المجلس الأعلى لصاحبه عمار الحكيم او منظمة بدر بقيادة هادي العامري او عصائب قيس الخزعلي أو أي تنظيم شيعي طائفي بأي شكل وأي طريقة، ولا يلومن أحد من الخارجين على الدين والملة والأعراف والأخلاق إلا نفسه، وهذا الكلام موجه أساسا الى أولئك الصغار والأفاقين وأصحاب الوجوه السود الذين ينشطون حاليا في تشكيل قوائم وكتل هزيلة لخوض انتخابات مجالس المحافظات برعاية حزب الدعوة ودعم نوري المالكي اللذين يسعيان لاختراق المحافظات السنية العربية وخصوصا الأنبار.
وعودة الى صالح المطلك الذي هو أعلى مسؤول سني عربي حكومي باعتباره نائبا للمالكي، فإن المسؤولية الوطنية والاخلاقية تحتم عليه ان يتحرك ويوظف جلساته واجتماعاته و(تنسيقاته) مع ابن طويريج باعتباره نائبه لصالح الابرياء والبريئات والآمنين والآمنات واطلاق سراحهم، وخصوصا انه شخصيا واجتماعيا يعرف جيدا ان الاغلبية الساحقة من المعتقلين والمعتقلات والسجناء والسجينات لم يقترفوا ذنبا ولم يرتكبوا عملا مخالفا للقانون، والتهم الموجهة اليهم والاحكام الصادرة عليهم مختلقة ومفتعلة، وإلا فما نفعُ التصريحات التي يعلن فيها أن الاوضاع في السجون العراقية مخجلة وأن المعلومات التي حصل عليها تؤكد وجود انتهاكات مروعة داخلها؟
لا نريد من صالح المطلك أن يهدد المالكي أو أن يصفه بالدكتاتوري ثم يتراجع، نريد منه ان يحمل بعضا من ملفات المعتقلين والمعتقلات ويعرضه على مجلس الوزراء في احدى جلساته ويقترح باعتباره نائبا لرئيس الوزراء تشكيل لجنة تحقيق مستقلة من ضباط وقضاة لا يرتبطون بمكتب المالكي ولا بمحاكم النعل بند، ينظرون في قضايا هؤلاء وحسمها، وإذا فشل هذا الاقتراح فإن البديل هو في إحالة الامر الى مجلس النواب على غرار اللجنة النيابية المشكلة في التحقيق باختلاسات وعمولات صفقة الاسلحة الروسية.
إن المال المسروق يمكن تعويضه ولكن كيف يمكن تعويض النفوس المغدورة أو تلك التي تزهق بلا رحمة؟
كيف يمكن تعويض اغتصاب رجل في الخامسة والستين من عمره اعتقل على اساس انه مشتبه فيه، ولما أدرك محققو المالكي انه ليس الشخص المقصود قرروا الإفراج عنه ولكن يجب (كسر عينه)، وكسر العين في عرف ابن طويريج اغتصابه جنسيا، وهذا ما حصل لهذا الرجل الذي تم توثيق ما حصل له بالفحوصات الطبية من قبل منظمة إنسانية دولية، وجزى الله خيرا وثوابا، ذلك الرجل العراقي الأصيل والكريم الذي تكفل بعلاج هذا الانسان المسكين في احدى المستشفيات التركية التي ما زال نزيلا فيها يعاني من وطأة الآلام النفسية والآثار الجسدية، وشكرا لوفد المنظمة الدولية الذي وثق حالته بالتفصيل.
إن ما يحصل لأهل السنة العرب في العراق يندرج وفق سياقات الجريمة المنظمة بكل معاييرها، والمحسوبون على السنة العرب في الحكومة والبرلمان ومن ضمنهم صالح المطلك واسامة النجيفي باعتبارهما أرفع مسؤولين وظيفيا يعرفان أكثر منا، ويعرف بتفاصيل ما يحصل في الأنبار والموصل وتكريت وديالى وكركوك، سعدون الدليمي وسلام الزوبعي وماجد علي السليمان وأحمد غفوري السامرائي ومحمود المشهداني ومهدي الصميدعي ولطيف هميم الذين شمروا عن سواعدهم وضربوا على صدورهم معاهدين حزب الدعوة ونوري المالكي بالوقوف معهما ضد ابناء جلدتهم وبيئتهم، والاخير ونقصد به لطيف هميم ظهر في محرم الماضي وهو يقرأ (المقتل) بين يدي المالكي وابراهيم الجعفري متفوقا في بلاغته التي يرطن بها على الوائلي وعبدالزهرة وعبدالحليم الزهيري الذين لهم باع طويل في تسويق البكاء واللطم وجلد الظهور وضرب (القامات) على الرؤوس وغيرها من الطقوس التي حتى الخميني الذي لا يشك في شيعيته كان قد منعها في ايران!
وقد استذكر كثيرون وقفة لطيف هميم الجديدة بين يدي المالكي والجعفري وقارنوها مع وقفاته الكثيرة ايام كان يخطب في المساجد وهو يحمل رشاشة (كلاشنكوف) ويحث المصلين على (حماية قائد الجمع المؤمن صدام حسين من غدر الفرس المجوس وعدوان الامريكان الكفار، والدفاع عن حزب البعث العظيم)!
إن من حق أي إنسان أن يختار المذهب الذي يروق له او الطائفة التي يعتقد انها الافضل له، ولكن ليس من الاخلاق والقيم ان يتشدد بمذهبه الجديد او يتطرف في طائفته الجديدة وينقلب على ابناء قومه السابقين ويحرض عليهم كما يفعل بعض الاوغاد الذين باعوا دينهم بأرصدة دولارية وريالات ايرانية وتحولوا الى عملاء لخامنئي وقاسم سليماني وآية الله تسخيري ومسؤول «حزب الله» كوثراني أكثر من المالكي وعلى الاديب وخضير الخزاعي وابراهيم الجعفري وهادي العامري وباقر صولاغي.
إن الوزراء والمسؤولين الحكوميين والنواب المحسوبين على السنة العرب مدعوون الى ان يقولوا كلمة حق في جرائم وانتهاكات المالكي واجهزته الجائرة، حتى يُبرِئوا ذمتهم على الاقل أمام الله تعالى الذي يمهل ولا يهمل، فانتخابات مجلس المحافظات على الابواب والانتخابات النيابية باتت قريبة، وهذه المرة لن تنفع الوعود المعسولة ولا التصريحات الرنانة التي اطلقوها قبل انتخابات آذار/ مارس 2010، فالسنة العرب لن ينخدعوا مرة اخرى بما اصطلح على تسميته (المشروع الوطني) الذي رفعته القائمة العراقية في تلك الانتخابات وتبين انه اكذوبة بان زيفها وظهر تماما، وعلى هؤلاء ان يتعلموا الدرس من الوزراء والنواب الاكراد الذين يضعون أصابعهم في عيني نوري المالكي ولا يقدر على مواجهة أصغر نائب منهم، بل ان وزيرا كرديا أعلن في اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة المالكي انه سيحمل السلاح الى جانب قوات البيش ميركة ضد الجيش الحكومي اذا نشب القتال بينهما من دون ان ينبس ابن طويريج بكلمة!
هكذا يجب التعامل مع نوري المالكي لمن يدعي انه سني عربي، نقول ذلك ليس طائفيا لأن أهل السنة أمة وليسوا طائفة حتى يتحدثوا بالطائفية التي هي من اختصاص الاقليات الشيعية والعلوية والنصيرية الى آخر الفرق الباطنية، انما كحالة سياسية لا بد من الخوض فيها حتى النهاية، وكل من يتلكأ او يتأخر يتحمل وزر أفعاله ومواقفه.
1287 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع