عائشة سلطان
(لا يستقيم الظل والعود أعوج) يستخدم المعلمون والوعاظ هذا المثل عادة كطريقة منطقية للإقناع، وفعلاً لا يمكن للعود أو الجذع الأعوج أن يعطي ظلاً مستقيماً، كما لا يمكن للفاسد أن ينتج عملاً صالحاً، تلك مسألة محسومة بالدليل الملموس، أما أمي فتقول مثلاً آخر يثبت حقيقة أن (النتائج تعتمد على المقدمات) فإن أردت أن تحظى بابن بار مثلاً فما عليك إلا أن تكون باراً بوالديك وأن تربي ابنك على فضيلة البر.
تقول أمي إن (الحَبْ يطلع على بذره) فبذور القمح لا تنتج تفاحاً بطبيعة الحال، وهذا يقودنا لنتساءل عن أسباب تغير أساليب ومعايير التربية الأخلاقية والقيمية في الكثير من أسرنا، وبشكل يختلف تماماً عما تربت عليه الأجيال السابقة. المشكلة هي أن الاختلاف للأسوأ، هذه هي الحقيقة، حتى وإن غضب البعض.
لأن الحياة تتغير، وما كان يناسب الأولين لا يناسب أبناء اليوم؛ فلكل زمان دولة وأجيال.
أولاً علينا أن نضع هذا التبرير جانباً لأنه استخدام غير موفق وفي غير مكانه، الحياة تتطور نعم، لكن في الجانب المادي، في وسائل المواصلات في أشكال البيوت في هندسة الطرق والمدن؛ لكن ما علاقة التطور بتدمير قيم الجدية والالتزام واحترام الوقت وقيم الرجولة والكرم والشهامة والغيرة والشرف...
هل علينا أن نغير أخلاقنا كما نغير أثاث منازلنا لنساير العصر؟ هل أصبح من متطلبات التطور أن يسكت الأب عن تجاوزات أبنائه وانحرافاتهم، وأن تربت الأم على كتف ابنها وهي تراه أكثر أنوثة من شقيقته؟! هل أصبح من قيم الحداثة ألا ننصح أبناءنا وإخوتنا لأننا قد نحرجهم ونتدخل في شؤنهم؟
هناك تراخٍ مقصود في قيم التربية داخل الكثير من الأسر، ليس بسبب الحداثة، ولكن لغياب وعي الوالدين واللامبالاة، ولأن الأم لا تريد أن تتعب نفسها في التوجيه والمتابعة، ولأن الأب منشغل بخصوصياته وعلاقاته؛ فمن يتحمل كلفة ذلك كله؟ المجتمع طبعاً، لذلك نقول مجدداً: جزى الله خيراً صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد لتبنيه برنامج التربية الأخلاقية في مدارس الدولة؛ فحين يتراجع دور الأسرة لا بد أن تنهض المدرسة بدور مضاعف!
871 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع