عباس العلوي
النجف مدينة ليست كباقي المدن
النجف الاشرف / مدينة ليست كباقي المدن / مدينة نهل اهلها من إرث سيدها زوج البتول وصهر الرسول الادب والعلم والبلاغة والفصاحة / كل شيىء فيها وتر لاتوأم له / مرقد امام المتقين باركت له ملائكة الارض والسماء / استهوى قلوب الزائرين شرق الارض ومغربها يزهو بقبة ذهبية شامخة يتماوج بريقها ذات اليمين والشمال مع اشعة الشمس اللاهبة / فيها مثوى الانبياء والاولياء وبقية العباد / تمنى امير المؤمنين ان يتعفر بتربتها الطاهرة يوم ان خاطبها قائلا :
[ ما أحسن ظهرك وأطيب قعرك / اللّهم اجعل قبري بها ]
في حضنها مرجعية دينية عليا لا تضاهيها أخرى / حوزة علمية رائدة اطلق بذرتها الاولى شيخ الطائفة ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسي عام < 448 هجري > اضحت مع الايام شجرة وارفة الظلال والاغصان / مدينة اقترنت بأسم من تساوى بين يديه التبر والتراب / يقضي طالب العلم فيها كل حياته دون ان يبغي مالا او مركزا او جاه / مدينة خرّجت في مدار التاريخ من العلماء والادباء والفقهاء ما لاعدّ له ولاحصر / وفيها الحديث طويل !
********
نجف الكوفة [ تمييزاً ]عن نجف الحيرة
بلدة عربية / في القِدم كانت مصيفاً للمناذرة انتشرت فيها المقامات والاديرَة المسيحية قبل الفتح الإسلامي ثم تمصرت لاحقاً وازدحم الناس فيها بسبب المرقد الشريف
عبر التاريخ حظيت مدينة سيد الاوصياء بمسميّات عديدة اشهرها :
النجف : وهي اكثر التسميات اشتهاراً واستعمالاً / وتعني المكان المرتفع او المسناة بجنب الشاطئ قال ابن زكريا : المكان المستطيل الذي لايعلوه الماء / اما الأزهري قال في وصفه للنجفة التي بظهر الكوفة هي [ المسناة تمنع السيل ان يعلو منازل الكوفة ومقابرها ] .
بانقيا : < بكسر النون > نسبة الى ارض النجف دون الكوفة / اطلق عليها الفيروزبادي [ بانقيا الكوفة ] وهناك من يقول : هي بحر النجف وقد أشار لهذا المعنى الشاعر ميمون بن قيس بقوله :
فما نيل مصر اذا تسامى عبابه / ولابحر بانقيا اذا راح مفعما
الجودي : في كتب اللغة هو الموضع وقيل جبل في النجف استوت عليه سفينة النبي نوح <ع>
نسبة للآية القرآنية الكريمة [ وقضيَ الأمْرٌ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ] ومن التسميات الأخرى :
الطور / الربوة / الغري / الظهر [ظهر الحيرة ـــ ظهر الكوفة ] المشهد / وادي السلام / براثا / الذكوات البيض / بنت الصحراء / اللسان / الغربي / وأخرى غيرها
* في هذه المدينة العريقة / مهد العلم والادب والجهاد / تفنن الواصفون من العلماء والأدباء والشعراء والمؤرخين على مدار الأيام في مدحها / قال ابن ابي الحديد صاحب الكتاب الشهير < شرح نهج البلاغة > :
يا برق إن جئت الغري فقل له / اتعلم من بأرضك مودعُ
فيك ابن عمران الكليم وبعده / عيسى يقفيه وأحمد يتبعُ
بل فيك جبريل وميكال واسرا / فيل والملأ المقدس أجمعُ
بل فيك نور الله جــلّ جلاله / لذوي البصائر يستشف ويلمعُ
فيك الأمام المرتضى فيك / الوصي المجتبى فيك البطين الانزعُ
وحينما وقف الشاعر السوري الكبير محمد المجذوب < 1907 ــ 1999 >
امام مرقد امير المؤمنين بالنجف / خاطب معاوية بن ابي سفيان قائلاً :
قم وارمق النجف الشريف بنظرة / يرتد طرفك وهو باكٍ ارمدُ
تلك العظام أعز ربّك قدرها / فتكاد لولا خوف ربّك تعبدُ
أبداً تباركها الوفود يحثها / من كل حدب شوقها المتوقد
في بحث جميل عن [أهمية النجف في يومنا الحاضر] قال الأستاذ غالب الشابندر :
النجف الاشرف ليس أقل حظوة في العلم و التاريخ والثقافة من الازهر الشريف ، وليس أقل حظوة من الفاتيكان حاضرة العالم المسيحي ، وليس اقل حظوة من الكنيسة الشرقية في روسيا ، وليس اقل حظوة من الكنيسة في اليونان ، وكل هذه الحواضر عليها ان تلعب أدواراً فاعلة على صعيد توجيه العالم ، وترشيد العمل السياسي ، ونشر ثقافة السلام و التسامح ، بل وفي ترشيد الطروحات الاقتصادية لحل مشاكل العالم .
ومن الطرائف :
وصف الشاعر الكبير احمد الصافي النجفي [ رهين الغربتين ] صادرات وواردات مدينته
على سبيل الدعابة :
ان الغري بلدة تليق أن / يقطنها الشيوخ والعجائز
فصادرات بلدتي عمائمٌ / وواردات بلدتي جنائز !
السويد
في 22 / 4 / 2017
2064 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع