أحمد صبري
بعدان لاشكالية الوضع بالعراق؟
اقتراب معركة الموصل من نهايتها والاستعداد المبكر للتعاطي مع مرحلتها وتداعياتها على الأصعدة خلقت حراكا سياسيا، استباقا لما ستؤول إليه التطورات، وكيفية تشكيل المشهد السياسي الجديد بعد هزيمة داعش.
وأخذ الحراك السياسي في العراق بُعدين الأول تمثل في الشروع بمصالحة سياسية وتاريخية بين الموالاة والمعارضة لاستثمار الفوز بالحرب، أما البعد الثاني فيشير إلى ارتفاع أعداد الأحزاب والكيانات السياسية التي صدقت عليها مفوضية الانتخابات بنحو 350 للمشاركة بانتخابات المجالس المحلية في أيلول – سبتمبر القادم والانتخابات البرلمانية في نيسان – أبريل القادم.
وتتميز الغالبية العظمى لهذه الأحزاب بالطابع الديني، كما أن لدى 30 بالمائة منها أجنحة مسلحة ترتبط بمليشيات نافذة، وتشكل جزءاً من المشهد العسكري والأمني في العراق.
ولا تُظهر خارطة الأحزاب الجديدة أيَّ تغير في الأيديولوجية والفكر عن الأحزاب التي دخلت العراق بعد احتلاله عام 2003، إذ إنّ محور تلك الأحزاب (الجديدة) يدور حول نفس الفكر الديني والطائفي للأحزاب الرئيسية في البلاد، وهي حزب الدعوة الإسلامية والحزب الإسلامي العراقي.
وتشكّل الأحزاب الدينية في العراق نسبة تزيد على 80 بالمائة بينما تبقى الأحزاب العلمانية والليبرالية محدودة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات، لجأت الأحزاب الدينية الكبيرة إلى أسلوب توزيع أنصارها على تكتلات وأحزاب صغيرة بأسماء جديدة، في محاولة لتحقيق فوز في الانتخابات المقبلة، ومن ثم اجتماعها تحت ائتلاف الحزب الواحد، ليستمر الحكم بيد تلك الأحزاب.
ومما يثير القلق من تلك الأحزاب الدينية أنّ الكثير منها ترتبط بها مليشيات وفصائل مسلحة تسعى للدخول في الانتخابات وهي مرتبطة بتحالف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الحكومة السابق، نوري المالكي
وفي موازاة الاستعداد للانتخابات فإن البعد الأول تركز على آلية إطلاق مشروع المصالحة الوطنية، حيث تشير المعلومات إلى تحضيرات عالية المستوى لعقد مؤتمر للمصالحة، بمشاركة شخصيات سياسية كانت ضحية لسياسة الإقصاء والاستهداف السياسي لحكومة المالكي
وتزامن هذا الحراك مع جهود لتسوية ملفات الشخصيات المستهدفة لرفع الغبن الذي وقع عليها قبل انعقاد المؤتمر الذي لم يحدد موعده. لكن هذا المؤتمر يواجه معارضة من قبل أطراف في الائتلاف الحاكم
وأبرز القضايا التي سيناقشها المؤتمر كيفية إسقاط التهم عن الرموز المستهدفة لاسيما الشخصيات التي شاركت في ساحات الاعتصام ومعارضتها للعملية السياسية فضلا عن إيجاد رؤية مشتركة للتعاطي مع مرحلة ما بعد داعش وبما يعزز الشراكة والمصير المشترك وتعزيز أجواء الثقة بين أطراف المؤتمر
وكانت أنقرة شهدت في آذار الماضي، اجتماعات استمرت لمدة يومين، شارك فيها 25 شخصية سياسية وعشائرية ورجال أعمال تركزت على إيجاد مرجعية للعرب السنة في العراق لتمثيلهم في أي مؤتمر أو مفاوضات تتعلق بمستقبل العراق وأسس الشراكة مع المكونات الأخرى
والانطباع السائد وطبقا لتجربة السنوات الماضية التي أعقبت الاحتلال فإن العراق لا يمكن أن يستمر من دون مصالحة مجتمعية حقيقية تنقذه من حال الفوضى والانقسام السياسي والطائفي بعد فشل الائتلاف الحاكم الذي يقود العراق وفقا لنظام المحاصصة الطائفية
واستنادا إلى ماتقدم فإن البُعدين هما من سيحدد الإطار العام للمشهد السياسي المقبل بعد مرحلة ما بعد داعش يضاف إليهما نتائج القمم العربية الإسلامية الأمريكية الذي يتفق المراقبون على أنه سيكون مشهدا مغايرا وبمعطيات جديدة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1036 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع