وزراء وسفراء الزمن الأغبر/٢٢

التفاصيل

تم إنشاءه بتاريخ السبت, 02 آب/أغسطس 2025 17:20

كتب بواسطة: ذو الفقار

ذو الفقار

وزراء وسفراء الزمن الأغبر/٢٢

حصريا لمجلة الگاردينيا

مقدمة

عطفا على مقالاتنا السابقة، نستكمل الحديث عن الدبلوماسية العراقية بعد الاحتلال الأمريكي الإيراني للعراق بعد ان استعرضنا الدبلوماسية العراقية في اوجها الباهر خلال الحكم الوطني السابق، وما افرزته من سفراء ودبلوماسيين لامعين كانوا مصدر فخر واعتزاز على المستوين العربي والعالمي، مثل وسام الزهاوي، ونزار حمدون، وعبد الجبار الهداوي، ووهبي القره غلي، ووداد عجام، ورياض القيسي، واكرم الوتري، وفؤاد الراوي والعشرات غيرهم، نجوم لامعة في سماء الدبلوماسية العراقية بريقها مستمر حتى بعد وفاة من مات منهم رحمهم الله تعالى.

من هذا المال حمل جمال
لا تقل درجة المرشحين لمنصب سفير في وزارة الخارجية عن درجة مستشار او وزير مفوض، في حين ورد في قائمة السفراء الجدد حاليا اسم ( ) وهو اخو الناطق باسم رئيس الوزراء باسم العوادي وهو بدرجة سكرتير ثاني الى منصب وزير، ولحل الاشكال تم منحه (30) كتاب شكر ليحصل على قدم، دون ان يمر بمرحلة الترقية الى درجة سكرتير اول عبر امتحان الترقية، ومناقشة بحث ليرتقي الى درجة مستشار.. لا غرابة في عراق اليوم، المستحيلات تحولت الى ممكنات.
بعد تعيين سفير عراقي في احد الدول الأجنبية، تم نقله بعد يومين الى مركز الوزارة بسبب تورطه في فضيحة جنسية، تم التستر عليها. والقائم بأعمال السفارة العراقية في لبنان ثبت تورطه هذا العام 2025 بتهريب (احمد شايع) الذي قتل موظف كوري يعمل في نفط البصرة، حيث تم تهريبه أولا الى لبنان ثم الى دولة أخرى.

ماجدة الجزراوي تبرأ اخاها طه الجزراوي!
كانت السيدة ماجدة الجزراوي اخت طه الجزراوي تعمل كمهندسة في وزارة الخارجية، وهي في الحقيقة مهندسة بلا هندسة، مع هذا كانت لها سطوة في وزارة الخارجية، وهي سليطة اللسان من الصعب التفاهم معها، بعد عام 2003 التقيت بها مع مجموعة من الموظفين في وزارة الخارجية، بعد ان القي القبض على اخيها طه الجزراوي، وقالت (اخي طه بريء من كل شيء، فجميع الأوامر كانت تصدر من صدام حسين، ولا يستطيع ان يعارضها، مع انه غير مؤمن ببعضها).

برزان التكريتي وانفتاحه على الحريات الأساسية
قال قريبي الدبلوماسي: في أحد أيام الأيام في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، كنت خفرا في مكتب السيد الوزير محمد سعيد الصحاف، وكان الوزير على وشك السفر لوجود إيفاد رسمي لا أتذكر الدولة، ورد كتاب من السيد برزان التكريتي ممثل العراق الدائم في المكتب الأوربي للأمم المتحدة في جنيف، وهو كتاب مهم يؤشر تطور ذهنية السيد برزان وانفتاحه على العالم بعد تعيينه في جنيف، تحدث فيه عن ضرورة تعزيز الحريات الاساسية في العراق، سيما حرية التعبير والصحافة، واقرار قانون تعددية الأحزاب، وارساء التوجهات الديمقراطية، والاهتمام بحقوق الإنسان، وتغيير سياسة الحزب من الانغلاق الى الانفتاح على العالم تناغما مع التطورات الجارية في العالم، ارسل الوزير الصحاف الكتاب الى (رئاسة الجمهورية/ السكرتير). وبعد يومين، ورد الكتاب نفسه مع تهميش الرئيس صدام حسين على الكتاب (كتاب الوزارة) الذي أرفق معه كتاب السيد برزان الهامش " لا ترموا الناس حجرا إذا كانت بيوتكم من زجاج). أطلع السيد الصحاف على الكتاب، ولم يهمشه، وذهب في ايفاده، في اليوم التالي، أخذت الكتاب الى وكيل الوزارة الأقدم المرحوم (سعد الفيصل)، وبقيت أنتظر الجواب، فقال لي: لماذا لم يرسل الوزير هامش السيد الرئيس الى برزان؟ فقلت له: لا أعرف استاذ، وهو سافر دون ان يهمشه. فقال" زوج اللي يرسله، مشاكل هذه المرة مع برزان، هو يالله يالله يتحملني". أخذت الكتاب، ورجعت الى المكتب لا أعرف ما أفعله، فيفترض ان لا يتأخر كتاب الرئاسة يومين دون اعلامهم بأنه تم إجراء اللازم، اتصلت بقريبي مدير مكتب استاذ طرق عزيز (عدنان مالك السفير لاحقا)، واخبرته بالموضوع، قال: ارسل الكتاب ليٌ وسأعرضه على الأستاذ طارق عزيز باعتباره وزير الخارجية وكالة اضافة الى منصبه، ففعلت ذلك، وفعلا حل الأستاذ طارق المسألة بطريقة دبلوماسية، فقد أعلم السيد برزان ان العراق يعيش في حالة حصار اقتصادي ظالم، مع تهديدات من الولايات المتحدة، لذا الظرف لا يساعد على مثل هذه الإجراءات رغم أهميتها، ويمكن تحقيقها في ظروف أفضل.

علاقة برزان التكريتي بالوكيل الأقدم سعد الفيصل
قال قريبي الدبلوماسي: في أحد أيام الأيام في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، كنت خفرا في مكتب السيد الوزير محمد سعيد الصحاف (السكرتير)، وكان الوزير موفدا للخارج بمهمة رسمية، وقد خصصت للسيد برزان التكريتي قاعة في الطابق الخامس (مكتب الوزير)، جاء ضيوف الى الوكيل الأقدم (سعد الفيصل)، ولم يكن عنده أحد في الضيافة، فأتصل بي لأرسال (4) فناجين قهوة للضيوف، فأخبرت موظف الضيافة (السيد سعيد متي)، فهيأ المطلوب ونزل في مصعد الوزير الخاص الى الطابق الثالث حيث مقر الوكيل الأقدم، وقبل ان يغلق باب المصعد، دخل السيد برزان التكريتي، فشاهد سعيد يحمل صينية الفناجين، فقال لمن هذه؟ أجابه سعيد: سيدي الى الوكيل الأقدم سعد الفيصل، عنده ضيوف. فقال برزان: اليس عنده ضيافة؟ أجاب سعيد نعم سيدي، ولكن يبدو انهم مجازون. فقال برزان" خذ الفناجين وارجع الى ضيافتكم، هذا الوكيل مثل الكلب يموت وعينه على المزبلة". فعاد سعيد مرعوبا مع الفناجين، وأخبرني بما جرى مع السيد برزان، فقلت له: انتظر لحظة. اتصلت بحراس الباب الخارجي، وسألتهم فيما إذا غادر السيد برزان الوزارة؟ فقالوا: هو الآن في البوابة بالخارجية، يغادر. فقلت لسعيد: حسنا خذ الفناجين الآن الى مكتب الوكيل الأقدم، لا توجد مشكلة الآن.

ترشيح إيران لعضوية لجنة منع التمييز العنصري
قال قريبي الدبلوماسي: في عام 1992 فاتحتنا بعثتنا في جنيف بأن إيران رشحت الى عضوية لجنة منع التمييز العنصري، وطلبت التوجيه من قبل الوزارة، وكانت الوزارة قد افتتحت قسما جديدا هو (حقوق الانسان) ترتبط بالدائرة القانونية، ونسب الوزير مفوض فاروق زيادة لرئاسة القسم مع موظف دبلوماسي بدرجة ملحق وموظف اداري بدرجة رئيس ملاحظين وكاتبة طابعة، وارتبط القسم بالدائرة القانونية التي كان يرأسها المرحوم د. اكرم الوتري قبل ان تصبح دائرة مستقلة.، ولم يكن السيد فاروق زيادة في القسم، بل موفدا، فقام الشخص الثاني في القسم بتهميش الكتاب الى رئيس الدائرة أكرم الوتري للاطلاع واخذ التوجيه بشأن الكتاب، وكان المرحوم الوتري منشغلا بإيفاده في صباح اليوم التالي، فهمش على الكتاب (تم الاطلاع.. يحفظ). فازت إيران بالترشيح، فجاء كتاب من رئاسة الجمهورية السكرتير يستفسر عن موقف الوزارة إزاء ترشيح إيران لعضوية اللجنة، وهل تحركت على الدول الصديقة لإفشال الترشيح؟ أرسل رئيس دائرة المنظمات د. رياض القيسي على الشخص الثاني، وطلب منه الأوليات عن الموضوع. وبعد يوم تم تشكيل لجنة تحقيقية من الرئاسة برئاسة السيد فاضل البراك. حضر السيد البراك الى مكتب الوزير وطلب حضور الشخص الثاني، وسأله: عندما وصلك الكتاب من بعثتنا في جنيف ماذا فعلت؟ أجابه: همشت عليه ورفعته الى رئيس الدائرة القانونية كالعادة، ثم همش عليه رئيس الإدارة " تم الاطلاع.. حفظ". وتم التحقيق مع اكرم الوتري بعد عودته من الإيفاد، وتمت تسوية الموضوع، يبدو ان السفير رياض القيسي رحمه الله كان وراء العملية، فقد كانت علاقته مع السفير اكرم الوتري رحمه الله غير جيدة.

آب 2025