أحاديث بعيدة عن صوبة علاء الدين

                                            

                       عبد الكريم إبراهيم

أحاديث بعيدة عن صوبة علاء الدين

          

على نار ( صوبة علاء الدين ) ورائحة الشاي المهيل المغمس بـ(البخصم) ( الجرك ) وأحاديث الكبار السن خصوصاً الجدات وهن يقصن لأحفادهن أحدى الحكايات اللاتي حفظنها ممن سبق . هكذا كانت تتجمع العائلة العراقية في ليالي الشتاء الباردة حيث السمر الذي لا يكاد يخلو من زيارة تطرق الباب تزيد من حلاوة ( استكان ) الشاي وهو يتراقص على طقطقات معلقة السكر وهو يذوب شيئا فشيئاً . اليوم ؛ الوضع مختلف فقد تلاشت تلك الصورة التي عاشت في ضمير أجيال من نال حصته منها ، وتبقى هذه الصورة الشتائية مجرد ذكريات حلم يراود العراقيين في العودة إليها ،ولكن – لا حين مناص – قد يكون التقدم التكنولوجي السريع في جميع مفاصل الحياة ألقى بظلاله على الحياة وأعاد تركيبها وفق منط مفروض على الآخرين ،ولم تعد ( الصوبة ) هي نقطة ارتكاز تجمع حولها من يريد أن يبدد برد الشتاء بـ(استكان ) شاي وحديث حلو كأنه العسل .التطور العلمي وارتفاع دخل الفرد جعل العائلة العراقية تعيش حبوبة من الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية من خلال كثرة غرف المنزل بعدما كان ( الهول ) أو غرفة ( الخطار ) هما الملاذ الأول ومقر اجتماع العائلة وضيوفهم . اليوم ؛ تغير كل شيء ،واختلفت الرؤى والتوجهات في فهم الحياة الاجتماعية ،فبعض الأشخاص يصابون بحالة من الانزواء وهم يقلبون مواقع التواصل الاجتماعي حتى ساعات الصباح .ربما يجمع بعض الناس مكان واحد ولكن لكل منهم ما يشغله فهو في صراع وشد وجذب مع جهاز ( الموبايل ) وهم يحاولون قدر الإمكان الإجابة على رسالة أو تغريدة ،وفي حين وجد بعضهم في الألعاب تسليته التي يبحث عنها .صمت يجمع المكان وعيون معلقة تتحرك يمنيا ويسارا . أحيانا يكسر هذا الصمت تفاعل فرحة احدهم وهو يسجل نقطة في لعبة ما . سرق الحياة البسيطة ، وعوضت بجديدة لا تعرف الدفء (الصوبة ) و قصص العجائز ورائحة الشاي وهي تفوح من منقلة الفحم . التكلنوجيا تطل برأسها في بناء الأسرة ليفقد الأب سطوة التي طالما اعتز بها وأحيلت أحاديث الجدات إلى التقاعد وأصبحت الأم مجرد ساعي بريد يوصل طلبات إلى غرف الأولاد وأصيب تلفزيون العائلة الوحيد بتشظي بعدما أنجب في غرفة ابنا له ،وبدد المكيف أحلام ( الصوبة ) في أغنية جماعية كان يرددها الأطفال أيام زمان " شد يا ورد شدة من هي الورد شدة " . أنها الحياة التي نسعى إليها دون نعرف ماذا تخبئ لنا في قادم الايام ؟

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

762 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع