عهد الترنح

                                                  

                              سعاد عزيز

عهد الترنح

صار واضحا أن هناك عدد هائل من المخاطر و التحديات التي يواجه نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية خصوصا بعد إنتهاء الفترة الذهبية له خلال عهد الرئيس الامريکي السابق أوباما حيث کان يمتلك الکثير من الخيارات و الاوراق ليلعبه کما يشاء أمام خصومه، لکن ليس هناك من تهديد استثنائي يلقي بظلاله على النظام برمته کما هو الحال مع ملف الفساد الذي صار ليس يهدد النظام وانما يعصف به بقوة ولاسيما بعد أن طالت ملفات الفساد الدوائر الضيقة للأوساط الحاکمة و المتنفذة في طهران.

قضايا الفساد التي کانت تلاحق حتى الامس رموزا و شخصيات محسوبة على قادة و مسٶولين إيرانيين ضمن الدوائر المغلقة، باتت تطال اليوم الرموز و الشخصيات القيادية الايرانية نفسها، ذلك إنه و بعد أن طالت قضايا الفساد صادق لاريجاني، رئيس السلطة القضائية في إيران، بتهم فساد مالية من خلال إمتلاکه 63 حسابا شخصيا في البنوك، تدر له أرباحا بالمليارات شهريا من فوائد الکفالات المالية للمواطنين الذين لديهم قضايا في المحاکم، فقد وصل الامر الى حد صدور شکوى قضائية ضد الرئيس السابق أحمدي نجاد، بتهم إختلاس المليارات و سرقات و کذلك فساد بالقطاع النفطي، بالاضافة الى قروض و منح لمقربيه خلال فترة رئاسته ومايدور حاليا رحى مواجهة فريدة من نوعها بين نجاف ولاريجاني و نشر غسيلهما الخاص.
قضايا الفساد التي باتت تطرح بقوة من خلال مطالبة الشارع الايراني بها، والتي ترکز على الدوائر الضيقة للنظام، تأتي بعد أن طفح الکيل بالشعب الايراني من جراء تردي الاوضاع المعيشية و سيرها من سئ الى الاسوء، وفي الوقت الذي يوجد هناك رفض من رفع معدلات الاجور و الرواتب لقطاعات اساسية في المجتمع الايراني نظير العمال و المعلمين الذين بات معظمهم يعيشون تحت خط الفقر، فإن الرواتب الفلکية للمسٶولين رفيعي المستوى و المقربين من الدوائر الضيقة في طهران لازالت مستمرة على قدم و ساق، ولاريب من إن تفاقم الفقر و إزدياده بصورة ملفتة للنظر في إيران يقابله تزايد و إرتفاع الغنى و الثروة لدى حفنات من الاثرياء المحسوبين على الدوائر الضيقة الحاکمة وکل هذا يأتي في وقت يذکر تقرير من موقع دنيا الحکومي للإقتصاد بأنه:"يظهر إحصائيات البنك المركزي أنه خلال العامين الماضيين، إنخفضت بشكل حاد حسابات رأس المال وحصول تغيرات في الاحتياطيات الدولية. ووفقا لهذه الإحصاءات، فإن كفة خروج و دخول رأس المال قد ازدادت وثقلت لصالح سحب رأس المال الي الخارج ؛ ونتيجة لذلك، فان هذه الموارد او المصادر إما بالحد الأدنى من الطلب، خرجت من دورة اقتصاد البلد اوانتهجت الطريق المؤدي الى خارج من الحدود"، وهذا إعتراف واضح بتردي الاوضاع الاقتصادية الى أبعد حد في إيران وإن الاقتصاد على حافة الترنح و الاقتراب من الانهيار.
الاقتصاد الايراني الذي يترنح بين طرفين اساسيين يسيطران و يهيمنان عليه وهما المرشد الاعلى الايراني الذي تتجمع بين يديه ثروة خيالية تقدر بأکثر من 95 مليار دولار، والحرس الثوري الذي يکاد أن يمسك بأکثر من نصف الاقتصاد الايراني و يصبح صاحب الکلمة الاولى فيه، يواجه اليوم أوضاعا صعبة جدا بفعل تدني اسعار البترول من جهة و بسبب من تشديد العقوبات الاقتصادية على طهران من جانب الدول الغربية، وإن إرتفاع نسبة البطالة و إزدياد نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر أو أولئك الذين يعانون من المجاعة، ترسم ظلالا داکنة في السياق الذي تسير فيه الاوضاع في إيران والتي وصلت الى ذروتها على أثر الانتفاضة الاخيرة التي يرى المراقبون إنها قد فصلت بين عهدين بما يمکن إحتمال الکثير من الخيارت التي معظمها وفي خطها العام ليست لصالح النظام.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

768 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع