سارة فالح الدبوني
قُدَدٌ من عِشقٍ..
كان مظهرهُا الهادئُ يُشبه شكلحياتها. تلكَ الحياةُ الساكنةُ بينالأوراقِ والكُتُبِ والأقلام.. عطرها منعِطرِ الحبر, ولونها بلون ضوءِالمصباح الاصفر الصغير الذي يُنيربقعةَ القراءةِ الصغيرةِ تلك..! حياتهاراكدةٌ كركود الرمل أسفل جرةِ الماءوأيامها لا تكادُ تكونُ إلا كيومٍ واحدٍتشابهت لحظاته..!
ما كانت تهتمُ إلا بخزانة كتبها, وماكان يعنِ لها شيئاً الا ان تمسكَبكتابٍ ما وتستمتع برفقتهِ لساعات, حتى ان اناملها قد اعتادت التمييزبين الكتب وتتعرفُ على عناوينها عنطريقِ اللمس..!
كبُرَت ولم تكُن لديهِا أحلامٌ معينة, سوى بيتٍ صغيرٍ واطفالٌ صغارٌيحومون حولها وزوجٌ تستقبلُ نظرتهُالمُتعبةُ بابتسامةٍ رقيقةٍ تُنسيهِ مشقةَيومٍ من أيامِ تموزَ الحار. فقد أخذالإنطواءُ بعيداً عن الناسِ منهاالكثير..!
........
هو.....ذكرياته الحالكة قد خففتعليه بعضاً من عبءِ الحياة الفارغةالتي كان يعيشها.. فلم يكن يذكر منهاشيئاً.. ولم يكن ينتظر استعادةماضيهِ اصلاً ولم يجهد عقلهُ فيالعثورِ على زمنٍ سقط من ذاكرتهخشيةَ ان يعود لحبِ احدٍ سواها.. كان يخشى ان يواجه حباً قديماً يلهيهِعنها.. فقد ملأت هي وحدها تلكالعتمةُ داخله.. وكانت هي ذلكالنصف الآخر الذي بحث عنهُ كثيراًمنذُ اللحظة التي ولد فيها من جديدٍبلا ذكريات..!
..........
لياليهِ الباردة اضحت الآن اكثر دفئاً.. وكسرت هي صمتهُ وباتت لِوِدّهِملاكاً..
فهي من كان يلاحقها بناظريهِ لومرت أمامه.. وهي من كان خافقهُيرتعدُ لذكرها.. هي من كانت اكبرامنياتهُ ان يفتتح معها حديثاً ولو كانقصيراً.. !
هاهي فتاةُ الحلم الكبير..اكتمالهُ بدرِ حياته..تشبكُ يديهِ بعشقٍ كبيرٍ.. وكأنها تتشبثُ ببابِ من ابوابِالفردوس فلاتتركه..!
ترى فيه كل رجال الأرض مجتمعينفي كائن واحد..وفي ودها ان تهبهُلقب فارسها الأوحد وبطل كلقصصها متى ماكانت تلوذ علىكتفيهِ وتلجأ لأحضانه وقت الخطرليشعر بنبضها يجتاحُ اضلعهُ..
وحينَ تشتاقُ الى الشمس.. ماكانعليها الا النظر لوجهه لتتأملَ ملامحهُفي كل لحظةٍ ..!
.......
الفراغ الذي سكن كلاهما.. ساعدهماعلى ان يتشاركا بجنون.. وان يخلقالبعضهما فسحة للتنفيسِ عندواخلهما..
ولم يُعِق احدهما على الآخر حريةالاقترابِ من القمر متى مااشتاقلهُ..!
.........
قرارهما بعدم الوقوف على اطلال الحكايات القديمة وقصص الحب الزائله لم ينبت على ارضهما الصغيرةُ الا حُباً..
ولم تكن وعود الحب التي يرددها كل العاشقين شعارهما.. كانا مختلفَينِ تماماً عن غيرهما..وهنا كان يكمن سرُ روعتهما..!
فلم يطفو حبهما على السطحِيوماً..الا حين يختطفان من الهواءنسمةً لمقاومة الظروفالقاسية..ليعودا الى العمقِ مجدداً..!
و.ماكان مايستنشقانه من اوكسجينإلا قُدداً من عِشق تبقيهما على قيدالحياةِ لأجل بعضهما فقط..!
.........
تقابلا وهما على يقينٍ بأن الحبحكايةٌ لانهاية لها..وان الدفء لابد انيجتاح ارواحهما رغم كلالشتاءات القارصةِ التي قد يمرانبها سوياً..!
يرتويانِ بعشقٌ بألقِ مساءِ وهدوءُليل..ورائحةُ بحرٍ ودفءُ ابتسامةٍسارّة..!
522 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع