سعاد عزيز
مبادرة مهمة
لو أجرينا عملية مقارنة بين الدور الايراني في المنطقة قبل الاحتلال الامريکي للعراق مثلا وبين دوره في الوقت الحاضر، لوجدنا إن الفرق شاسع جدا بينهما، فيما لو قمنا بعملية مقارنة بين الموقف العربي من الدور الايراني في المنطقة في نفس الفترتين، فإننا لو إستثنينا الموقف السعودي الذي بدأ بالتحرك بعد أن طفح به الکيل على أثر النشاطات المشبوهة لتسييس شعيرة الحج، فإننا نرى الموقف العربي لايزال على حاله نوعا ما وکأنه يراوح في مکانه، حيث يغلب عليه طابع الحذر من الدور الايراني ولازال يترقب مليا ردود الفعل الامريکية والغربية من إيران و أية تطورات مهمة تجري على صعيد التعامل مع الملف الايراني حتى يتخذ موقفا جديدا منها.
الخطأ الکبير الذي تقع فيه العقلية السياسية العربية بصورة باتت ملفتة للنظر، هي إفتقارها لعامل المبادرة والمفاجأة، ماعدا عاصفة الحزم ضد التدخل الايراني في اليمن بقيادة السعودية، وإن العرب أحوج مايکونون ليس لإتخاذ أکثر من مبادرة ضد التدخلات الايرانية في المنطقة وانما ضد السياسة الايرانية برمتها والمبنية على حساب بلدان وشعوب المنطقة، ولعل أهم و أقوى مبادرة يمکن للعرب القيام بها من أجل مواجهة السياسة الايرانية والحد من تأثيراتها وتداعياتها السلبية على بلدان المنطقة ترتبط بقضية الموقف من النضال المشروع والعادل الذي يخوضه الشعب الايراني من أجل الحرية والذي يمکن أن يترجم في الاعتراف بالمعارضة الايرانية النشيطة المتواجدة في الساحة و التي تعبر عن الشعب الايراني والمتجسدة في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية.
نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية وبفعل سياسته الضارة في المنطقة يمتلك أذرعا طوال ممتدة في العديد من دول المنطقة، وهذه الاذرع عبارة عن جماعات وميليشيات عقائدية مسلحة قام هذا النظام عن طريق الحرس الثوري بإنشائه، ويتم إستخدام هذه الاذرع کمعارضة وبديلا للأنظمة الوطنية في بلدان المنطقة، غير إن الذي يثير السخرية إنه وفي الوقت الذي توجد فيه معارضة وطنية إيرانية لها وزنها وإعتبارها الدولي ولها دورها وحضورها على مختلف الاصعدة، فإن الخط العام للسياسة العربية يسير بصورة يکاد أن يتجاهل من خلالها هذه المعارضة التي هي عامل قلق وخوف لطهران، وفي الوقت الذي کان يجب على الدول العربية وعملا بسياسة الرد بالمثل أن تبادر للإعتراف بهذه المعارضة و فتح مکاتب لها في عواصمها، فإنها ظلت تتصرف معها بمتنهى الحذر رغم إن المعارضة الايرانية ونقصد بها المجلس الوطني للمقاومة الايرانية قد أثبت وفي أکثر من موقف ومناسبة مصداقيته تجاه شعوب وبلدان المنطقة خصوصا عندما بادر بفضح المخططات المشبوهة الايرانية في المنطقة ودعوة بلدان المنطقة لإتخاذ الحذر من هذا النظام والقيام بقطع أذرعه وسحب الاعتراف به، إلا إن الموقف العربي لايزال أعجز مايکون من هذه الناحية وبإعتقادنا هو بحاجة ماسة لأن يتقدم خطوة جدية نوعية للأمام ويکسر جمود المعادلة القائمة مع طهران، وإن ذلك بإعتقادنا سيغير الکثير من الامور في إيران نفسها قبل المنطقة، خصوصا وإن الاوضاع في إيران تساعد بل وتحفز على ذلك علما بأن مبادرة العرب لإتخاذهم هکذا موقف قبل ذهابهم للإشتراك في مٶتمر وارسو في 13و14 من فبراير/شباط 2019، والخاص ببحث الدور الايراني المزعزع للأمن في المنطقة، سوف يکون له وقعه وصداه على هذا المٶتمر وحتى على تحديد مساره.
877 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع