علي عرمش شوكت
نهج سياسي لا يبقي للاصلاح سوى نصفه!!
بهتت فعالية الاصلاح و التغيير مؤخراً، التي دون ريب ستبقى معولاً عليها. حيث بدأت صارمة واعدة مبشرة بولوج مرحلة بناء الدولة المدنية الديمقراطية، ولكن قد لوحظ مؤخراً انكماش عزمها بصورة غير متوقعة. ظهر ذلك متزامناً مع سخونة الصراعات السياسية داخلياً، واسخن منها صراعات الاضداد الدوليين " طهران- اشنطن " والتي كما يبدو قد جرفت البلد في مدها دون ارادة شعبه، بفعل ارتهان بعض القوى المتنفذة باجندات اقليمية. وبفصاحة القول: قد غدا شعبنا يشاهد بحسرة ارتفاع حجم ممارسات معاكسة للاصلاح. مثل المحاصصة على سبيل المثال وليس الحصر. التي صار باعها يطغي على نهج محاربتها الذي يعتبر كابرز مقدمات الاصلاح والتغيير.
امست لوحة الوضع السياسي العراقي صادمة حقاً. ويمكن وصفها بـ" فلم هندي " بلا دبلجة ولا حتى ترجمة. فمن غير المفهوم ان ترفع افة المحاصصة راسها بجسارة سافرة، في ظل عملية اصلاح كانت مؤمل ان تنطلق " قالعة شالعة "!! ، والانكى هو ان يجري سريان المحاصصة ليس على من لايؤمن بالاصلاح فقط، انما يبدو قد اضعف اندفاع بعض قوى الاصلاح للاسف، تحت ضغط مفهوم: ان تنفيذ عملية التغيير تتطلب ان تُمسك المؤسسات التنفيذية مباشرة من قبل اوساط اصلاحية. لكي يضمن تنفيذ المنهج المطلوب. مع ان هذا القول صحيح من حيث المبدأ، غير انه عملياً، لا يحظى بنصيب وافر من الواقعية في التنفيذ، لانه بحكم المحاصصة يحتم تسليم بعض المواقع التنفيذية، وربما مهمة، الى جهات غير مؤمنة بالاصلاح قطعاً، بل معاكسة له. مما سيقطع الطريق على اية خطوات اصلاحية، بل وسيثير التصادم بين المتحاصصين حتماً.
يأخذنا هذا الهم الى الالتفات نحو مظاهر فاعلة بقوة لايقاف نهج الاصلاح تماماً اذا لم يكن نسف مشروعه من الاساس. الا وهي جر العراق الى احد اطراف الصراع الدولي " ايران - امريكا " من جملة اهدافه صرف النظر عن تطلعات الجماهيرالمتمثلة بالاستقرار وبناء الدولة المدنية الديمقراطية ومفاعيلها الحضارية والانسانية، وجعل الاهتمام منصباً على مسألة فيها نظر.. ليس لشعبنا فيها اية مصلحة. ولكن ما يدمي القلوب ذكره هو السكوت والسكون الذي يخيم على القوى السياسية المعنية بالامر. نعم يجري الحراك هنا وهناك غير انه يبقى منحصراً في نطاق المطالب ذات الطابع الحرفي المحدود.
ان فعل المحاصصة ضارب في صميم النظام السياسي العراقي، فضلاً عن كونه يحظى بحماية الكتل المتنفذة. لان بقائها بات مرهوناً باسمراره، وهو قائم على منظومة فساد نمت وتضخمت وسادت بفضل المحاصصة. كل ذلك كان مفهوماً، ولا نأتي هنا بشيء جديد، ولكن التساءل الكبير ياتي من جموع الجماهير عن مسيرة الاصلاح واين غدت من مهمة قلع الفساد وشلع امه المحاصصة، كمرحلة تأسيسية لاقامة الدولة المدنية، ان القاعدة التي قامت عليها الحكومة كانت خارج النص الدستوري، بمعنى غياب الكتلة الاكبر وحلت مكانها كتلتين،" الاصلاح -- البناء " وتبعاً لذلك صار مباحاً ان تُتخذ معالجات عارية عن الغطاء الدستوري، الامر الذي مهد السبيل لعودة المحاصصة بصلافة.
فماذا تبقى لقوى الاصلاح ان تقوى على اصلاحه سوى " حصتها " ..؟. بمعنى من المعان سيكون" اصلاحاً نصفياً " ليس الا . واذا حسبنا عمر البرلمان اربع سنوات فسوف يكون النصف الذي لا يطوله الاصلاح متضخماً بفشله وفساده وكل سيئاته الاخرى. ان هذا التردي لايوقفه تغيير مسؤولي المؤسسات انما تغيير النهج والقوانين ودون ذلك ستبقى الامور خربانة خربانة حتى نخاع.
1004 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع