أ.د. عبدالسلام سبع الطائي
استاذ علم الاجتماع/جامعة بغداد/كلية الاداب
باحث علمي في Högskolana Kalmar och Stockholm Universitet
الحرب المحتملة والسلام المستحيل لدول الخليج!- ج/الاخير
"لعبة الامم " في امتنا!
يستنبط من خلال الاستدلال الاستقرائي، ان من بين اهداف قواعد اللعبة الترامبفونية(نسبة الى ترامب): "زعزعة استقرار ايران، لانه سيؤدي الى زعزعة استقراردول الخليج وفي مقدمتها السعودية واليمن والعراق وسوريا.. وهو تهديد سيؤدي "أوتوماتيكيا" لتهديد مصالح روسيا والصين"، بالمقابل فان ايران تحاول زعزعة استقرار العراق لزعزعة استقرار مصالح امريكا في المنطقة!، لهذا السبب تسعى امريكا لتحديث قانون منع زعزعة ايران، للعراق.
وكتحصيل حاصل، تهديد امريكا لايران، هو تهديدا الى روسيا لعرقلة تشييد مشروع النقل التجاري والسياحي من منطقة اوراسيا و"طريق المريديان" السريع "Meridian highway" الذي سيربط القارتين الاوربية والاسيوية، وهو مشروع عزز التعاون بين اوربا والصين وروسيا، فاعتبرته امريكا مصدر خطر عليها. لان تعاون روسيا والصين يشكل اكبر تهديد لامريكا !
لذلك فان أمريكا ماضية في حربها التجارية مع الصين، وهي مستعدة لاستهداف الصينيين "لأي سبب ومن دون أي سبب"( ). نظرا لامتلاك الصين مشروع سياسيي واقتصادي عملاق يهدف لمواجهة ادعاءات العولمة التي أطلقها الأمريكان منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، والتي كان هدفها الرئيسي تهميش الأقطاب الصاعدة (الصين، اليابان، روسيا والهند).
يستقرء من قواعد اللعبة اعلاه ان مؤشرات احتمال المواجهة الامريكية الايرانية، هدفها ترهيب السعودية لابتزازها ماديا وتخديرها مرحليا، لحين استكمال استحضارات المواجهة اما بالحرب او بتقاسم النفوذ بينهما خلال سنتا 2020-2021 كما هو متوقع ، وان توقيت اندلاع المواحهة مع الصين، هو اكثر احتمالا من شنها على ايران، ، لذلك فالرماية من اجل الخليج ستكون بالقذيفة الثالثة، طالما هدف الاسبقية فيه للصين ، لربما سيترشح عن تلك التفاهمات، ضخ السعودية نفطها للصين عوضا عن النفط الايراني المخفض في حال الاتفاق على قف ايران ضخ نفطها للصين.
وعلى الرغم من وجود ثلاث ملفات امام سياسة ترامب الخارجية، هي: مواجهة ايران في الخليج، حرب البحار التجارية مع الصين وصفقة القرن، واعادة انتخابه 2020 لدورة ثانية
لكن اللافت للنظر تزامن هذه الاحداث مع اقتراب:
o انتهاء الذكرى المئوية الاولى لتاسيس المملكة العربية السعودية 2021
o الذكرى المئوية الاولى لتاسيس المملكة العراقية2021
o الدورة الرئاسية الثانية لترامب 2020
o انتهاء سايكس بيكو الاولى، 2016
ان الحرب الامريكية / الصينينة المحتملة او التفاهمات المتوقعة بينهما لاحقا، ربما سينجم عنها اعادة توزيع النفوذ الصينيي الروسي الاوربي الايراني، برا وبحرا، مع اعادة ترسيم حدود ايران والعراق وسوريا ودول الخليج قبيل او بعيد الربع الاول من القرن21، حسب التقديرات.
• محركات المواجهة بين اسرائيل وايران
لقد تطرقنا للقاعدة الترامبفونية لزعزعة استقرارعالم بايران، بدل اسرائيل حفاظا على امنها، كما تحثنا عن معضلة حرية الملاحة في الممرات التي تشكل المجال الحيوي لامريكا تجاه الصين، وتناولنا ايضا، بيع ايران النفط المخفض للصين, وتداعياته المعيشية على المواطن الامريكي. اما المسوغان الاخران للمناوشات بينهما، فهما: حرب جاسوسية ورجال الدين لايراني النوويون !
o رجال الدين الايراني النوويون
يمكن تسبيب توتر علاقة امريكا مع ايران حسب معادلة توازن الرعب الاقليمي الى تخوف اسرائيل من امتلاك ايران والباكستان السلاح النووي ، لان امتلاك ايران للقنبلة النووية الشيعية سيكون مبررا لامتلاك دول اسلامية الباكستان للقنبلة السنية ، حين ذاك، ستشكل القنبلة (السنية) فعلا خطرا على القنبلة (الشيعية) الايرانية / الاسرائيلية، وحينها سيتعرض للخطر الجدي "رجال الدين النوويون" في ايران .
o الحرب الجاسوسية
كما ظهر ايضا ان من مسوغات زعزعة علاقة اسرائيل بايران، كانت بسبب حرب الجاسوسية بينهما، ، سيما بعد تجنيد ايران الجاسوس (اينون زيكيف) وزير الطاقة الاسرائيلي السابق، -ولا استبعد شخصبا ان يكون - (اينون زيكيف) جاسوسا مزدوجا-، وعلى الرغم من ذلك، فتلك العملية السرية تعتبرها اسرائيل اخطر قضية تجسس بتاريخ اسرائيل لصالح ايران ، لكونه زود ايران بمعلومات حساسة ، ادت الى تصاعد المناوشات الاعلامية والتهديدات العسكرية بينهما هذه الايام.
والتاريخ نفسه، ولكن بشخوص اخرين ، فقضية الجاسوس (اينون زيكيف) تعيد بنا الذاكرة الى عملية اعتقال المخابرات العراقية، واعدام الجاسوس ( فرزاد بازوفت) 1990 الذي كان يعمل لصالح اسرائيل وبريطانيا، وبعد اعدام الجاسوس المزدوج "بازوفت " توالت التهديدات الاسرائيلية والبريطانية بعهد رئيسة وزراء بريطانيا، (تاتتشر)، للعراق، كما هدد "وزير الدفاع الاسرائيلي حينها بانه سيحول مصانع العراق الى قضبان من حديد" بعدها تم اتهام العراق بامتلاكه اسلحة الدمار الشامل، وتم جر العراق لغزو الكويت.
o حرب العملات الالكترونية
تشكل حرب العملات الالكترونية الصينية/ اليابانية تهديدا جديديا لامريكا، قد تؤدي الى حرب تمتد من الخليج الى القارة الهندية ، فالصين واليابان تحاولان اسقاط امريكا بنظام العملات الالكترونية كقوة تبادلية مباشرة، مخطط لها ان تطبق على ثلث العالم ، قد ينجم عنها، اسقاط امريكا، اما بالعملة الرقمية او بالحرب الالكترونية، حال قيام اليابان باصدار تغطية للعملة الالكترونية الجديدة 2020 من قبل البنك البنك المركز الياباني للراغبين من التحررمن "السوفت" الامريكى ، ليبدء العمل بنظام العملات الرقمية لذي سيحطم الدولار، لامحال.
وبهذا الصدد، توقع الباحث الاستراتيجي في العلوم الجيواستراتيجية (فرانسوا جيريه) ، هزيمة الولايات المتحدة في حال اندلاع حرب بينها وبين الصين( ) ، حسبما ورد في تقرير موقع "اتنلتيكو" الفرنسي في 29/7/2019 والمختص بالشؤون الجيوسياسية .
• احتساب الجدوى
تبين دراسات علم الاجتماع المهني، مدى تاثير سايكولوجية العلاقات التبادلية للمهنة في قولبة سلوك الانسان والادوار الوظيفية المناطة به، واللعلم، ان أخلاقيات المهنة تعتبر مسالة ثانوية ، وليست ذات اهمية في منظومة الأخلاق العامة ، فوظيفة وادوار شخصبة الممثل المسرحي تختلف عن شخصية المعلم والطبيب، والحديث عن البنية الوظيفية لشخصية هنا، يقودنا لتوصيف شخصية الرئيس ترامب، فهو تاجرعقارات وماهر في بناء مدن "الالعاب" عسكري متقاعد، اضافة لكونه ممثل تلفزيزني ناجح، لهذا يبدو لنا، ان شخصيته قد تطبعت بالطابع التمثيلي/ المسرحي والعقاري التجاري، تلكم الطبائع ادت الى قولبة شخصيته ك"بزنزمان" وليس ك" تاجر بندقية" لذلك الحرب لديه صفقات ويحسب لجدواها الف حساب.
• الامنيات والواقع المؤلم
استطيع القول جازما، بموجب تاريخ الباطنية المجوسية/اليهوية المشتركة، بان هناك اتفاق غير معلن، ، مفاده، لا يسمح، لاي دولة بالمنطقة العربية ان تتفوق على اسرائيل، اولا ،وثانيا، يسمح لايران وبكل حرية التفوق على جميع الدول العربية بغض النظر عن علاقتها بامريكا، وان لايران الحق بنشر ايديولجيتها التوسعية بالعنف المشرعن بالفتاوى الايرانية ، كما يجري في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وما جرى بموسم الحج 2019 قبيل ايام، خير شاهد ودليل ، وان على اسرائيل، ان لا تتدخل لتعرقل المشروع الايراني بهذا الخصوص ، شريطة ان لا تستفز او تهدد ايران امن اسرائيل. كما ان امريكا، لا تسمح لايران ان تصبح بديلا مشاغبا، لا عنها، ولا عن اسرائيل في الخليج وسوريا واليمن ولبنان و.. .
ورغم هذا وذاك، ستبقى احتمالات المواجهة، من عدمها في الخليج محتملة، طالما، نية الادارة الترامبفونية لازالت" غير راغبة بحل المعضلة الايرانية او القضاء عليها كليا، بل لازال هدفها وقف التهديدات الايرانية فقط، لادارة سياستها وهذا ما اكده وزير الدفاع الامريكي المعين بامر من ترامب، قبل اسابيع.
اما محاولة حشردول الخليج بصراع مباشرة أو بالوكالة مع إيران، (لردعها) او ل(احتوائها)، غرضه ان تكون دول الخليج ( خزنه دار) او"صراف الي"ATM machines لتمويل تحالف حماية امن البحار الدولي المرتقب اعلانه، لضمان حرية الملاحة للسفن المارة من مضيق هرمز وبحر العرب ، وستشارك فيه ايران واسرائيل وامريكا، شاء من شاء وابى من ابى!.
نحن وايران والزمن طويل!
ان التخمينات ان لم تكن معظم مخططات دول تحالف المصالح المشتركة"التحالف الغادر"، امريكا/ اسرائيل/ وايران، تشير بان خارطة الشرق الاوسط المرتقبة 2025، ستكون من اولوياتها، بعد تدمير المرجعية القومية ،العراق، هي تدمير المرجعية الاسلامية في ارض السعودية واختزال دول الخليج بثلاث دول محتملة، وان كلب الصيد الايراني لامريكا واسرائيل يحاول ان يستثمر الهيمنة الاسرائيلية على البحر الابيض قبالة حزب الله، والحوثيون على حافة البحر الاحمر وميليشيات العراق المجاورة برا للمنطقة الشرقية الشيعية لتدمير السعودية من البر والبحر، لاستبدال قبلة المسلمين ب(كربلاء وقم) حسب ستراتيجية ام القرى الايرانية، مثلما حصل بالقدس من قبل اسرائيل، ومثلما اتفقت ايران مع امريكا لاحتلال العراق 2003، حينها سيصبح الطريق ميسورا لاعادة ترسيم حدود بعض الدول العربية بالميليشيات والاقليات كالحوثي والعلوين والدروز والاكراد، وستتحول جيوش تلك الدول الى ميليشيات ويصبحوا خفر سواحل وحرس حدود للسفن المارة!، سيما في حال انسحاب امريكا من الخليج وبقائهم تحت رحمة ايران، كما حصل في العراق بعد انسحاب امريكا.
ولكن ليعلم كلب الحراسة والصيد لامريكا واسرائيل، ايران، لما سيؤول اليه حالها نتيجة دورها الخبيث هذا ، بان مصيرها سيكون اسوء من مصير تفكيك جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، فلم تكن ايران اقوى مما كان عليه الاتحاد السوفيتي السابق لتنجو من التفكيك، فاستقلال (اذربيجان الجنوبية) المحاذية لروسيا قاب قوسين او ادنى ، وربما سيسبق استقلال شقيقتها الاحواز! ولعله من المؤسف القول ان" امة اقرء لا تقرء، بما يجري، لذلك ستصدم الامنيات بالواقع لديهم، وسيسود التشاؤم على التفاؤل، مثلما جرى بحرب الكويت في القرن 20 ، تحول العراقيون من سفطاط المتفائلين الى متشاؤمين بعد مهاجمة امريكا للعراق، واليوم، وفي القرن 21 ، لازال نفس السفطاطان او المعسكران العراقيان يتجادلان عن احتمال ضرب امريكا لايران من عدمها، لكن، القرائن تشير، لن يحصل لايران ما حصل للعراق، ولن تبقى الجغرافيا البشرية ولا امصار دول الخليج كما كانت قبل احتلال العراق ؟!
واللتاكيد نشير، في القرن20 شنت ايران حربها على العراق وشاطرتها اسرائيل بضرب المفاعل النووي العراقي، ولم يضرب المفاعل الايراني الى حد الان لتغير سلوك رجال (الدين) النوويون !
وفي القرن 21 احتلت امريكا العراق بالتعاون مع ايران والكويت، فدخلت ايران مرحلة شم النسيم المنعش بعد انهيار جمجمة العرب، العراق، لتقضم الدول الخليجية الواحدة تلو الاخرى.
نافلة القول، الخلاف بين ايران وامريكا واسرائيل، قنبلة صوتية، في حين ان، التحالف المشترك بينهما حقيقة واقعية، وسيظل حلف المصالح الثلالي الغادر مستمرا، طالما ايران تمتلك قدرة التاثيرعلى دول المنطقة العربية برا وبحرا، ما لا تمتلكه الدول العربية،.
كما تقتضي الضرورة القول: بان امريكا وايران واسرائيل لايهمهم من يحكم العراق والسعودية والكويت، بل يهمهم ارض العراق والسعودية والكويت! لذلك علينا ان نعي ان الاستراتيجية الترامبفونية تجاه العراق والخليج ما هي الا امتدادا للعربوشية (- نسبة الى الرئيس بوش-) فكلاهما اسمان مخلتلفان لهدف واحد! فطبول الحرب في الخليج، قنبلة صوتية والهجمات الصاروخية بينهم، مجرد العاب نارية، ستبقى ايران وحرسها الثوري وميليشياتها المستعربة، كلب صيد وحراسة لاسرائيل وامريكا مكافئة لها لتقديمها راس صدام حسين هدية لاسرائيل ولتعطي ايران الدول التي وقفت مع وضد العراق في القادسية وفي 2003 ، مثل السعودية والكويت، درسا لن تنساه!
كل ما سيحصبل لايران، على الارجح، حسب تقديرنا، هو تفكيك واعادة تركيب المكونات السكانية وليس السياسية خلال 2020-2021 وسيكون للشعب الاذري الاولوية وتليهم الاحواز العربية، مع تغير مرتقب للجغرافيا البشرية لبعض مدن ومياه ودول الخليج العربي، والله اعلم.
للمزيد انظر روابط
الجزء الاول
https://algardenia.com/maqalat/41051-2019-07-31-11-34-38.html
الثاني
https://www.algardenia.com/maqalat/41127-2019-08-06-18-43-36.html
4825 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع