بقلم المحامي المستشار
محي الدين محمد يونس
العراق دولة المنظمة العلنية / الجزء الحادي عشر و الأخير
هل كان النظام السابق عرقياً و طائفياً
اليوم وبعد مرور قرن من الزمان على تأسيس الدولة العراقية نلاحظ بقاء الشعب العراقي بكافة مكوناته على حاله من الانقسام ولم يندمج وبقيت هذه المكونات محتفظة بسماتها وخصائصها وخلافاتها والتي برزت وظهرت مؤخراً من خلال التأكيد عليها في الصراع الدائر حول السلطة ومكتسباتها والالتزام بالمسار الخاطئ والذي يدفع مكون للسيطرة على السلطة وتهميش دور المكونات الأخرى من الشعب العراقي وسواء إن تم ذلك عن طريق السيطرة على السلطة بالانقلابات العسكرية أو الانتخابات المزيفة النتائج والمقتصرة على مرشحي السلطة وحدهم أو التمسك بدعوى الأكثرية في نتائج الانتخابات ويكون لكل عهد من هذه العهود أسماء مفضلة لها سطوتها ودورها في الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي, فلقد كانت الأسماء عمر وعثمان ومروان والتكريتي والعاني والهيتي والدوري والشمري السني والجبوري السني, وتغير الحال بعد سيطرة مكون آخر فأصبحت الأسماء المفضلة علي وعبد الحسين وعبد الكاظم وعبد الزهرة والناصري والحلي والبصري والشمري الشيعي والجبوري الشيعي والمالكي والفتلاوي والأسدي هي الأسماء المتصدرة للمشهد السياسي والاقتصادي في البلاد, وبين ذاك المكون وهذا (كاوه الحداد) يراقب الوضع عن كثب ليغتنم الفرصة السانحة ليستكمل المراحل التي قطعها من أجل الوصول إلى الخط النهائي لنقطة الشروع في تحقيق الدولة المستقلة.
وغير صحيح ما يردده البعض من أن الفوارق العرقية والطائفية لم تكن موجودة في زمن نظام (صدام حسين) لقد كانت موجودة ولكنها كانت حبيس الضغط والسيطرة من قبل السلطة وبمختلف الوسائل القسرية وللدلالة على صحة إدعائنا يمكن إجراء إحصائية بالأحزاب الشيعية والكردية المعارضة لنظام الحكم السابق.
أولا: الأحزاب الشيعية:
ثانياً: الأحزاب الكردية:
كما يمكن إجراء إحصائية في أعداد المعدومين والمسجونين من الطيف الشيعي والكردي دون الاعتماد على الإحصائيات المثبتة في الدولة العراقية عن المعدومين والمسجونين السياسيين لكونها أرقام مبالغ فيها ومن أجل منح القراء الراحة النفسية أحدثهم عن هذه القصة والتي حصلت معي في الثمانينات من القرن الماضي جئت إلى العاصمة بغداد وبرفقتي قريب وصديق لي... في اليوم الثاني من وصولنا طلب مني الصديق مرافقته إلى منطقة كسره وعطش لغرض مراجعة الشركة العامة للسيارات بغية شراء بعض الأدوات الاحتياطية لسيارته وفعلاً وصلنا الشركة وراجعنا الموظف المسؤول عن تسجيل الطلبات, أخبرناه عن حاجتنا لتسعة مواد فأخبرنا بأن هذه المواد متوفرة عدا مادة واحدة طلبنا منه احضارها بعد أن ادرجها على الاستمارة المطلوبة وعندها سأل الموظف صديقي: ((أخي اسمك))
أجابه صديقي: ((عمر عثمان خليفة))
الموظف وهو يردد مع نفسه بصوت خافت: ((هم عمر هم عثمان هم خليفة))
ثم دخل إلى المخزن وعاد وهو يقول: ((إخوان هاي المواد كلها ما متوفرة)).
أجبته: ((مستحيل)) وكنت مرتدياً الملابس العسكرية وبرتبة رائد ومخاطباً إياه : ((اتجيب هاي المواد لـ عمر عثمان خليفة لو اشتكي عليك))... فهم الموظف الأمر ونفذ الطلب.
حكاية أخرى طريفة تستحق أن أرويها تم فيها ثلاثة مشاهد متباينة للعشوائية في تصرف الإنسان العراقي وفقدانه لأبسط قواعد الوفاء ومبادئ الرجولة روج لها التظام السابق عندما شجع الأب على قتل ولده الهارب من الخدمة العسكرية من أجل أن يتخلص من تداعيات تصرفات ولده عليه من قبل السلطة, أما موضوع حكايتي فيتعلق بزميل لي في سلك الشرطة وكان ضابطاً أقل مني رتبة وكان من المكون الشيعي وفي بداية النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي أصدرت محكمة الثورة قراراً بإعدام شقيقه بتهمة الانتماء إلى حزب الدعوة وتم تنفيذ الحكم بحقه وعلى أثر ذلك وحسب تعليمات السلطة قامت وزارة الداخلية بإحالته على التقاعد بسبب إعدام شقيقه والآن حان موعد تفصيل مشاهد الحكاية:-
المشهد الأول: قدم الضابط المذكور التماساً إلى رئيس الجمهورية (صدام حسين) زينه بكل ما استطاع من كلمات الإطراء والمديح والتبجيل والتعظيم بعد أن استعان بذوي الخبرة في هذا المجال وندخل في صلب ما جاء في التماسه...
سيدي الرئيس: لقد تم إحالتي على التقاعد بسبب إعدام شقيقي المجرم (..........) والذي نال جزاءه العادل وما يستحق جراء ما اقترفت نفسه المشبعة بحب الخيانة للوطن.
سيدي الرئيس: أنا مخلص لكم وللحزب والثورة فالتمس عفوكم وعدم معاقبتي بجريرة شقيقي الخائن العميل وإلغاء أمر إحالتي على التقاعد لأعود وأخدم بلدي بكل تفاني وإخلاص...
على ضوء هذا الالتماس تمت إعادته إلى الوظيفة وباشر بواجباته المعتادة...
المشهد الثاني: بعد عام 2003 وبعد سقوط النظام جاء ليطالب بحقوقه الإضافية الاعتبارية لكونه شقيق أحد المعدومين من قبل النظام السابق بتهمة الانتماء لحزب الدعوة وهذا ما حصل.
المشهد الثالث: مشاهدته قبل فترة ورأيته ساخطاً على النظام الحالي ويعدد مساوئه وبالمقابل يكيل المديح للنظام السابق ويصفه بالنظام المثالي ويأسف على رحيله واترك التعليق على مشاهد هذه الحادثة لمن يقرأ هذه السطور.
كثيراً ما يتردد بأن النظام السابق لم يكن يفرق بين المواطنين في التعامل الإيجابي والسلبي على أساس القومية والدين والمذهب... وهذا الكلام تنقصه المصداقية وبعيد عن الحقيقة, وبهذه المناسبة أود أن اتحدث عن سفرة قمت بها لعدد من الدول الأوربية قبل أكثر من سنة وفي عاصمة بولونيا (وارشو) التقيت بأحد الأصدقاء العراقيين والذي كان يمتهن التجارة وأكمل دراسته الجامعية فيها واستمر واختار البقاء في هذه الدولة الجميلة والتي تتميز بانخفاض الأسعار فيها وتزوج من بولونية ورزق منها بولد وبنت وصلا إلى عمر الشباب ولكن ومع شديد الأسف لم يكونا ملمين بلغة أبيهم (ولا طكَه) ولمته على ذلك وأثناء الحديث عن أوضاع العراق في الماضي والحاضر تطرق إلى مسألة عدم تفريق النظام السابق بين المواطنين وقال بالحرف الواحد: ((من يقول أن الشيعة والأكراد كانوا مضطهدين في ظل النظام السابق هو كاذب)) ... ولما لم يلقى مني رداً سألني: ((ها شتكَول أبو ديار شو ساكت))
أجبته: ((لم تلاحظ مني رداً لكوني لا أرغب في ازعاجك وأنا ضيف عندك وإجابتي هي لو كنت شيعياً أو كردياً لشعرت بالاضطهاد)).
ومن الجدير بالذكر هو أنني وعند كتابتي عن هذا الموضوع وردتني رسالة على المسنجر وعندما فتحتها وجدت فيها كلمات أغنية للفنان (حسين الجسمي) وحيث يعتقد الكثير من مؤيدي الرئيس العراقي (صدام حسين) بأنها تنطبق على حالهم خلافا للواقع :
نسينا الراحة من يوم اللي فكَدناك
نسينا ارواحنا بس ما نسيناك
عرفنا بقيمتك لمن خسرناك
رحت والخير كله راح وياك
إجه الليل شيخلصه الليل
راح اسهر ودمعي يسيل
المكون الشيعي في العراق ومنذ تأسيس الدولة العراقية 1921 وهم يشكون في كونهم الأكثرعدداً من مجموع تعداد نفوسه إلا أنهم مهمشون ولا دور لهم في المشاركة الفعالة في إدارة أمور الدولة بطبيعة الحال هذا القول وحسب رأيي الشخصي لا ينطبق على دورهم ومن خلال كل الأنظمة فكما ذكرت سابقاً إذا استثنينا رأس النظام في فترة سلطة البعث الثانية من 1968 ولغاية 2003 فقد كان للمكون الشيعي دور بارز في كافة تفاصيل الدولة السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية ولم يكن يحارب الشيعة على المذهب بل على ولائهم للسلطة من عدمه, وهنا لابد من الإشارة إلى أنه لولا مساندة الشيعة لـ (صدام حسين) في حربه مع إيران لما استطاع ان يصمد سنة واحدة على أكثر احتمال وكان اكثر ضحايا هذه الحرب العبثية من هذا المكون في حين كان المكون الكردي أقل تضرراً من هذه الحرب إلا في بداياتها ولاحقاً بعد أن طال أمد الحرب اتجه الشباب الكردي إما للانخراط في صفوف البيشمركَه لمختلف الأحزاب المعارضة لنظام (صدام حسين) أو الانخاط في صفوف أفواج الدفاع الوطني التي شكلتها السلطة في العراق من أجل الحيلولة دون لجوء من يستدعى للخدمة العسكرية إلى قوات البيشمركَه وكان عددها يربو من (250) فوجاً.
نعود إلى أصل حكايتنا فنقول كان الأجدر بالأحزاب الشيعية وبعد أن تسيدت المشهد السياسي بحكم أكثريتها في البرلمان العراقي أن تغير من برامجها وسلوكها على ضوء المستجدات في الوضع السياسي بعد سقوط نظام (صدام حسين) لا أن تبقى حبيسة صيغ العمل القديمة في فترة المعارضة لنظام الحكم وما خلفه ذلك من انقسامات وتباعد بين أطياف الشعب العراقي بكافة مكوناته وعليهم أن يتركوا النظرة الضيقة للأمور والتركيز على مصالحهم على حساب مصالح المكونات الأخرى ومصالحهم لا تتحقق إلا من خلال تقربهم واندماجهم مع هذا الطيف الشمسي جميل الألوان بالتفاهم والنوايا الصادقة وليس قسراً وبهذه المناسبة لابد لي أن أردد وأقول واأسفاه على ألوان هذا الطيف والتي بعضها إلى زوال والبعض الأخر ينتظر دوره (اليهود, المسيحيون بكافة طوائفهم, الإيزيدية, الشبك, المندائيون) وما دمنا نتحدث عن وضع الشيعة والكرد في ظل أنظمة الحكم ومنذ تشكيل الدولة العراقية وفي موضوع ذو صلة بالعلاقة بين المكونين (الشيعة, الكرد) وكثيراً ما كنا نسمع بالتحالف الشيعي الكردي والذي كان تحالفاً فرضته ضرورات الواقع السياسي والجغرافي عليهما بحكم المصالح السياسية المشتركة للمكونين في معارضتهما لأنظمة الحكم في العراق وخاصة في فترة استيلاء حزب البعث على السلطة في 17 تموز 1968 ولغاية سقوطه في 22 نيسان 2003 من قبل القوات الأمريكية والدول المتحالفة معها, وكذلك بحكم الموقع الجغرافي لكردستان العراق ودور إيران المهم والاستراتيجي في هذه المسألة.
لقد اتضحت حقيقة هذا التحالف ومصداقيته بعد استلام المكون الشيعي لمقاليد الأمور والسلطة في العراق بحكم نتائج الانتخابات العديدة والتي جرت بعد سقوط نظام (صدام حسين) وحصولهم على أكثرية المقاعد في مجلس النواب العراقي وهذا أهلهم لفرض إرادتهم في تحقيق برامجهم والتي قد تتعارض مع برامج وأهداف المكون الكردي بالإضافة للمكون العربي السني, وأصبح مصير هذا التحالف في خبر كان.
وهنا لا بد لنا من التأكيد على دور الكرد السياسي والاقتصادي في العراق وهذا الدور لا يمكن أن ينظر إليه أو يقاس على أساس نسبة تعداد ما يشكلون من مجموع سكان العراق, لقد أثبت هذا المكون الحيوي بأنه الأساس في التوازن والاستقرار في هذا البلد وقد أثبتت الوقائع ما ذهبنا إليه فعند تشكيل الدولة العراقية وأي تغاضي عن هذه الحقيقة يعود بالخسارة وخيبة الأمل لمن لا يؤمن بهذا الدور والشواهد كثيرة وخاصة بعد عام 2003 حيث كان الفشل نصيب من حاول تجاهل دور هذا المكون وتهميشه والمواطن الكردي عاش وهو يحلم باليوم الذي سيعيش فيه أطفاله في وطن لا يفرق بين الشيعة والسنة والكرد وباقي مكوناته.
القانون في ظل النظام السابق
من الجوانب الإيجابية التي يلوح بها البعض في ظل النظام السابق هو الجانب المتعلق باحترام القانون وتطبيقه على المواطنين كافة دون تمييز بين مواطن عراقي وأخر, وللحديث عن القانون وتشخيص إيجابياته وسلبياته من الناحية الواقعية في مجالي تشريع القانون وتطبيقه...
أولا: تشريع القوانين:
من المعلوم بأن القانون في أي دولة هو مؤشر ومرآة للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ومن خلاله تنفذ السلطة الحاكمة برامجها على ضوء النظام السياسي والأسس والمقومات الرئيسية للمجتمع والدولة ووضوح اختصاصات المؤسسات والهيئات الدستورية العليا.
إن الدستور العراقي المؤقت الصادر في 16 تموز 1970 لا يعدو من كونه يعبر أساساً وفي جوهره عن طبيعة ومصالح وأفكار السلطة والحزب المسيطر عليها وتظرتها المختلفة للمجتمع وأسسه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية إلا أننا لا بد أن نقرر بأنه يكفل من الناحية النظرية القانونية الحد الأدنى لبعض الحقوق والحريات العامة للمواطنين وللحديث عن تشريع القانون لابد أن نتطرق إلى المؤسسات التي أباح لها الدستور المؤقت حق مزاولته وهي:-
1) مجلس قيادة الثورة: كان يتولى هذا المجلس من الناحية الفعلية السلطتين التشريعية والتنفيذية في العراق وقد حدد الدستور المؤقت طبيعة وتركيبة واختصاصات وصلاحيات هذا المجلس وكان يستأثر بقراراته التي لها قوة القانون رئيسه (رئيس الجمهورية) ومما لاشك فيه من أن سيطرة شخص بعينه على الجانب التشريعي من اختصاصات (رئيس مجلس قيادة الثورة) والجانب التنفيذي (رئيس الجمهورية) هو خرق واضح لمبدأ الفصل بين السلطات ويتكون أعضاء هذا المجلس من أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث الذي لم تكن لهم من الناحية الفعلية أي صلاحية أو سلطة داخل المجلس سوى التوقيع على القرارات التي يتخذها رئيسه والذي كانت القرارات تصدر باسمه.
2) المجلس الوطني: اختصاصات هذا المجلس تقتصر على النظر في مشروعات القوانين التي تحال إليه من مجلس قيادة الثورة أو رئيس الجمهورية في غير الأمور السياسية والمالية وشؤون الأمن العام, ولا يتولى هذا المجلس من الناحية العملية أي نوع من مهام السلطة التشريعية سوى مجرد الموافقة فقط على مشروعات القوانين, وهنا لابد أن نتطرق إلى الطريقة التي يتم بها انتخاب أعضاء هذا المجلس حيث يتم اختيارهم لخوض الانتخابات على ضوء موقفهم من السلطة الحاكمة وتزكيتهم على ضوء ذلك
ثانياً: تطبيق القانون:
مما لاشك فيه من أن القوانين الوضعية ومهما بلغت من درجة الرقي والكمال تبقى كلاماً مدرجاً إذا لم يكن تطبيقه وفق ما ينص عليه ويحقق الأغراض التي شرع من أجلها لخدمة المواطنين في كافة المجالات فما فائدة القوانين إن لم يتم تطبيقها كما هو الحال في النظام السابق.
فنحن ترى عند قرأتنا للدستور والقوانين العراقية وصولها إلى مستوى لا بأس به من التنظيم الشكلي والموضوعي ونحن إذ ندرج أدناه بعض مواد الدستور العراقي المؤقت الصادر في 16 تموز 1970 نراها مواد قانونية تتفق مع الضامنة لحقوق الإنسان والصادرة في أغلب الدول المتقدمة في العالم إلا أن الجانب المهم في هذه المسألة هو الوقوف على كيفية التعامل مع هذه المواد من الناحية العملية
المادة 19:
أ ـ المواطنون سواسية أمام القانون، دون تفريق بسبب الجنس أو العرق أو اللغة أو المنشأ الاجتماعي أو الدين.
ب ـ تكافؤ الفرص لجميع المواطنين مضمون في حدود القانون.
المادة 20:
أ ـ المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية.
ب ـ حق الدفاع مقدس، في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة، وفق أحكام القانون.
ج ـ جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية.
المادة 21:
أ ـ العقوبة شخصية.
ب ـ لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون، ولا تجوز العقوبة إلا على الفعل الذي يعتبره القانون جريمة أثناء اقترافه. ولا يجوز تطبيق عقوبة أشد من العقوبة النافذة وقت ارتكاب الجرم.
المادة 22:
أ ـ كرامة الإنسان مصونة، وتحرم ممارسة أي نوع من أنواع التعذيب الجسدي أو النفسي.
ب ـ لا يجوز القبض على أحد أو توقيفه أو حبسه أو تفتيشه، إلا وفق أحكام القانون.
ج ـ للمنازل حرمة، لا يجوز دخولها أو تفتيشها، إلا وفق الأصول المحددة بالقانون.
بعد الإطلاع على هذه المواد من الدستور العراقي والتي وقع اختيارنا عليها وهي بطبيعة الحال موجبة التطبيق على كل المواطنين وفي كل أنواع الجرائم إلا أننا عندما نبحث في مرحلة التطبيق نكتشف وجود اختلافات في التطبيق بين نوعين من الجرائم فالجرائم العادية والتي تنظرها المحاكم الجزائية العادية ملزم عليها أن تطبق مواد الدستور التي ذكرناها ومخالفتها تعتبر مخالفة صريحة للدستور والذي هو أعلى قانون في البلاد ويجب أن لا تخرج القوانين الأخرى عن ما هو مصرح به فيه إو مخالفته.
أما الجرائم السياسية والتي كانت مدار اهتمام السلطة في التحري والتعقيب عليها من قبل الأجهزة الأمنية المتعددة (الأمن العامة, الاستخبارات العسكرية العامة, جهاز المخابرات) فقد كان النظر فيها يعود إلى محكمة الثورة والمحاكم الخاصة بالإضافة إلى تشكيل هيئات خاصة تحقق في الجرائم السياسية وتحيلها إلى المحاكم الخاصة المعنية للنظر في هذه الجرائم...
كما أود أن أشير إلى قيام السلطات بتشكيل هيئات تحقيقية ومحاكم خاصة للنظر في قضايا الجنود الهاربين من الخدمة العسكرية مرتبطة بفروع حزب البعث في المحافظات العراقية, هذه المحاكم والهيئات لم تكن مواد الدستور المشار إليها ومواد القانون المؤكدة على نفس نهج الدستور لم تكن تعني شيئاً عندها والمهم هو كشف الجريمة السياسية إذا كان الكشف حقيقياً وصحيحاً أو حصل نتيجة الوسائل الغير مشروعة المتبعة مع المتهم والذي قد يعترف بجريمة لم يرتكبها نتيجة الضغط الجسدي والنفسي الذي يمارس ضده ومن الجدير بالذكر من أن القائمين بالتحقيق في هذه اللجان والهيئات التحقيقية لديهم الحصانة من دوائرهم في عدم محاسبتهم عندما يؤدي سلوكهم غير القانوني المقترن بالعنف والتعذيب الجسدي والنفسي إلى الإضرار بالمتهم وإنهاء حياته أو جعله معاقاً.
عندما نعود ونستذكر سلوك السلطة ومدى تمسكها بمواد الدستور الذي شرعته وخاصة في مجال الجريمة السياسية:-
1- ما ورد في المادة (19) من الدستور المؤقت حول مساواة المواطنين أمام القانون إضافة إلى ضمان تكافؤ الفرص للجميع بالتأكيد لم يكن مطبقاً بالشكل المصرح به في الدستور لتعارض ذلك مع شكل النظام السياسي الشمولي المطبق في العراق وخاصة عندما يتعلق الأمر بموقف المواطن من السلطة القائمة فيما إذا كان معها أو محايداً أو ضدها.
2- أما المادة (20) من الدستور من أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية, ولا ندري كيف يكون بريئاً في كثير من الحالات بعد أن يستعمل معه هذا السلوك القاسي المهين لكرامته وشخصيته وكيف تكون محاكمته قانونية وهو يحاكم أمام محكمة غير شرعية مشكلة من أجل تنفيذ أجندات السلطة المنافية لأبسط قواعد العدالة وحقوق الإنسان.
3- أما فيما يخص المادة (21) من الدستور والتي تنص على شخصية العقوبة فكثيراً ما يتم خرقها عندما يتم الزج في السجون والمعتقلات لذوي المتهمين في الجرائم السياسية وأبسط مثال نورده هو قيام السلطة باحتجاز عائلة الكردي الهارب والملتحق بأحد الأحزاب المعارضة للسلطة.
4- وعندما نأتي على المادة (22) من الدستور وهي تنص على أن كرامة الإنسان مصانة وتحرم ممارسة أي نوع من أنواع التعذيب الجسدي أو النفسي, ومن يصدق هذا الكلام والغريب في الأمر أن السلطات الأمنية كانت تمارس إهانة كرامة المحكوم وتعذيبه حتى بعد صدور الحكم عليه وإيداعه السجون الخاصة كما حصل مع المحكومين في ما يسمى بمؤامرة (محمد عايش) حيث تم قتل العديد منهم بوسائل التعذيب المختلفة.
إن تأكيدنا على خرق مواد الدستور فيما يخص الجرائم السياسية لا يعني عدم خرقه في أحياناً حتى في الجرائم العادية, وبطبيعة الحال لا بد أن نتطرق إلى دور كبار موظفي وزارة العدل وفي مقدمتهم وزيرها والهيئات القضائية في كونهم المسؤولين عن كل الخروقات في مجال تطبيق القانون وغاضي الطرف عن المسؤولين المكلفين بمهمة التحقيق في القضايا المحالة إليهم.
وفي الختام لا بد أن نذكر المواد القانونية المثيرة للعجب والاشمئزاز والتي تعطي الانطباع الصريح حول همجية السلطة وابتعادها عن النهج الإنساني ومنها (قطع يد الشخص السارق, وقدمه في حال التكرار, قطع صيوان أذن الشخص المحكوم عن جريمة الهروب من الخدمة العسكرية, وشم جبين الشخص المحكوم عن جريمة الهروب من الخدمة العسكرية)
الخـــلاصــة
1- ما ورد في كتابي هذا ربما بغيض البعض ويفرح البعض الآخر ولكن ما كتبته يعبر عن معاناة الكثيرين ومعاناتي الشخصية بدرجة ما, حيث قضينا أعمارنا في البؤس والشقاء والحروب والخدمة العسكرية الطويلة وتداعياتها الجسدية والنفسية, الجيش الشعبي, المسيرات والاحتفالات, صافرات الإنذار, غارات الطائرات المعادية... لقد حرمنا من التمتع بحياتنا في هذه الدنيا الجميلة, دخلنا عمر الشباب مع بداية استلام حزب البعث لمقاليد السلطة في العراق في عام 1968 وها نحن أصبحنا في خريف العمر ولم نفهم شيئاً من هذه الحياة المتعبة بمشاكلها والتي طالت جميع فئات الشعب العراقي بقومياته وأديانه.
2- نقول لو كان صاحب الذكر الطيب باقياً على قيد الحياة لكان قد أدخلنا عدة كونات (مجموع كونه) أخرى ولعايشنا حرب الخليج الرابعة والخامسة واستكمالاً للتسميات أم المعارك وأبو المعارك وعم المعارك...إلخ ومزيداً من الدمار للعراق والضحايا من شعبه ونتائجها كلمة (عفية) من الرئيس العراقي... ويا حوم اتبع لو جرينا وحار الحوم بأي اتجاه يطير وقد أصابته التخمة من كثرة أشلاء الضحايا الذين سقطوا في ساحات القتال... في الحروب التي أشعلها وكان سبباً في اندلاعها, ونختم ما بدأنا به لنقول لعشاق النظام السابق ورئيسه (صدام حسين) إذا كان النظام السياسي الحالي في العراق نظاماً سيئاً من كافة الوجوه فمن جاء به أو بالأحرى من كان سبباً في مجيئه.
3- أثار استغرابي هذا التخوف والتوجس من أي نشاط سياسي لجماعة لها علاقة بـ (صدام حسين) وعهده ولاسيما وأننا ندعي بأننا في عهد الديمقراطية ونهاية حكم الحزب الواحد وحرية الفرد في التعبير عن رأيه ومعتقده الذي لا يخالف القانون والضوابط الدينية والاجتماعية ولاسيما وأننا نصف ذلك النظام بكل هذه الصفات السيئة والماضي المخيف وبعد أن رحل عنه زعيمه وأغلب القيادات القديمة وقد دفعني إلى ذلك خروج مظاهرات قبل أيام في بغداد وكركوك والبصرة مؤيدة للرئيس السابق (صدام حسين) وهم يرددون (بالروح بالدم نفديك يا صدام) واستحالة أن يستطيعوا ذلك لرحيله عن هذه الدنيا والمظاهرات ما هي إلا تعبير عن عدم الرضا عن الوضع الحالي اشترك فيها مجموعة من الشباب ولو أردنا تغيير قناعاتهم فيمكن ذلك بكل سهولة ويسر من خلال تخيرهم البقاء في ظل هذا النظام أو العودة للنظام السابق وسوقهم للخدمة العسكرية في إحدى جبهات القتال وعلى حدود أحدى هذه الدول وحسب اختيارهم تركيا, الأردن, سوريا, السعودية, وإيران والكويت غير مشمولة لانتهاء دوريهما في الحرب وما دمنا نتحدث عن الخدمة العسكرية في ظل ذلك النظام فلا بد من التطرق إلى ظاهرة التمايز في التعامل عند سوق المجندين إلى سوح القتال حيث كان أغلب الأغنياء واولادهم وخاصة من طبقة التجار والمقاولين يستثنون من ذلك وينعمون بالبقاء في المقرات الخلفية الآمنة والوحدات العسكرية داخل المدن والحالة نفسها تتكرر مع المواطنين الذين كانوا يساقون ضمن قواطع الجيش الشعبي إلى جبهات القتال ويستثنى من الدعوة والسوق من عنده حبايب أو يدفع المقسوم.
وهنا نأتي إلى نهاية هذا الكتاب وحيث بقي الكثير مما يقال وآثرنا الإكتفاء بما قلنا عساه يحقق المنال في التأثير على ما يعتقده البعض في أفضلية النظام السابق بعد مقارنته بهذا النظام في إيجابياته وتناسي ما سببه لهذا الوطن والشعب من مآسي وأحزان ونمني النفس في أن نصبح في أحسن حال بعد إصلاح الخلل والنواقص الكبيرة في النظام الحالي والذي لا يلبي حاجات المواطن العراقي ولا حتى أبسط مستلزمات الحياة الأساسية له ويدفعه للترحم على (صدام حسين) وعهده وخير قول يوصف به بضع كلمات قالها أبو تحسين صبيحة يوم 9/3/2003 أمام اللجنة الأولمبية لـ (عدي صدام حسين) وهي تعبير صادق عن معاناة الشعب العراقي في تلك المرحلة: ((لو تعرفون هذا اشسوى بالعالم, اشسوى بالعراق, سوى ما سوى بالعراق, هذا كتلنا كتل شبابنا)), في حين كان الآخرون منشغلين في سرقة محتويات اللجنة الأولمبية.
والآن حان الوقت لاستفسر من نفسي هل استطعت من التأثير على معتقدات من كنا نقصدهم من هذا الحديث؟
ربما البعض منهم أما تغير قناعات الجميع بذلك النظام فهو من المستحيلات وضرب من ضروب الخيال وعندما لا يقتنعون نكون مجبرين أن نردد معهم: ((فليخسأ الخاسؤون بعد أن يشخصون))
خلاصة القول لا يمكن أن يعود النظام السابق ليحكم العراق مجدداً بقيادة حزب البعث ولا يمكن للنظام الحالي أن يستمر وتبقى الأوضاع على حالها بواقع مزري في كافة مجالات الحياة ومستقبل مجهول رغم تشاؤمي والذي أرجو أن يكون خاطئاً وليس في محله وإن غداً لناظره لقريب والأيام القادمة حبلى بأنواع الأحداث والمستجدات غير المتوقعة على ضوء النشاطات والتحركات الأخيرة السياسية والعسكرية للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي وروسيا وتركيا وإيران في منطقة الشرق الأوسط وتنامي الصراعات بين القوى والمحاور الداخلية وانتقالها من صراعات المحاور إلى الصراع داخل المحور الواحد.
وما حصل في الأسبوع الأول من شهر تشرين الأول من عام 2019 من هبة جماهيرية مدوية على الصعيد الداخلي والخارجي من خلال المظاهرات الشعبية في العاصمة بغداد والمحافظات في وسط وجنوب العراق وما رافق ذلك من أعمال عنف وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين مما أدى إلى استشهاد أكثر من مائة متظاهر وإصابة أكثر من ستة آلاف متظاهر ومن ضمنهم بعض منتسبي الجيش والقوات الأمنية, إن ما يميز هذه الأحداث عن الأحداث المشابهة والتي حصلت بعد سقوط النظام السابق في عام 2003 من تظاهرات واعتصامات في مناطق عديدة من العراق والذي أصاب الحكومة العراقية والتي تشكلت قبل عام تقريباً بصدمة غير متوقعة ومخاوف حقيقية على النظام أجبرها على اتخاذ خيار الحزم والقوة المفرطة في مواجهة أول امتحان شعبي لها بالرغم من اعتبارها هذه المظاهرات حق مشروع أقره الدستور العراقي من تصريحات وبيانات الرئاسات الثلاثة والتي تراجعت عن الخيار الأول وأخذت على عاتقها وعلى عجل الموافقة وإصدار حزمة إصلاحات تلبية للمطالب المشروعة للمتظاهرين في الإصلاح وتوفير المزيد من فرص العمل وتحسين واقع الخدمات ومحاربة الفساد, ولم تأتي هذه الإجراءات الشاملة والسريعة إلا بعد الخوف على مستقبل النظام السياسي الحالي وفشل أساليب القمع التي اتبعتها السلطة, ومرد ذلك:-
1- تراكمات الظواهر السلبية التي رافقت التغييرات السياسية بعد رحيل نظام حكم صدام حسين, وفشل جميع الحكومات التي قادت العملية السياسية في هذا البلد وعدم تمكنها من إيجاد حلول لقضايا الفساد والبطالة وغياب الخدمات الأساسية ولجوئها إلى إطلاق الوعود بالإصلاح دون نتيجة.
2- التظاهرات والتي انطلقت هذه المرة من المناطق التي غالبيتها من المكون الذي يتسيد السلطة في العراق ونقصد بهم (الشيعة) في العاصمة بغداد وخاصة في مدينة الثورة سابقاً والصدر حالياً والتي يشكل عدد ساكنيها ثلث سكان العاصمة بالإضافة إلى المحافظات الأخرى في وسط وجنوب العراق والذين عاشوا في حياة البؤس والشقاء وانتهزوا الفرصة للتعبير عما يجيش في نفوسهم وصعوبة اتهامهم بالخيانة والعمالة.
3- خطورة المظاهرات الأخيرة بالنسبة للسلطة تمثلت في كسر المشاركين فيها لحاجز الخوف فالبرغم من عدد ضحايا هذه المظاهرات من القتلى والجرحى إلا أنها استمرت لأيام ولم تتوقف إلا بعد أن قررت السلطة تنفيذ مطالبهم والتي كما ذكرنا تراكمت طيلة الفترة التي أعقبت سقوط النظام السابق وهناك شكوك في قدرة الحكومة على تنفيذها بالشكل الذي أعلنت عنه, كما أن هناك شكوك في دوام واستمرارية العلاقة بين النخبة السياسية في العراق مع الشارع الذي كان سبباً في وصولها إلى السلطة.
المصادر:
1- أحمد الحبوبي – رسالة اعتذار إلى الشعب العراقي
2- حامد مصطفى المقصود – سيرة ثائر
3- ليث عبد الحسن الزبيدي – ثورة 14 تموز 1958 في العراق
4- جرجيس فتح الله – نظرات في القومية العربية حتى العام 1970
5- جواد هاشم – مذكرات وزير عراقي
6- شامل عبد القادر – عبد الخالق السامرائي و30 شخصية من عهدي البكر وصدام.
7- شامل عبد القادر – بداية النهاية صدام وغزو الكويت
8- شامل عبد القادر – مؤامرة عبد الغني الراوي في كانون الثاني 1970
9- شامل عبد القادر – أحمد حسن البكر / السيرة السياسية.
10- شامل عبد القادر- الاغتيال بالدبابة
11- شامل عبد القادر- الأيام الأخيرة في حياة صدام حسين
12- فايز الخفاجي- رحلة السقوط الدامي
13- أمين هويدي – كنت سفيراً في العراق 1963- 1965
14- عبد الفتاح علي البوتاني- العراق دراسة في التطورات السياسية الداخلية 14 تموز 1958 – 8 شباط 1963
15- عبد التواب أحمد سعيد – ربع قرن من الحكم الملكي في العراق
16- عبد الرزاق الهلالي – معجم العراق الأجزاء 1-2-3
17- سيف الدوري الانقلابات العسكرية والصراع على السلطة في العراق الجمهوري
18- جرجيس فتح الله – رجال ووقائع في الميزان
19- وسام الشالجي – يوم الصخب العظيم
20- كاظم حبيب – لمحات من عراق القرن العشرين – الجزء السابع
21- جميل حسين الجبوري – كبار ساسة العراق في العصر الجمهوري.
22- سيف الدين الدوري – الانقلابات العسكرية والصراع على السلطة في العراق الجمهوري.
23- علي هادي الحطاب – من المعارضة إلى الحكم
24- حنا بطاطو – العراق – الشيوعيون والبعثيون والضباط الأحرار- الجزء 3
25- الدار العربية للموسوعات – الليلة الأخيرة – مجزرة قصر الرحاب – مصرع العائلة الهاشمية المالكة في بغداد يوم 14 تموز 1958
26- مجلة أوراق من ذاكرة العراق – العدد 88 – 15 آب 2019
27- مجلة أوراق من ذاكرة العراق – العدد 63 – 15 تموز 2017
28- مجلة أوراق من ذاكرة العراق – العدد 51 – 15 تموز 2016
29- مجلة أوراق من ذاكرة العراق – العدد 89 – 15 أيلول 2019
30- مجلة أوراق من ذاكرة العراق – العدد 74 – 15 حزيران 2018
31- مجلة أوراق من ذاكرة العراق – العدد 22 – 15 شباط 2014
32- مجلة أوراق من ذاكرة العراق – العدد 44 – 15 كانون الأول 2015
33- مجلة أوراق من ذاكرة العراق – العدد 28 – 15 آب 2014
34- مجلة أوراق من ذاكرة العراق – العدد 30 – 15 تشرين الأول 2014
35- مجلة أسرار – العدد 7 – حزيران 2017
36- مجلة الصوت – العدد 139 – 23 آب 2019
37- صحيفة العربية – العدد 664 – 25 أيار 2019
38- قناة الجزيرة الفضائية – برنامج شاهد على العصر – لقاء مع حامد الجبوري.
39- قناة الفلوجة الفضائية – برنامج شهادات خاصة – لقاء مع عبد الجبار محسن.
للراغبين الأطلاع على الجزء السابق:
https://algardenia.com/maqalat/42469-2019-12-08-10-52-26.html
3558 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع