إيضاحات مُضافة على واقعة "خان النُص"

                                                   

                          د.صبحي ناظم توفيق
           عميد ركــن متقاعد.. دكتوراه في التأريخ
                         12/تموز/2020

    

إيضاحات مُضافة على واقعة "خان النُص"

بعد نشر هذا الموقع الأغر مقالتي الموسومة "واقعة خان النُص في شباط/١٩٧٧" حمدتُ الله سبحانه -هذه المرة- لعدم إستلامي مَسَبّاتٍ وشتائم ممّا تَعَوّد على قذفها البعض من المتطرّفين الناظرين أزاء هذه الأمور من زاوية حادة لا يبصرون جوانبها.

وقد تداخل العديد من المتابعين الكرام وعلّقوا على أحداث "خان النُص" وتشعّبوا في وقائعها وتَعَمّقوا بين سطورها -كل حسب رؤيته- بتعليقات مفيدة للغاية، وأخصّ منهم الأستاذين العزيزين "سيف" و"ئه مير"، في حين وجّه لي أعزاء آخرون رسائل كتابية وصوتية على هاتفي الجوال وبريدي الألكتروني تضمّنت آراءً سديدة متشعّبة ومتشابكة... ولكنهم لم ينشروها إمّا لعدم إلمامهم بكيفية إدراجها ضمن التعليقات، أو رغبتهم في التَسَتّر على آرائهم وأسمائهم الصريحة لسبب أو لآخر.

    

       مرقد الإمام الحسين (ع) وسط "كربلاء" المقدسة

     

"خان النُص" الأثري الذي يرتاح فيه الزوار بمنتصف الطريق بين مدينتي "النجف وكربلاء"
ولكثرة المداخلات وضرورة إجابتي على أصحابها الكرام لتبيان الكثير من الأمور التي تستغرق طويلاً، فقد وددتُ إختصارها في مقالة قصيرة تسلّط الأضواء على العديد من ملحوظاتهم وآرائهم لتكون إيضاحات مُضافة لتلك الواقعة بنقاط مختصرة:-
- نحن في عراق ما بعد 2003 نعيش خارج الزمن والتأريخ، مُرتَهَنين تحت سطوة العشرات من الكتل والأحزاب الفاسدة والفصائل المسلّحة المتشبّثة بمُسَمّيات الإسلام وغطاء المذاهب، رافعين شعارات يربطونها بالائمة العظام (ع) والمشايخ الكرام مع الإصرار بأن "الإمام الحُسين في ضمائرهم وعقولهم وذواتهم"!!! ويستثمرونها لخداع السُذّج وإستغفال الناس لتغطية سرقاتهم وجرائمهم وإرتباطاتهم المكشوفة مع الأجنبي لحد الخنوع والإنبطاح أمام هذا ذاك، حتى وصفهم الأستاذ "سيف" في مداخلته بـ"أفسد الأنظمة السياسية على كوكب الارض"، فيما نُعِتَ مجلس نوّابهم كونه "البرلمان الأفسد في التأريخ".
- ومثلما ذكرتُ في المقالة أني لم أطّلع على ما إقترفه أفراد من التنظيمات الحزبية أو الأمن العام أو إستخبارات الشرطة المحلّية، سواء في إشتباكات "خان النص" أو بعدها، وذلك قبل أن يتداخل صديق عزيز كنا ضباطاً سوية في تلك الأيام ليوضّح:- (أن المحافظ "عزيز صالح النومان الخفاجي" قد إستغلّ إنشغالنا بواجب التهدئة خروجاً على أمر الرئيس "أحمد حسن البكر" بإناطة كامل المسؤولية لـ"العقيد الركن نعمة فارس" وسارع بإرسال مجموعة من الذين أُلقيَ القبض عليهم في "خان النص" قبل وصولنا إلى المنطقة وسَوَّقَهم مخفورين إلى بغداد، وكان ذلك تَزَلُّفاً منه ومحيطيه -وكلّهم من الإخوان الشيعة ومن أهالي كربلاء والنجف والفرات الأوسط وعشائرها بدون إستثناء- وقد علمنا فيما بعد بتقديم بعضهم أمام محكمة خاصة ضمّت الدكتور عزت مصطفى وفليّح حسن الجاسم وأعتقد أن "حسن العامري" كان عضواً فيها).
- وبعد نشر مقالتي السابقة أكّد لي أحد قادتي الموثوقين -فَضَّلَ عدم ذكر إسمه في هذا الإيضاح- (أن الرئيس "أحمد حسن البكر" لم يكلّف "العقيد الركن نعمة فارس" بمهمة إستتباب الأمن في "خان النُص" و"كربلاء" هاتفياً، بل إستدعاه شخصياً للقصر الجمهوري بعد منتصف ليلة أربعينية الإمام الحُسَين (ع)، ليكلّفه -بحضور رئيس أركان الجيش "الفريق أول الركن عبدالجبار شنشل"- بتلك المهمة ويُنيط إليه القيادة الأعلى لكل التشكيلات العسكرية التي ستنتشر بالمنطقة، وأن يكون إرتباطه وإستلام الأوامر من شخص الرئيس دون أيّ مرجع آخر).
- بينما أضاف صديق آخر أن جمهرة من كبار رجال الدين وشيوخ العشائر والوجهاء من محافظتَي "كربلاء والنجف" حضروا أمام الرئيس "أحمد حسن البكر" لا ليشكروه على عودة الأمن والأمان والإستقرار إلى ديارهم فحسب، بل ليعرضوا أمامه عدداً من التصرفات المقرِفة بحق المواطنين على أيدي العديد من أصحاب المناصب الأمنية والإدارية والحزبية تَزَلُّفاً وتَقَرُّباً للرئيس والقيادات العليا للدولة والحزب، ورَجَوا منه تبديلهم بموظفين وحزبيين من الطائفة السُنّية، لكون أهالي المدينتين الشريفَتَين والمقدّسَتَين قد جرّبوا خلال الأعوام المنصرمة أن "السُنّة" أرحم بكثير ويدارونهم ويسعون لتحقيق مطالبهم ولا يقسون عليهم ولا يتزلّفون للسلطة والحزب في سبيل مناصب أعلى وأعظم، على عكس المسؤولين الشيعة الحاليين!!!
- ورغم تحفّظي الشديد من إيراد الإنتماءات الدينية في أيّ مقام ومقال، إلاّ أن عدداً من المُداخلين والمعلّقين تطرّقوا إلى مذهب هذا وذاك، لأجد قلَمي مُرغَماً على إيضاح ما غفلوا عنه... فآمِرُ لوائنا المشاة الآلي/8 المرحوم "العقيد الركن عبدالكريم نصَيّف جاسم الحمداني" هو "سُنّي" المذهب، بينما "العقيد الركن نعمة فارس المحيّاوي" آمر اللواء المدرع/6 فهو "شيعي"، وكذلك كلّ من مقدم لوائه "الرائد الركن كاظم الظاهر" وآمر كتيبة دبابات خالد "الرائد الركن قاسم صَيّاح" فهُما على المذهب ذاته، فيما كان الكردي "المقدم الركن جواد أسعد شيتنه" آمراً لفوج مشاته الآلي الأول... أما كاتب هذه السطور فهو تركمانيّ.
- أما اللواء المدرّع السادس --الذي كان رسمياً ضمن تشكيلات "خطة أمن بغداد"-- بفوج مشاته وكتائب دباباته الثلاث ومدفعيّته المستقرة بثكناتها الدائمة في "معسكر المُسَيَّب" (70 كلم عن مركز بغداد)، فإن ما لا يقل عن (80%) من ضباطه ومراتبه كانوا من الإخوان الشيعة، لكونهم في الأساس من أهالي "كربلاء والنجف وبابل" القريبة من بلدة "المسيّب".
- يزعم البعض تأييداً للكثير ممن أضحوا على سُدّة الحكم فوق هرم دولة العراق الفاشلة بعد 2003 ولغاية يومنا الراهن، أن الطائفة الشيعيّة كانوا محرومين من الإنخراط في الجيش والقوات المسلّحة وتبوّء المناصب العليا فيها، وذلك كَذِبٌ وإفتراء مَعيبٌ ومُخزٍ!!! وقد يستغرب البعض ويعتبرونني ساذجاً و((نايِم ورجلَيَّ بالشمس))، بأني رغم عملي المتواصل قريباً للغاية وفي مواقف عديدة ولفترات عديدة -ولو كانت متقطّعة- تحت إمرة "نعمة فارس" سواء في الجبهة الأردنية-الإسرائيلية (1969-1970)، وكونه معلّمي في كلية الأركان والقيادة عامَي (1973-1974)، ثم سوية وسط الفرقة المدرعة/3 (1976-1977)، فإني لم أتعرف على مذهبه قبل واقعة "خان النص" سوى عن طريق الصدفة، فالسؤال عن المذهب والدين والأصول كان بمثابة تصرّف مَعيب يؤاخذ عليه السائل فيترفّع عنه، وكذلك كان حال معظمنا حتى في علاقاتنا مع الجيران والأصدقاء والزملاء، فقد كان المجتمع العراقي في معظم المدن -وبالأخص الأحياء السكنية المختلطة بحكم كون أصحاب منازلها موظفين بالدولة من أساتذةٍ وأطباءَ ومهندسين ومعلّمين وضباطاً وضباط صف- مجتمعاً راقياً متجانساً بشكل عام قبل أن يلملم الإحتلال الأجنبي البغيض عام 2003 أُناساً من خارج الحدود فيُنزِل بهم غضب الله على العراق تحت ظلال ساسة مذهبيّين وفاسدين وأصحاب عمائم بِيض وسُود وخُضُر يتحكّمون بمصائر أولادنا وأحفادنا ومستقبلهم.
- وأخيراً دعونا نبتسم قليلاً... فقد ذكّرَ لي صديق عزيز بأن إشاعة مُضحِكة سَرَت بين أهالي "خان النُص وكربلاء" في تلك الأيام، بأن الحكومة جلبت وحدات من الجيش تضمّ أكراداً ومسيحيين للسيطرة على الأوضاع!!! ويبدو أن مُطلِقيها ربطوا ذلك بوسامة "العقيد الركن نعمة فارس" من جهة، ولكنة "المقدم الركن جواد شيتنه" الواضحة باللغة العربية من جهة ثانية.

     

صورة لاحقة وسط مدينة "البتراء" الأردنية أواخر عام 1986 لوفد عالٍ من وزارة الدفاع لزيارة المؤسسات العليا للجيش الأردني... وهم من اليمين:-
1. الفريق الركن نعمة فارس- رئيس جامعة البكر للدراسات العسكرية العليا.
2. العميد الركن صبحي ناظم توفيق- ممثل وزارة الدفاع.
3. العميد الركن عبدالرزاق يعقوب يوسف- عميد كلية الأركان.
4. اللواء الركن محمد نجم الدين النقشبندي- عميد كلية الحرب.

للراغبين الأطلاع على موضوع سابق نشر قبل أيام:

https://algardenia.com/maqalat/45005-2020-06-28-15-05-48.html

   

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

593 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع