سعاد عزيز
خميني ومجزرة ١٩٨٨
الرأفة بالمحاربين سذاجة، حدية الاسلام ضد أعداء الله من الاسس الثابتة للنظام الاسلامي، آمل عن طريق غضبکم و حقدکم الثوري بالنسبة لأعداء الاسلام، أن تکسبوا رضا الله تعالى. السادة الذين يقع تحديد الموضوع بعهدتهم لايترددوا او يشکوا و يسعوا لکي يکونوا"أشداء على الکفار". التردد في قضايا الاسلام الثوري بمثابة تجاهل الدماء النظيفة والطاهرة للشهداء." هذا الکلام الذي لابد أن يبدو غير مألوفا وغريبا من نوعه هو لخميني وکان يدلي به بعد أن تزايدت ردود الفعل والمواقف الرافضة وغير المتقبلة لمجزرة عام 1988 الخاصة بإبادة 30 ألف سجين سياسي من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق، ويبدو واضحا بأن خميني يريد أن ينزع کل معاني الرأفة والرحمة والنوازع الانسانية النبيلة من النفوس ويجع عوضا عنها مشاعر وأحاسيس أبعد ماتکون ليس عن الانسانية فحسب وإنما حتى عن السماوية أيضا وإلا فمامعنى الحقد الثوري"الذي إختلقه خميني تماما والتي لاتختلف أبدا عن بدعة نظام ولاية الفقيه، والحقيقة أنه وبغير تأليب الناس ضد بعضهم وشحن الصدور والقلوب والنفوس غلا وحقدا لم يکن بإمکان خميني أن يعلم الاخرين شيئا خصوصا من الامور والمسائل المتعلقة بمفاهيم نظير العطف والحب والرحمة والانسانية إذ أن فاقد الشئ لايعطيه.
هذه الفتوى الاجرامية التي تسببت بتلك المجزرة الدامية المنافية لکل الشرائع السماوية والقوانين والقيم الانسانية، لايتمکن النظام الايراني الفکاك والخلاص من آثارها وتداعياتها وتخيم ککابوس على رأسه، تختلف عن المجازر والفظائع الاخرى التي تم إرتکابها خلال القرن العشرين ولاسيما مجازر سربرنيستا وودافور بل وحتى لايمکن مقارنتها بها، لأن الناس هناك کانوا أحرارا على الاقل ولاقوا مصيرهم وهم في الهواء الطلق، أما ماجرى للثلاثين ألفا أعلاه فهو أمر آخر إذ بالاضافة الى أنهم قد صدرت أحکام قضائية بحقهم وقسم منهم کان ينتظر إخلاء سبيله بعد أن قربت فترة إنتهاء محکوميته، وهو حکم غريب من نوعه وفريد من شکله وطرازه لم يتمکن من فهمه وإستيعابه حتى کبار مسؤولي النظام القمعي ومن ضمنهم رئيس السلطة القضائية الذي بعث ليسأل أبن خميني عن هذه الفتوى الغريبة وهل أنها حقا تشمل أناسا يقضون أحکام قضائية صدر بحقهم؟ فکان أن جاءه الجواب من خميني قاطعا ومؤکدا لفتواه الاجرامية اللاإنسانية بأن قال:" أي فرد في أية مرحلة کان على رأس النفاق فإن حکمه الاعدام، بسرعة أقضوا على أعداء الاسلام، في مايتعلق بوضع الملفات فإنه وفي الحالات التي تنفذ الاحکام فيها بسرعة أکثر فإنها تفي بالغرض المطلوب."، وقطعا فإن الانسان عندما يسمع هکذا کلام غير عادي من رجل مسن في عمر خميني بهذه الوحشية والقساوة غير العادية، فإنه يفهم لماذا وقفت منظمة مجاهدي خلق موقفا رافضا لخميني وأفکاره ومفاهيمه ورأت فيه عدوا للإنسانية ذلك إنه ومن خلال ماقد عنه"أي عن خميني" فيبدو واضحا من أن هذا الرجل قد تربى ومنذ صغره على الحقد والکراهية والقتل و کل ماهو مضاد للمشاعر الانسانية النبيلة من حيث التسامح والتعايش السلمي والتآلف والقبول بالاخر، لکن عدائه الاستثنائي والملفت للنظر لمنظمة مجاهدي خلق تکمن أساسا في نقطة جوهرية ومحورية واحدة وهي أن المنظمة قد أعلنت رفضها لمبدأ نظام ولاية الفقيه ولم تتقبله بأي شکل من الاشکال على الرغم من کل العروض المغرية من جانب النظام، ويقينا فإن خميني عندما أدرك بأن المنظمة جادة في رفض نظامه القمعي بادر الى مواجهة المنظمة بالحديد والنار، إلا أن الامر الذي لابد التأکيد عليه هو أن هذه الجريمة وبعد نشر التسجيل الصوتي الخاص بمنتظري، ليست مجرد جريمة سياسية ضد أناس معارضين لنظام حکم وانما هي جريمة ضد الانسانية ولابد من مقاضاة مرتکبيها ومحاسبتهم أمام المحاکم الدولية لأجل الانتصار للإنسانية ولقيمها النبيلة، ولذلك ليس بغريب أبدا أن تبقى أصداء هذه الجريمة اللاإنسانية وبعد 32 عاما باقية ولايستطيع هذا النظام من الخلاص منها على الرغم من إنه قد راعى السرية التامة عند تنفيذها لها، وإن ماقد أدلت به المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية مورجان أورتاغوس، من تصريحات في 17 تموز2020، بشأن هذه المجزرة ودعوة الولايات المتحدة المجتمع الدولي إلى إجراء تحقيق مستقل في المساءلة والعدالة لضحايا النظام الإيراني. خصوصا بعدما أکدت من أن"القضاء الإيراني يفتقر إلى الاستقلال وضمانات المحاكمة العادلة، وأن محاكم الثورة بارزة بشكل خاص في إصدار الحكم في انتهاكات لحقوق الإنسان. يجب محاسبة جميع المسؤولين الإيرانيين الذين يرتكبون انتهاكات لحقوق الإنسان وسوء المعاملة"، والذي يجب أن نلاحظه هنا ونأخذه بنظر الاعتبار هو إن الحکومة الکندية تطالب رسميا بإدراج هذه المجزرة المروعة في لائحة قرار يدين النظام الايرانی فی الإمم المتحدة خلال إجتماعات الجمعية العامة التي ستجري في أيلول القادم، ولاشك من إنه کما أودت مجازر سربرينستا ودافور بمرتکبيها وجرجرتهم أمام الجنائية الدولية فإن نفس المصير ينتظر النظام الايراني عاجلا أم آجلا.
760 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع