تشهد منطقة الشرق الاوسط والعالم الاسلامي هيجانا قد يستمر بضعة أيام أخرى تتجمهر فيه الجموع الغاضبة امام سفارات الولايات المتحدة الامريكية بسبب انتاج فيلم امريكي يمس حياة الرسول بشكل ( مقرف ) كما عبرت عنه وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلنتون .
لانريد الخوض في طبيعة الفيلم فهو ليس فيلما فنيا على كل حال ، وانما فيلما تحريضيا ، ضحى بالمضمون من أجل هدف سياسي لايخفى على ذوي الالباب .
ورغم ان الفيلم وضع علاقة الادارة الامريكية ، او بالاحرى السياسة الامريكية ، على طاولة الاتهام في مساندة القوى الاسلامية المتطرفة ، على حساب القوى الليبرالية في الشرق الاوسط ( مثال العراق ، وليبيا وتونس ومصر ) الا ان التدقيق في تلك الاراء تظهر لنا عكس ذلك ، فالادارة الامريكية ممثلة بادارة اوباما / كلنتون ارادت تقليص الهوة بين القوى المعادية لامريكا وكسب الاوساط الاسلامية الى صف الولايات المتحدة كي تفتح ابواب علاقة مرنة مع الشرق الاوسط ، فاختار اوباما سيدة مسلمة مستشارة لها ، كما زار القاهرة في اول زيارة له للعالم العربي والقى خطابا نال الاعجاب لما جاء فيه من رغبة في فتح صفحة جديدة مع المنطقة ، ولكن تلك الجهود لم تأتي أكلها ، فما ان لاحت في الافق اول فرصة حتى هاجمت جماهير محسوبة على القوى الاسلامية السفارات الامريكية ، قتلت ومثلت في سفيرها في ليبيا شر تمثيل ، فسقت امريكا من نفس الكأس التي سقت فيها المواطنين العزل في العراق في اعمال الارهاب من خطف وتفخيخ وكواتم صوت وجز الرقاب .
ان توقيت الاعلان عن هذا الفيلم يفتح باب التساؤل ، لانه اصاب ادارة اوباما بالصميم ، بينما سيكون المستفيد هو المنافس ميت رومني ، لذلك نرى ان الاعلان عن هذا الفيلم في هذا الوقت يدخل ضمن لعبة الانتخابات الامريكية بغية تدمير سمعة اوباما وتمريغ انف ادارته بالوحل من خلال وضعه وسط معضلة اسلامية ، فان هاجمها يكون قد هاجم العالم الاسلامي وفتح ابواب الصراع مع ادارته لينشغل في معركة جانبية قد تقوده الى الجنون لما لها من تداعيات مدمرة ، اذ ستجره الى موقف صعب مع السعودية ودول الخليج النفطية ، والى موقف اصعب مع الباكستان حيث تدور على حدودها مع افغانستان اشرس معركة بين امريكا والقاعدة ، فان تخلت باكستان عن مساندة امريكا سيكون الوجود الامريكي برمته في افغانستان في خطر ، وقد يعجل بانسحاب القوات الامريكية دون تخطيط مثلما حدث في الفيتنام .
ان ادارة اوباما تدرك الموقف الصعب الذي وضعته فيه المعركة الانتخابية التي يقودها ميت رومني واللوبي المناصر له ، فقد ادخلوا رأس ادارة اوباما في بيت الزنابير ، وعلى ادارته الخروج باقل الخسائر ، لذلك بعث اوباما بسفيرة الخارجية هيلاري كلنتون الى المغرب عسى ان تتمكن من رتق الفتوق الكبيرة في الجسم العربي والعالم الاسلامي التي سببها هذا الفيلم الاخرق الذي جاء في اللحظة الحاسمة لمعركة المصير في الانتخابات الامريكية .
1213 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع