الأستاذ الدكتور باسل يونس ذنون الخياط
أستاذ مُتمرِّس/ جامعة الموصل
نوئيل رسّام وابنته شميم رسّام
شميم رسّام فنانة تشكيلية وإعلامية عراقية وشخصية ثقافية متعددة المواهب بامتياز: ممثلة ومنتجة ومترجمة ومخرجة ومذيعة باللغة الإنكليزية.
شميم رسّام من عائلة (رسّام) المسيحية الموصلية العريقة والتي اشتهرت بالتجارة والثراء، وأسهم ابنائها في تكوين العراق الحديث، وبرز العديد من رموزها في اختصاصات متعددة.
جدهم كريستيان رسّام، ومن هذه العائلة الدكتورة آنجيل رسّام والدكتورة سهى رسّام Suha Rassam المقيمة حاليا في لندن.
ومن عائلة رسّام أيضا الممثل والمخرج التلفزيوني العراقي عمانوئيل رسّام (1940- 2016)؛ المعروف بالاسم المختصر (ع.ن.ر)؛ وهو من مواليد محلة الجامع الكبير في مدينة الموصل، ومن أشهر أعماله الفنية مسلسل (تحت موس الحلاق) 1961، الذي أبدع فيه سليم البصري بدور (حجي راضي) وحمودي الحارثي بدور (عبوسي).
عائلتها:
والد شميم رسّام هو المحامي والصحفي والسياسي العراقي نوئيل ميخائيل رسّام (١٩١٠-2001)، وهو من مواليد محلة المكاوي بمدينة الموصل. كانت أم نوئيل رسّام السيدة زريفة مُدرسته الأولى، ثم درس في مدرسة الطاهرة وبعدها في ثانوية الموصل، ثم سافر إلى بغداد ليدخل كلية الحقوق وتخرج منها سنة 1934.
تزوج نوئيل رسّام من مُدرسة لبنانية كانت تعمل في مدارس العراق اسمها (صوفي بخمازي) سنة 1935، ورُزق منها أربعة أولاد: آمال وهند وغسان وشميم.
انتمى نوئيل رسّام في شبابه لحزب الاستقلال وأصبح عضوا في مجلس النواب في الخمسينيات عن حزب الأمة الاشتراكي. كان توجهه قومي معادي للإنكليز وقد اعتقل بعد فشل ثورة 1941 وقضى ثلاث سنوات حتى العام 1943 متنقلا في معتقلات الفاو والبصرة والعمارة، ثم اُطلق سراحه وتفرغ للمحاماة.
انتقل للعيش في بغداد، وهناك اصدر جريدة (أ. ب. ت). وكانت تربطه صداقة قوية مع الشخصية الوطنية الوزير سعيد قزاز (1904- 1959) وقد دافع عنه في محكمة المهداوي 1958 وأشاد بوطنية سعيد قزاز. وقد اُعدم سعيد قزاز وقال مقولته الشهيرة: " أنا أعرف أنكم ستصدرون حكم الإعدام عليّ، ولكنني عندما سأصعد المشنقة سأرى تحت قدمي أناسا لا يستحقون الحياة ".
اُنتخب نوئيل رسّام عضوا في مجلس نقابة المحامين وقابل عددا من القادة والزعماء منهم الرئيس جمال عبد الناصر (1918 – 1970).
كما اُعتقل نوئيل رسّام سنة 1974 وحوكم أمام محكمة الثورة بحجة معاداة النظام، وبعد أن اطلق سراحه ظل في بغداد، ولكن إثر وفاة زوجته التحق بأولاده في أمريكا سنة 1991، وتفرغ للقراءة وكتابة مذكراته وتوفي سنة 2001.
كتب نوئيل ميخائيل رسّام كتاب إلى ولده غسان رسّام، وهو يقضي فترة حكمه في السجن بالبصرة والعمارة (1941-1943) حين اعتقل لتأييده ثورة مايس عام 1941 والمعروفة ب( حركة رشيد عالي الكيلاني). وقد صدر الكتاب عن مطابع (دار الأديب) بعمان - الأردن 2017 بعنوان: (سجناء الفكر في العراق الحديث .. أوراق نوئيل رسّام من خلف قضبان الحكم الملكي)، والكتاب من تحقيق وتقديم وديع شامخ. ويضم الكتاب (19) رسالة بدأ بكتابتها نوئيل رسّام إلى ولده غسان بعد أربعة ايام من اعتقاله، حيث كانت الرسالة الاولى مؤرخة بتاريخ 15 حزيران 1941 وآخر رسالة في 11 تشرين الثاني سنة 1943. وقد خصَّت السيدة شميم رسّام المؤرخ المعروف الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف بنسخة من كتاب المرحوم والدها.
يقول الدكتور العلاف: "ولم تكن تلك الرسائل رسائل شخصية عائلية بقدر ما كانت تعبيرا عن آراء وافكار المناضل القابع وراء جدران السجن، كانت درسا .. وكانت رسالة.. وكانت تجربة حرص الوالد على أن ينقلها إلى ولده وهو يواجه الأيام والليالي القاسية".
الإعلامية المتألقة شميم رسّام:
المذيعة العراقية (شميم نوئيل رسّام) من مواليد مدينة الموصل، وهي من مواليد 1945 وكانت عائلتها تسكن بالقرب من الباب الجانبي لمتحف الموصل حاليا، بالتحديد في البيت الذي صار فيما بعد مقر لفرقة الرواد للتمثيل.
لقد كانت دراسة شميم رسّام الابتدائية بمدرسة (الأمير عبدالاله النموذجية)؛ (الفتوة النوذجية) حاليا؛ والتي كانت في محلة الثلمي في دار المرحوم آصف افندي العمري قرب القنصلية البريطانية أيام مديرتها المؤسسة الست خديجة فتح الله الخالدي (1912-1996). وتشهد لشميم رسّام بعض زميلاتها في تلك المدرسة بطيبة القلب ونبوغها باللغة الإنكليزية منذ نعومة أضفارها. وقد انتقلت مع عائلتها إلى بغداد فيما بعد.
وشميم رسّام هي أول مذيعة باللغة الإنكليزية في إذاعة بغداد. عُينِّت عام 1973, وأصبحت عام 2003 أول امرأه تتبوأ منصب مديرة للراديو والتلفزيون في العالم العربي. وكانت تُقدم أيضا الأغاني والمقطوعات الغربية من إذاعة الاف أم FM التي تنطلق من بغداد.
لقد كانت السيدة شميم رسّام فلتة زمانها وسيدة فاعله ومبدعة في مجال عملها، وكان لها برنامج ممتع جدا وهادف يُعرض في تلفزيون بغداد نهاية السبعينات وقد استمر حتى الثمانينات وعنوانه (زوايا الكاميرا) أو (3 في 3)، حيث كانت تختار في كل حلقة منه ثلاث موقف (ظواهر) سلبية في المجتمع وثلاثة تداعيات (احتمالات) يؤول اليها؛ ويتم عرضها بمشهد تمثيلي. وبعد العرض تناقش السيدة شميم رسّام الجوانب السلبية في تلك الظاهرة وتأثيرها على المجتمع. ثم قدمت برنامج (الصدمة) وهو جزء من ذلك البرنامج الذي سبقه بأربعين سنه.
أنشأت شميم رسّام دارا للأزياء العراقية وكانت مديرة له، وكان لذلك الدار نشاط وعروض في بعض بلدان العالم. كما كانت تعمل في فندق الشيراتون في بغداد في الثمانينيات كمديرة للتسويق، وكانت نشطة ومبدعة وحريصة في عملها. كما شغلت منصب مدير هيئة الإعلام بعد سنة 2003 لفتره وجيزة.
غادرت شميم رسّام العراق عام 1990 للعمل في وسائل إعلام عربية في الولايات المتحدة، ثم عملت مشرفة على قناة الحرة العراق في بغداد بعد الاحتلال الأمريكي.
تزوجت شميم رسّام من المخرج المصري الراحل إبراهيم عبدالجليل الذي جاء إلى العراق في بداية السبعينيات وأستقر فيه، وقدَّم للدراما العراقية أجمل المسلسلات التي بقيت في ذاكرة العراقيين اهمها (الذئب وعيون المدينة) و(النسر وعيون المدينة)، كما اخرج للسينما العراقية الفلم الكوميدي (فائق يتزوج).
https://www.youtube.com/watch?v=GDlsKvA9Ick
489 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع