بقلم : إبراهيم الولي*
نعوم شومسكي
Noam Chomsky
هذا الفيلسوف السياسي ، عالم اللغويات الأكاديمي شومسكي.
هذا الذي شغل العالم بنظرياته وأفكاره التحررية، التي لاقت إعجابا واسعا في العالم، كما جوبهت برفض من بلاده الولايات المتحدة الأمريكية ومن اسرائيل، مع أنه يهودي وليس صهيونيا
ولد شومسكي في بنسلفانيا الامريكية في 7/12/1928
فهو يكبرني بعامٍ واحد، فأنا أرى فيه رفيق عمرٍ ولو عن بعد، فكلانا عاصر آثار حربين عالميتين وتقلبات في السياسات الدولية على محيط العالم..
هو انشغل بالتدريس في MIT
وأنا بالدبلوماسية في خدمتي بلدي العراق، فأنا أراني أفهم أفكار هذا الرجل واحترمه وأعجب به، ولقد استعرت بعض أفكاره في كتابي ( اسقاطات السياسات الدولية على الشرق الأوسط..) في فصلين، الأول حديثي عن الدولة الفاشلة، وقد كان هو أصدر كتابا عن الدولة الفاشلة، والثاني حديثي عن الشرق الأوسط إلى أين!
فقد عرضت بإيجاز استراتيجيات شومسكي العشر للتحكم بالشعوب، وسآتي على تفصيلها في هذه المقالة فهو يلخص فيها فلسفته السياسية باسلوب ساخر لكنه توجيهي ،
فاما عن الدول الفاشلة فانا قلت انها الدولة التي لا تحمي حدودها لكي تحفظ سيادتها و هي لا تحقق العدل و الانصاف لشعبها
و لا تحكم بالشفافية و النزاهة و الحوكمة الرشيدة ، هذا ما رايت في توصيف الدولة الفاشلة ، على اني اجد الفيلسوف شومسكي يمضي معي بهذا التوصيف بداية لكنه يزيد عليه بان يعكس الاية بحيث يرى في بلاده الولايات المتحدة الامريكية ، بالادلة انها هي الفاشلة الى جانب إفشالها الاخرين ، كيف ذلك ! يقول ؛ ان الفشل يكمن في عدم القدرة او حتى عدم الرغبة في حماية مواطنيها من العنف و النزعة الى إعتبار نفسها فوق القانون ، محلياً كان ام دولياً . و بالتالي إطلاق يدها في ممارسة العنف و ارتكاب العدوان، و حتى اذا ما كانت تملك اشكالاً ديمقراطية ، إلا انها تعاني من عجز ديقراطي خطير يجرد مؤسساتها الديمقراطية الرسمية من اي جوهر حقيقي ، لهذا يرى شومسكي في تعدي الولايات المتحدة على الغير بحسب مفهومها القاضي بالتظر الى الامور من ناحية منفعتها للولايات المتحدة فحسب ، فهي ربما نظرت الى البشر على انهم قسمين ؛ الامريكيين و بقية العالم ، فهي تعفي نفسها من المبادئ الاساسية للنظام الدولي الذي اضطلعت هي بدور اساسي و رئيسي في صياغته و سنّه قانونيا .
سُمي شومسكي أبو اللغويات الحديثة ، فذلك هو تخصصه الأكاديمي في معهد ماساشوستس التكنولوجي، وفي أهم الجامعات الأمريكية عدا جامعات عبر العالم ، وقد ألف في اللغويات العديد في فلسفة اللغه ( هناك مُلحق بأسماء بعض كتبه) غير أن ما يهمني التركيز عليه في كتبه التي قاربت المائة، هو ما تعلق بالسياسة والعلاقات الدولية كما يراها.
فإن استعرضت بعض حِكَمُه، فأجده يقول في فلسفته السياسية:
• لايوجد شيء اسمه بلد فقير، يوجد فقط نِظام فاشل في إدارة موارد الدولة.
• لم يعد الإحتلال السافر ضروريا، فقد برزت وسائل حديثة مثل صندوق النقد الدولي
• و البنك الدولي
• ستفعل الولايات المتحدة الأمريكية كل مافي وسعها لمنع ديمقراطية حقيقية في العالم العربي.
• إذا لم تكن تؤمن بحرية التعبير لمن تبغضهم، فإذن أنت لا تؤمن بها نهائياً.
• عن الديمقراطية الأمريكية يقول: إنها أفضل نظام سياسي تستطيع أن تشتريه بنقودك.
• يدعو في محاضراته إلى قيام دولة في الشرق ، تكون لليهود والعرب، لكن السياسة الواقعية حملته إلى حل الدولتين بشرط تساويهما في الحقوق والواجبات.
• يقول إن دور الولايات المتحدة الأمريكية الذي أعقب رحلات كولومبس،501 استمر حتى الآن في امتداد الإخضاع والفتح عبر السنين، كما هي الحال مع هايتي وكوبا وأندونيسيا.
• يصف سياسة بلاده الخارجية بـأنها تقوم على أساس إقامة مجتمعات دولية منفتحة، تكون الولايات المتحدة مسيطرة عليها سياسيا وإقتصادياً ، حيث يزدهر العمل التجاري، وهي تسعى لكبت أيه حركات ضد المصالح الأمريكية والتثبت من وجود حكومات صديقة لها على رأس السلطة.
• يعتقد شومسكي أن الأفعال التاريخية المدانة المتمثلة بعمليات تجرى خارج الولايات المتحدة وبريطانيا ، اللتين تتقنعانِ بحقوق الإنسان لتبييض طبيعتها وبأنها انما تقصد إقامة الديمقراطية ، حتى كما كانت قديما لنشر المسيحية ، فهو أمر يدعو إلى تصحيح تلك الأفعال التي أشهرها ما قامت به الإمبراطورية البريطانية في الهند وأفريقيا وكذلك أفعال الولايات المتحدة في فيتنام والفلبين وأمريكا اللاتينية وفي الشرق الأوسط.
• وهو يركز على موقف بلاده الذي عاصره طيلة حياته، المتمثل بالسيطرة على العالم وسببه نظام نقاباتها الديموقراطي الليبرالي الذي يسمح للمواطنين بالتأثير على سياسة الحكومة.
• انتقد بشدة حرب 2003 على العراق منددا ببلاده .و اسهب في ذكر اخطاء القوات الامريكية التي احتلت العراق منددا بما و قع للفلوجة من خروج حتى على قوانين الحرب او اتفاقات جنيف .
• ينتقد شومسكي سياسة بلاده حيال النزاع الفلسطيني الإسرائيلي الذي أغلقت بابه بإصرار في وجه اية تسوية سلمية ، وقد زار غزه عند حصارها ويقول ؛ إن اسرائيل تستخدم طائرات الهجوم وبوارج لتقصف مخيمات لاجئين مزدحمة ومدارس وعمارات سكنية وجوامع وأحياء فقيرة، مهاجمة شعب فلسطين الذي لا يملك قوة جدية أو تجربة أو حتى دفاع جوي أو اسلحة ثقيلة ولا مدفيه او عربات مدرعة ، وهم بلاقيادة ولا جيش، فهم يسمون ذلك حرباً، إنها ليست حربا بل هي قتل Murder وقد منع من دخول اسرائيل عام 2010.
• وعن الانتخابات يقول: للاسف الشديد ، لايمكن التخلص من الأوغاد عن طريق الإنتخابات ، لأننا لم ننتخبهم أصلاً.
• فأن استقرأنا أقوال شومسكي التي تمثل حبه وتمسكه بالحرية، له ولغيره ، والدفاع عنها لحد الهوس، فهو يجاهر بمحاربة التعسف والظلم حيثما كان، فتراه تارةً في فيتنام يحاضر في جامعة هانوي: وأخرى يقدح أندونيسيا على قضية تيمور الشرقية ، وتراه ينتقد بشدة بعض النظم في الشرق الأوسط مندداً بعدوانها على حقوق الإنسان في بلدانها، ثم تجده في جواتيمالا لشد عضد الثوار على الظلم.. وحتى الغرب لم يسلم من تعنيفه.
• بعد ما تقدم سأنتقل إلى خلاصة فكر شومسكي الفلسفي والواقعي الساخر من الحكام من خلال ستراتيجياته العشر التي تُعرّي العديد العديد من حكام دول العالم الثالث ؛ المفعول بهم تحت وطأة اولئك الذين يمسِّكون بعصم الآخرين ، فهم الفاعلون في الفضاء العالمي الذي نراه ونلمسه و نعيشه.
هذه الستراتيجيات سميت ( أسلحة كاتمة لحروب هادئة).
ستراتيجيات شومسكي العشر:
سيرى القارئ معي مما تقدم من أفكار وكتب شومسكي حماسه الشديد للحرية وأدواتها ، ليس للافراد حسب، بل بالنسبة للشعوب، فهو يصطف في السياسة مع النقابية الفوضوية Anarcho syndicalism وفي ذات الوقت فهو من الأحرار الإشتراكيين… التي يرى فيها حرية الفكر والعمل وأنها تشبع الحاجات الإنسانية ، وهو يرى أن السياسة تقع خارج حدود العلم، ومع هذا فهو يخضع المجتمع المثالي إلى حقائق تجريبية empirical ونظريات مبررة تجريبية،كما يرى أن السياسة تقع تحت سيطرة وسائل الإعلام التي تشوّه الحقائق وتكبت الأصوات مسخّرة مراكز البحث والإعلان لتصريف دعايتها، وهو يدعوها _____Corporatocracy .
يقول شومسكي بكتابه ( غريزة الحرية ، مقالات في الفلسفة والفوضوية والطبيعة البشرية ) يقول: إذا افترضت أنه ليس هناك أمل فأنت تضمن أنه لن يكون هناك أمل، أما اذا افترضت أن هناك غريزة للحرية، وأن هناك فرص لتغيير الأشياء ، إذا فهناك إمكانية ، و بمقدورك المساهمة في جعل العالم أفضل.
• يقول ادوارد سعيد الفيلسوف الإجتماعي العربي عن شومسكي: أنه أحد أعظم المتحدّين للسلطة الظالمة وللخداع والوهم..
في ما يلي الستراتيجيات العشر
( أسلحة كاتمة لحروب هادئة) حرصت على ذكرها باللغتين لفائدة القارئ الكريم الذي أرجوه أن يقارب بينها وبين الأحوال السياسية
السائدة في منطقتنا ، العربية و الاسلامية سواء بسواء ؛
• ستراتيجية الإلهاء Distraction
• تحويل انتباه الرأي العام عن المشاكل الهامة والتطورات الجارية في البلد عبر وسائل تافهة ملحّة متكررة فهي تشتت أفكار الشعب حتى تجعله مشغولا دوما بأشياء لا تنفع بل تضر ،
• ابتكار المشاكل وهي تُدعى ( مشكل- ردة فعل- حل) Create problem then offer solution
• إثارة مشكلة ترهق الشعب فيلجأ للحكومة للمعاونة في حلها.
• التدرّج Gradual strategy تطبيق الحلول لمشاكل الشعب تدريجيا وليس دفعة واحدة لكي يظل الشعب في حالة ترقب وتطلع إلى نتائج ربما تأتي بعد فترة طويلة.
• المؤجّل deferring
• وهي طريقة تفرض حلولا لمشاكل غير مقبولة في زمن ما بحيث يصار إلى تأجيل حلها ريثما يبدأ الشعب في تقبلها، بإعتبار ان الغد ربما سيكون أفضل.
• مخاطبة الرأي العام كاطفال صغار Like a little child ، تخاطب الجمهور بإسلوب طفولي وربما فيه نوع من التخلف العقلي .
• العاطفة بدل الفكر ، emotional more reflection تستعمل للتحليل المنطقي للأمور فيغيب الحس النقدي تبعا لذلك، بينما يكون استعمال المفردات العاطفي يمررها إلى اللاوعي حتى يتم ترسيخها بأفكار ومخاوف أو سلوكيات _.
• إغراق الجمهور في حالة جهل وحماقة Ignorance & mediocrity تقوم على ان يكون التعليم للطبقات السفلى في المجتمع من نوعية أفقر بما يخلق هوّةً تعزل الطبقات السفلى عن العليا في المجمتع.
• تشجيع الشعب على استحسان الرداءة وتشجيعه بأن يقتنع بأن من الرائع أن يكون غبياً وجاهلاً وهمجياً.Be complacent with mediocrity .
• تعويض التمرد بالإحساس بالذنب _Self-blame / حمل الأفراد على أن يكونوا مسؤولون عن تعاستهم بسبب نقص في ذكائهم وقدراتهم على الفعل ، فذلك يعوض عن الثورة على النظم الإقتصادية إذ يشعر الفرد بالذنب فيكون مكتئبا منغلقا فتنتفي فكرة الثورة.
• معرفة الأفراد باكثر من معرفتهم بانفسهم Know individuals more than knowing themselves أصبح النظام بفعل التطورات العلمية والتكنولوجية يسبر غور النفس البشرية ، فيعرف الأفراد في باطنهم بأكثر ما يمكنهم الوصول إليه بأنفسهم بسبب تخلفهم في العلوم والتكنولوجيا.
بعض أهم كتب شومسكي:
• الليبرالية المتوحشة.
• الدول الفاشلة ، إساءة استخدام القوة والتعدى على الديمقراطية
• العالم إلى أين! حول السياسات الدولية وقضايا اللاجئين.
• هيمنة الإعلام.
• من يحكم العالم.!
• 501 ، الغزو مستمر ( أيام كولومبس)
• الهيمنة أم البقاء. السعي الأمريكي للسيطرة على العالم
• أوهام الشرق الأوسط.
• الدول المارقة.
• النظام العالمي القديم والجديد
• طموحات امبريالية.
• قراصنة وأباطرة.
• الربح مقدما على الشعب.
• ( وفي اللغويات، علم اللغة)
• اللغة ومشكلات المعرفة.
• آفاق جديدة في دراسة اللغة والعقل.
• اللغة والعقل.
• الأعراب، التركيب المنطفي لنظرية اللغة.Synctatic structures
• علم القواعد التحويلية Transformational grammer_____
• علم دلالات الألفاظ وتطورها. Semantics & sentax
• اللغة ومشكلات المعرفة.
*سفير عراقي سابق
353 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع